غاندي ابو شرار
\" هذا المقال غير موجه ضد شريحة معينة و يستند طرحه على واقع الشارع الاردني \"
يعيش المواطن الاردني في وضع متقلب المزاج على الدوام و ربما ذلك عائد الى الضغط النفسي الذي يتعرض له في حياته اليومية و هذا ليس غريبا مع صدور احصائية غير رسمية خلال العام 2009 افادت بان 80% من سكان الاردن يعانون من ازمة نفسية و الغريب في الامر ان اغلب مواطني الدول العربية تحسد المواطن الاردني على ما يحظى به من حقوق و حريات و استقرار عام و اذا ما اضفنا راي الدول غير العربية الذي يعتبر الاردن من اكثر الدول العربية استقرار و امانا فاننا نقف على حقيقة ملموسة مفادها ان الخلل يكمن في المواطن الاردني نفسه .
فمنذ عقد من الزمن و البلاد تتجه نحو الحداثة المدنية و العلمية و التكنولوجية قاطعة اشواطا سباقة في تنمية المجتمع اضفت نتائج ايجابية على اسلوب حياة المواطن الاردني و يتلمسها يوميا الا ان طغيان الاعباء الاقتصادية على كاهل المواطن و تاثيرها على اتخاذه موقف محايد تجاه الواقع من جهة و مع جهل المواطن الاردني بواقع اقرانه العرب و ما وصلوا اليه من حقوق و حريات و استقرار و اذا ما اضفنا السقف اللامحدود من مطالب المواطن الاردني للحقوق و الحريات بسبب عدم معرفته بماهية الحد الاعلى و الادنى للمسئوليات و التزاماتها , كل ذلك جعل المواطن الاردني ينظر نظرة اجحاف الى قيمة و مكانة الاردن .
استوقفتني مقالة الكترونية منسوبة الى رئيس اللجنة الوطنية لاحياء نقابة المعلمين مفادها لجوء اللجنة الى المنظمات الدولية من اجل الضغط على الحكومة الاردنية في سبيل دفعها للموافقة على احياء النقابة . و بعيدا عن راينا في اهمية وجود و دور النقابة من عدمه فاننا نقف امام سلوك غير منطقي من الاخوة في اللجنة و يتمثل بالاستعانة باطراف خارجية لاتباع سياسة الضغط لتحقيق المطالب .
لقد غاب عن بال اخواننا في اللجنة و من على شاكلتهم ان الاردن قوي بوحدة شعبه و ان نقطة ضعفه تكمن في نقطة قوته و ان ما سار اليه الاخوة و اقرانهم انما هو خرق لوحدة المجتمع و تاليب للراي و تعسف في استخدام الحق و ان غاية الحق اختلفت هنا كل الاختلاف في الطرق القانونية لاقراره .
فلن تكون المنظمات الدولية باي حال من الاحوال احرص من صناع القرار المحليين على تفهم حاجة المعلمين او اي فئة اخرى من المجتمع و لو وجدت اللجنة منفذا لاقناع الحكومة بان النقابة المطالب بإحيائها لن تسيس و لن تشل البلاد فيما لو قرر مسيسوها يوما ما ان يبدؤا اضرابا مفتوحا عن العمل و ان النقابة لن تكون ساحة عراك بين الاسلاميين و اللبراليين و ان دورها سيكون مقتصرا فقط على حماية حقوق المعلم و حماية النظام التعليمي فاني اعتقد جازما بان الحكومة لن تمانع من تاسيس النقابة مع وجود عشرات النقابات الاخرى .
و مما لاشك فيه ان الحكومة اخطات في توضيح اسباب ممانعتها الحقيقة لانشاء النقابة و لو اجادت ذلك بشكل صحيح لاستطاعت ان تستميل راي المعلمين لان المعلم سيختار افضل الاسواين (عدم مطالبة بنقابة مسيسة افضل من وجود نقابة مسيسة).
