حين يقرر رئيس السلطة الفلسطينية وأمام معهد بروكنجز في واشنطن بأن حل الدولتين على الأرض الفلسطينية بدأ يتلاشى ، و من ثم ربط تصريحه ذاك بحق اليهود في فلسطين قبل ان يعترف حكام إسرائيل بحق الفلسطينيين العيش على أرضهم ، فأن الرئيس عباس لم يقل لأحد ما هو الخيار القادم أمام السلطة في استرداد حقوق الشعب الفلسطيني هذا ان تبقى لهم حقوق بعد إلغاء حق العودة او التعويض او المقدسات ، وهو لم ولن يتحدث ابدا عن العودة إلى مقاومة الاحتلال بالوسائل المختلفة ، لأنه ينبذ العنف ويرفض ألانتفاضه لكنه يقبل المساهمة بتصفية المنافسين له في غزة حتى لو بلغ الأمر تجويع وقتل مليون ونصف مليون من أبناء شعبه محاصرين في غزة منذ سنوات !
غريب أمر قادتنا ، وعجيب منطلقهم السياسي الذي لم تسجله سابقة في التاريخ ، فالمهزوم والمحتل أرضه يرفض المقاومة !!! ويرفض كل أشكال العنف ضد المحتل القاتل ، بل ويتودد له تودد الحمام للصقر المتحفز للانقضاض عليه والمبرمج أصلا لالتهامه حين تسنح ألفرصه !
حلم الدولتين تلاشى منذ قرون مضت حين أرسل صلاح الدين الأيوبي طبيبه الخاص لمعالجة قائد الحملة الصليبية رتشارد قلب الأسد القادم لاحتلال أرضنا وتدمير مقدساتنا . حلم الدولتين تلاشى حين رقص الرئيس الأمريكي بوش رقصة العارضة في مهرجان الجنادرية مباشرة بعد تدمير العراق واحتلاله ببضعة أيام !
لا غرابة إذا ، ولا جديد في تصريح رئيس السلطة هنا ، فالنتيجة معروفة منذ قرون وليس عقود ، ولا ينبغي لمن يعرف الحالة التي وصل إليها العرب أن يطالب بانتهاج منهج المقاومة كوسيلة لاسترداد الحقوق العربية في فلسطين أو إي ارض عربية محتلة من قبل جيراننا من غير العرب أو حتى من العرب أنفسهم ، منذ حادثة صلاح الدين ونحن نعيش حالة من فوضى التسامح والكرم مهدت لقوات رتشارد إعادة احتلال بلادنا ومقدساتنا ومارس الصليبيون تسليتهم المعهودة باصطياد وقتل الفلاحين في أرضهم بالنبال كلما أرادوا التسلية، فأخذت علينا شعوب العالم \" روح التسامح \" وطمعت في بلادنا وأدركت ان الكرم والجود والتهليل \" بالضيوف \" فرصة للانقضاض علينا وانتهاك بلادنا .
حلم الدولتين تلاشى منذ ان علقنا الأمل على الأمم المتحدة وقرارات المنظمات الدولية لاسترداد حقوقنا ، وتلاشى نهائيا حين أقرت منظمة التحرير بحق إسرائيل بالوجود بعد إعلان ما سمي ببرنامج المنظمة المرحلي عام 1974 الذي مهد لتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل شملت معظم ما كان يعرف بدول الصمود والتصدي !!
لا حل نهائي إلا بدولة قومية لليهود غرب النهر ، ودولة أردنية فلسطينية شرق النهر ، وما يقال او يعلن عكس ذلك ما هو إلا ذر للرماد في العيون لم يحن الوقت المناسب للاعتراف به ، العالم كله يعترف بهزيمتنا في المعركة ، وتعترف كذلك جماهيرنا بتلك الهزيمة بل وتدركها إدراكا حسيا وموضوعيا ، فلماذا يحاولون تجريعنا الاعتراف بالهزيمة قطرة قطره ، ولماذا ينكرون ضعفهم واستسلامهم لواقع لا حول لهم فيه ولا قوة !
الرئيس الفلسطيني هو الأقدر هنا على قول الحقيقة ، اليوم يتلاشى حلم الدولتين ، وغدا يتلاشى حلم العيش المشترك مع اليهود ، وبعد غد لا حل إلا بالرحيل عن البلاد ما دمنا نعترف بحقهم المقدس في فلسطين !
تطور غريب عجيب و متسارع يجري هذه الأيام ، كانوا سابقا يتقنون تبرير مصافحة احد ساستنا لمسئول إسرائيلي بالمصادفة ، وكانت الدنيا تقوم ولا تقعد لتلك \" الجريمة \" ، واليوم نعترف بحقهم في الأرض وفي العيش وحيدين دون مشاركه احد من أصحاب الأرض معهم ، نؤمن بدولتهم القومية اليهودية ونعمل على تأمين راحتها وأمنها واستقرارها على حساب الأرض والإنسان الفلسطيني ، نقرع معهم كؤوس الشراب كلما اقتلعوا شجرة زيتون من حقل فلاح فلسطيني ! نحاول نحن لا غيرنا تجنيبهم الحرج من أفعالهم وتصريحاتهم المعادية للأمة ، نحاول ان نفسر على غير هدى ما يعترفون به خشية إحراجهم من ردات فعل مطالبون بها للرد عليهم ! تحدثوا عن وطن بديل للفلسطينيين على ارض الأردن وقال ساستنا إنها أباطيل اليمين الإسرائيلي !! تحدثوا عن مستعمرات وتوسع وأوطان بديله فقال ساستنا إنها نزوات شخصية غير رسميه !
علينا أن \" نبط \" الدمل ونخرج عصارته التي تزيد جرحنا ألما ، علينا الاعتراف بالهزيمة السياسية في كل محفل ، وعلى الساسة التصريح وليس التلميح بعدم فعالية وجدوى المعارك السياسية في المحافل الدولية ، إذ إننا دوما نهزم هناك لاننا هزمنا هنا ، ولا عون او صديق او متعاطف يلقي لنا اهتمام إذا كان الأمر يتعلق بإدانة إسرائيل أو المس بها ، ولم ننتصر حتى في أي معركة سياسية على ارض المنظمات الدولية رغم الجرائم و المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعوب العربية وحتى بحق منظمات وشخصيات دولية !
\" فالشيطان الأكبر \" موجود لنصرة إسرائيل ولا يعنيه من العرب سوى ما يزيد من استثماراته وجشعه !