الحمد لله رب العالمين ولا عدوان الا على الظالمين ،والصلاة والسلام على النبي العربي الامين ،وعلى آله وأصحابه اجمعين ، ....................................................وبعد :
فما زالت الفوضى في التعدي على الشرع مرة بحسن نية ومرة بسوء نية من قبل بعض من الكتا ب الذين يفتقرون إلى العلم بالاصول الشرعية اللازمة للحكم على الاشياء والاقوال بحسب اقترابها من الحق او بعدها عنه ،.....لكني ولضيق المقام سأدخل في الموضوع مباشرة ، حيث اني قد قرأت على هذا الموقع زاد الاردن مقالا لأحد الكتاب واسمه (عاطف عتمه ) وقد عنون مقاله بعنوان(الاسلام)ويذكر فيه انه قرأ كتابا لكاتب سوداني قال ان اسمه (النيل ابو القرون ) وقد قال مادحا الكاتب (ابا القرون)هذا انه قد اقتحم الموروث وهاجمه، واعتبر ذلك منه جرأة لا مثيل لها ،وقال انه نقض هذا الموروث اعتمادا على كتاب الله وعصمة نبيه والاصح طبعا ان يقول وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،ولكن لم تسعفه سعة علمه بالعلوم الشرعية ان يأتي باللفظ الصحيح ..
وقد ذكر كاتب المقال الكثير من الامور التي انتقدها ابو القرون على حد زعمه وقال بأنه قد جاء برؤية جديدة وانه نفض الغبار عن اربعة عشر قرنا من الامور التي تناقلتها الاجيال وتركها السلف من دون تمحيص ، حتى كان اوان بعث أبي القرون هذا ،فكشف الغمة ، وانار العتمة ،وبلغ في بحثه القمة ، ولم يترك من زاد العلم كسرة من المسائل لمن يبتغي لقمة،....وانا في الحقيقة لم أقرأ كتاب ابي القرون ،ولعل كاتب المقال انما اثبت ما فهمه هو ،من اقوال ابي القرون هذا ،ولدى بحثي عن ابي القرون وكتابه على الشبكة الكترونية وجدت ان الرجل شيعي رافضي يطعن في الصحابةرضوان الله عليهم ويطعن في كتابي البخاري ومسلم رحمهما الله ويطعن في تاريخ الاسلام كما هو حال الروافض دائما ، والحقيقة ان المقال ايضا قد اتخم بالغلط ،وزاد فيه الكاتب من اوهامه وخلط ،فأزال واثبت امورا لها ميزان شرعي توزن به احترازاً من الشطط، ...
ومن يقرأ من طلبة العلم هذا المقال يجد ان الكاتب ليس حتى بطالب علم وهذا واضح من اختلال اللغة ،وتلعثم السياق ،وتبعثر الافكار ،وعدم التفريق بين السنن القدرية والشرعية في فهمه للنصوص ، فضلا عن ايراده نصوصا من الحديث قد اجتزأ بعضها ،وسلخ منطوق بعضها عن مفهومه ،فضلا عن ركاكة الاسلوب ،والاخطاء اللغوية والنحوية التي يموج بها المقال ، ونحن تعلمنا من كتاب الله تعالى ان لا نقْفُ ما ليس لنا به علم ، وذكرنا الله تعالى اننا ما نلفظ من قول الا ولدينا رقيب عتيد ،وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ان الرجل يقول الكلمة لا يلقي لها بالا تهوي به في جهنم سبعين خريفا ، وان كان هذا تدخل فيه كل الاقوال فكيف فيما يتعلق بعلوم الشريعة ومسائل الدين، ...
ولهذا وحتى لا تنطلي شبهة على من قرأ المقال المذكور نقول والله المستعان ، ..اما قول الكاتب ان ابا القرون كان الاكثر جرأة عبر الزمان من خلال اقتحامه للموروث الديني والتاريخي ، فهذا قول باطل ..ونحن لا نعلم طريقة اقتحام ابي القرون الا من خلال توقيع الكاتب وفهمه ، وأكابرعلماء الامة الاصوليون والمحدثون على مر التاريخ قد نشطوا لتنقيح هذا الموروث مما علق به من الاثار والآراء المدسوسة التي الصقها الجهلة وأعداء الاسلام بهذا الدين ،وقد جعل العلماء بهداية الله تعالى لهم قواعد وأصولا يعرفون بها الصحيح والضعيف والموضوع المكذوب من الآثار ،وقد اتفقوا على هذه الاصول الشرعية العملية التي تعرف بما يسمى علم مصطلح الحديث ،وهو علم لم يوجد في الامم السابقة مثله في حسنه واتقانه ، وتناقله السلف خلفا عن سلف حتى انتهى الينا في حلته الزاهية التي يعلو بها هذا الدين ويزهو على كل الاديان ،فما بالنا لا نحسن الا الطعن في ديننا وتاريخنا ، ومما يضحك في مقال هذا الكاتب ان الموروث ما زال ملطخا ومختلطا السقيم منه بالصحيح ، ويهزأ من مقولة لا يفتى ومالك في المدينة ،ويستطرد قائلا فهل يصح ان يقال لا يفتى ونوح او القرضاوي على قيد الحياة ، ويقول هل عقمت النساء ان يلدن الا رجلا واحدا يفتي للأمة ، ونحن نقول ايها الكاتب هل عقمت النساء على طول اربعة عشر قرنا ،فانتظرن حتى انجبت ام ابي القرون لكي يقتحم الموروث ، ثم ما علمك بالرجال يا اخي حتى تقارن الامام مالك امام اهل المدينة صاحب المذهب المعروف الامام الحافظ المحدث الفقيه العَلََمْ،ماعلمك حتى تقارنه بالقرضاوي ونوح ، وهل تعلم يا اخي ان مقولة لا يفتى ومالك في المدينة انما قيلت للمبالغة في مدح الامام ولم يقلها احد لحصر الفتيا فيه ،وانت قد افتريت عندما ادعيت انهم حرموا صدور الفتوى من غيره ،فمن اين لك هذا القول الباطل ،كيف يحرم مالك فتوى غيره وهو الذي رفض أن يجبر الناس على ما في الموطأ من الاجتهادات الفقهية والاصولية التي اثبتها فيه ، يا اخي لا تهزأ من مقولة او عبارة يقولها العلماء في الائمة من العلماء على سبيل المديح ، واعلم ان لحوم العلماء مسمومة وان سنة الله في هتك استار منتقصيهم معلومة ، كيف طاوعتك نفسك ان تشبه مالكا رحمة الله بالقرضاوي ونوح وغيرهما ، ومالك قد شهد له العلماء على مر القرون انه الامام في العلم والفتيا ،فتنبه لما تقول ولا تهول مدائح العلماء ،....
