زاد الاردن الاخباري -
كما العيون وسيلة للتخاطب ولغة للتحاور، فإن للصوت تأثيره على الأفراد سلبا وإيجابا، فالأذن عند الشاعر الضرير بشار بن برد "تعشق قبل العين أحيانا".
وفي حين يعد الصوت وسيلة للتواصل الاجتماعي، إلا أنه في كثير من الأحيان ينفّر المستمع، وهذا حال الموظفة في القطاع العام أمل (37 عاما) التي تضيق من أصوات بعض زملائها في العمل، قائلة "أشعر أن أصواتهم تبعث لي العصبية على اختلاف الموضوع الذي يتحدثون فيه".
وتلفت أمل إلى أن هذا الإحساس لا ينتابها وحدها، بل إن زميلات لها في العمل يشكون من ارتفاع صوت هؤلاء الزملاء وما يسببه ذلك من توتر وإزعاج.
من جانبه، يرى المدير المالي في إحدى المؤسسات غيث العالي (44 عاما) أن "حسن التعامل والسيطرة على نبرة الصوت أو ما يسميها بـ"مهارات الاتصال مع الأفراد"، من أهم المواصفات التي ينبغي توفرها في المديرين".
نبرة الصوت والابتسامة وتعابير الجسد والوجه، جميعها مهارات تساعد على إعطاء انطباع مبدئي للفرد المقابل، بحسب مستشارة ومدربة مهارات الاتصال وفن الخطابة زين غنما، التي تشير إلى أن عديدا من الأفراد يحتاجون إلى صقل مهاراتهم في الاتصال والتعامل مع الآخرين، مؤكدة "أن أي شخص قادر على تطوير مهاراته الخطابية وتنميتها من خلال التدريب، وذلك عند توفر الدافع والحماس والرغبة لدى الشخص".
وفي هذا السياق، تشير غنما إلى أن مهارة التواصل الصوتي مع الآخرين هي "عملية أساسية وضرورية للجميع، فهي مهمة للمدرس الذي يتعامل مع طلابه وللتربوي وحتى للآباء على الصعيدين الشخصي والمهني".
مبرمج اللغة العصبية د. ماهر العربي يوضح أن عديدا من السياسيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال "يتدربون على إيصال المعلومة بصوت وطريقة يأمن من خلالهما ردة الفعل".
وينصح العربي بأن يتكلم المتحدث مع الشخص المقابل بنفس نبرة الصوت، وهذا الأمر يجعل المقابل له يرتاح ويتمكن من سماعه ومحاولة التفكير له باهتمام.
والصوت، وفق غنما، وسيلة للتواصل "الهدف منها أن يفهم الأشخاص بعضهم بعضا، وإساءة استخدام الصوت تقود إلى إساءة التعبير ومن ثم إساءة الفهم بين الأفراد".
وتتابع أن كل حركة أو نظرة أو كلمة تحسب على الشخص وفق طريقة إيصالها، وتشدد على أهمية تنظيم الأفكار بأفضل شكل ممكن، وذلك بالاهتمام أيضا بطبقات الصوت والتحكم بالنفس وتعابير الوجه.
وبخصوص التوتر الناتج عن سماع بعض الأصوات، فتعزوه غنما إلى غياب أو فقدان المهارات اللازمة والضرورية مثل؛ التعبير الصوتي المتنوع الذي يدل على إبداء رأي أو أخذ موقف وغياب الوعي في التحكم بتعبيرات الوجه.
وفي الإطار نفسه، تشدد غنما على أنه "يتوجب على الشخص أن يتحدث بسلاسة وصدق وبقالب فعال ومميز، مع الابتعاد عن الرتابة في الكلام، ليبدو تعبيره عفويا".
وعن نتائج التواصل الصوتي المتناغم، تبين غنما أنه "متى أبدينا للمستقبل اهتمامنا وتحدثنا بنبرة متوافقة مع نبرة صوته، نكون حققنا أول خطوة لتحقيق التواصل الفعال والمطلوب".
"طريقة اللفظ ونبرة الصوت عبارة عن أداة توصيل الأفكار للآخرين، ولتحقيق ذلك يتوجب على الفرد أن ينتقي لغته، والتنقل بين استخدام طبقات صوت مختلفة لأن الحديث بوتيرة واحدة يبعث الملل في نفس المتلقي"، وفق العربي.
وعن طريقة المخاطبة والحديث، ينصح العربي في حال كان الشخص المتحدث إليه في نفس المكان، أن يكون الفرد المتكلِّم أمام من يتحدث إليه ومستوى نظرهما متواز، مضيفا "أن هذا الأمر يعني وعي الشخص بجسمه وحسن استخدامه لحواسه، مما يجعل ثقته بنفسه أكبر".
يذكر أن علم مهارات الاتصال موجود من عصر الإغريق، عن طريق التعبير بالخطابات السياسية، فهو قديم قدم الأزل وتطور كعلم يدرّس في الجامعات.
وأدخل مساق علم مهارات الاتصال وفن العرض في الجامعة الألمانية الأردنية كمساق إجباري، إذ أن أي خريج يقدم مشروعا أو يقابل لوظيفة، يستفيد من هذا المساق في كيفية تقديم نفسه ومشاريعه.
وفي هذا الإطار، يرى اختصاصي علم النفس د. جمال الخطيب أن الصوت أول مدخل لمشاعر الإنسان ضمن حواسه الخمس، لافتا إلى أن الصوت مدخل رئيسي للمعلومات التي تشكل أفكار الفرد وآراءه.
وبخصوص أهمية الصوت، يشدد الخطيب على أنه من العناصر المهمة التي تؤثر سلبا أو إيجابا في المتلقي، مشيرا إلى أن المرأة "أكثر تأثرا بالصوت من الرجل الذي تطغى حاسة النظر عنده على الصوت".
الموسيقى ظاهرة صوتية تسهم بالتأثير على الشخص في صياغة العواطف، وكذلك الصوت البشري، ففي سيمفونية بيتهوفن التاسعة وخصوصا الحركة الرابعة من أعظم الأفعال البشرية لأنها مصاغة بحناجر البشر وليس الأدوات الموسيقية، بحسب الخطيب.
وللصوت فوائد، وفق الخطيب، تتجلى في "تونيس الأشخاص"، فالطفل على سبيل المثال عند سماع صوت والدته يكف عن البكاء.
إضافة إلى أنه عند سماع الشخص لصوت من يحب، فإن الدماغ يفرز الأندورفين، وهي المورفينات الداخلية التي تشعر الإنسان بالراحة.
الغد