تعامل الحكومة مع الشعب من أجل رفع أسعار البنزين لم يكن موفقا مطلقاً. ولا أدري من هو المستشار الفصيح الذي أوعز إلى رئيس الحكومة بإخراج هذه المسرحية الكوميدية! فمن المؤكد - وهذا ما يعرفه رئيس الحكومة جيداً- أن الشعب يعلم بعد هذه السنوات من المعاناة مع الضرائب ، ماذا تعني ضريبة على المشتقات النفطية، وما الذي سيحصل بعد أيام فقط من رفعها لما لها من تأثير مباشر على أسعار جميع السلع الأخرى.. وأن حكاية تنزيل الأسعار في نفس الوقت هي افتراض أن الشعب يملك درجات فهم متدنية وهذا ليس واقعاً.
كان يجب على الحكومة - وهذا ما تفعله جميع حكومات العالم المتقدم - وعند القيام بأي زيادة، أن تنزل إلى الشارع لتبين وتشرح للشعب حاجة الدولة إلى فرض الضريبة من ناحية وتثبت له أن الحكومة هي أول الملتزمين بمحاولة دعم ميزانية الوطن. ولكن عندما يسمع الشعب مصروفات الوزراء والرحلات والسيارات الجديدة التي تشتريها الحكومة لمدراء عامين وليس وزراء واستعمالاتها المنزلية واللجان التي يتم تشكيلها بسبب وبدون سبب وزج الأسماء فيها من أجل تحصيل أموال وما يحصل في مشتريات الدولة من أخذ عمولات وكذلك خلق وظائف في المؤسسات الحكومية - المستقلة - برواتب خيالية بعيداً عن نظام الخدمة المدنية!!! كيف سيقبل الشعب بعد كل هذا أي زيادات في أساسيات حياته!!.
لا يجب أن نلوم الشعب عندما يستاء من هذه الزيادات. فقد شبع زيادات الضرائب وجميع الزيادات الأخرى التي عودتنا عليها الحكومات المتعاقبة من أجل سد العجز في الميزانيات. وكان يجب أن تـُدرس هذه الزيادات وتنفذ بشكل أذكى وأفضل. ولو افترضنا جدلاً أننا شكلنا لجنة من أوائل طلاب كليات الاقتصاد من طلاب السنة الأخيرة في الجامعات الأردنية المختلفة، وطلبنا منها أن تضع لنا ميزانية الدولة على أساس من العدل والمساواة للمجتمع الأردني وأن تهدف الموازنة إلى رفع مستواه وازدهاره، لربما وضعتها بشكل أفضل من جميع وزارات المالية في بلدنا....
إن على حكومتنا الرشيدة أن تقنعنا أن هذا هو أفضل الممكن.. فهل لدى الحكومة الوسائل اللازمة لذلك، أم أن هذه هي سياسة الأمر الواقع!!!
د معن سعيد