و لا يساورني شك ان وجود نقابة للمعلمين يقوده فكر سياسي حالي سيكون قادرا بسهولة على شل البلاد بل و على اسقاط اي حكومة بمجرد اعلان اضراب مفتوح عن التدريس لمدة يومين .
و المتتبع لتبعيات قضية المعلمين يجد ان الحكومة و في سبيل تلطيف الاجواء و تخفيف حدة الاحتقان مع المعلمين بادرت و من خلال وزارة التربية و التعليم الى طرح مبادرة غريبة من نوعها متمثلة بتغيير الزي المدرسي حسب رغبة الطلبة ؟؟!! فهل هذا ما يصبو اليه معلمينا خصوصا اذا ما علمنا ان رغبة اغلب الطالبات تكمن في ارتداء زي مدرسي يظهر البطن .
كثيرة هي شكاوي و مطالب المواطنين و هي و ان كانت صحيحة في اغلبها الا ان تفتقد الى اختيار الوقت المناسب و الظرف المناسب للطرح و تخطىْ في احيان كثيرة في اختيار وسيلة المطالبة و التشاكي غير اخذة بعين الاعتبار واقع و ظروف الوطن و مقدراته و امكانياته .. نطلب منه المستحيل دون توجيه الشكر .
لن ندرك القيمة الحقيقية لما ننعم به من امان واستقرار ما دمنا غير فاقدين لهما و لن نعكس الواقع حتى نقول هانحن ندرك الان .. فالكثير من الحريات و الحقوق اللامسئولة سيضر بنا لا محالة و سيحول استقرارنا المنشود الى جحيم حقيقي لسببين بسيطين . اما اولهما فهو لطغيان مصطلح الأنا و هذا ما سبب عدم استقرار المجتمعات العربية المحيطة و اما الثاني فلانعدام اساليب ممارسة الحقوق و الحريات الصحيحة لقرون من الزمن و من الفداحة ان ناخذ جرعات زائدة من الحقوق و الحريات بدون مراحل و بدون استتباب لها .
نعم . لن يدرك المواطن قيمة ما ينعم به من استقرار الا اذا جرب ان يعيش واقع لبنان الشقيق و لن يدرك قيمة حرية الراي و التعبير الا اذا جرب ان يعيش في واقع ايران و لن يدرك قيمة حرية استخدام الانترنت الا اذا جرب ان يعيش واقع تونس الشقيقة و لن يدرك قيمة الحياة الا اذا جرب ان يعيش واقع العراق الشقيق و لن يدرك قيمة الاعلام المسئول الا اذا جرب ان يعيش واقع اليمن الشقيق و لن يدرك التحسن الملحوظ في معملة السجناء الا اذا جرب ان يدخل سجون مصر الشقيقة و لن يدرك قيمة ما وصل اليه من تعليم الا جرب ان يعيش واقع الصومال الشقيق و لن يدرك قيمة ما وصلت اليه المراة من حقوق الا اذا جرب ان يطلع على واقع المراة السعودية .
لن ندعي اننا الافضل و اننا وصلنا الى ما وصلت اليه الامم الاخرى من تمدن و من مستوى حقوق و حريات و لكننا نفخر بان صنعنا وطننا بما وصل اليه في منطقة اقرب ما تكون هي الجحيم و صمد وسط منطقة دارت في رحاها اكثر من عشرين حربا اقليمية و اهلية . افلا يستحق هذا الوطن كلمة شكر .
لقد سمعت كلمة الشكر من عرب و اجانب مقيمين في الاردن و لكني لا اسمعها كثيرا من المواطنين و يظهر لنا الواقع ان الانتماء و الولاء الحقيقين ليسا مرتبطين بالاصل و العرق و لا بالكلام المعسول و لا بما صنع والدي و جدي .. الولاء و الانتماء الحقيقين معيارهما ما تقدم لوطنك و ما تعمل من اجل المحافظة عليه .
غاندي ابو شرار 17/06/2010 www.gandy-ghrorg.blogspt.com