ثم ان الكاتب خلط كلاما يضرب بعضه ادبار بعض فلا تفقه منه شيئا ثم ادعى ان ابا القرون هو من اعطاه هذا الفهم ،وان كان ما قاله صحيحا في نقله عن ابي القرون فانه لا يكون عالما او حتى طالب علم فمثل هذا الكلام لا يصدر من رجل وجد يوما رائحة العلم الشرعي ، فهو ينتقد قول (اختلاف العلماء رحمة ) ويقول على حد زعمه ان هذه المقولة قد احدثت اختلالا في فهم الاحكام الشرعيه فاختلط الحق بالباطل والصحيح بالسقيم ،والمحسن بالمسئ ،وانه لهذا دخلت افكار معادية للعقيدة الصحيحة ،فلم يعرف المؤمن من الكافر (طبعا ليعذرني القارئ فانا اصوغ بعض ما قاله باسلوبي حتى يتسنى لي ولكم فهم ما يريده هذا الكاتب اذ لو اوردت النصوص المضطربة على حالها لما تمكنا من تبيان الخلل فيها ) وهنا اقول .....ايها الكاتب ان الاختلاف بين الناس والعلماء خاصة هو سنة كونية ،أي سنة قدرية واقعة قد جبل الله تعالى الخلق عليها ،لقوله (ولا يزالون مختلفين ) ولقوله (لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ) والتوفيق بين السنة القدرية والسنة الشرعية أي ما اراده الله ورضيه للعباد من الشريعة المعرفة بالوحيين الكتاب والسنة ، اقول ان التوفيق للخروج بمفهوم شرعي صحيح يكون بالجمع بين الادلة في المسألة الواحدة وبعد هذا الجمع يجتهد المجتهد الذي بلغ نصيبا من العلم يؤهله لمثل هذا الاجتهاد ، اقول يجتهد للوصول إلى الحكم الشرعي الذي يغلب ظنه ان الله اراده ، وقد يجتهد مجتهد غيره بناء على الجمع بين الادلة فيخرج بفهم آخر ، لهذا اذا كان كلاهما قد بلغ الوسع في تحري الحكم الشرعي من خلال الجمع بين الادلة واختلفا في اطلاق الحكم على المسألة ،فاحدهما يمنع والآخر يبيح، فان كلاهما مأجور فاما الذي اصاب الحق فله أجران اجر الاجتهاد واجر الاصابة ، واما الذي لم يصب الحق فله اجر الاجتهاد فقط ، ولحساسية هذا المسالة وتشعبها ،فان هناك ما أصبح يسمى بفقه الاختلاف ،وهو ما يجب ان تتعلمه قبل ان تخوض في دين الله تعالى بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، وانصحك لتتعلم خطورة ما اقدمت عليه ان تقرأ كتاب شيخ الاسلام ابن تيمية (رفع الملام عن الأئمة الاعلام ) وسوف يكون فيه غََََناءٌ لك لتعلم شيئا عن فقه الاختلاف ،..واما اجتزاؤك للنصوص واعتراضك عليها فهو الاعجب ، فانت تحتج على حديث (قاضيان في النار وقاض في الجنة ) وهذا الحديث لا يؤخذ هكذا ولو بحثت عن تتمة الحديث لفهمت وما احرجت نفسك واخذت في الاعتراض من غير علم ، ونص الحديث يقول ان هناك قاضيان في النار وقاض في الجنة ،فاما اللذن في النار فقاض لم يعرف الحق فقضى بخلافه ،أي انه قضى من غير علم ،وهذا يدخل فيه كثير ممن يتنطحون للقضاء من شيوخ العشائر الذين يقضون من غير علم ،واما الآخر فقاض عرف الحق وقضى بخلافه فهو في النار ، واما الذي في الجنة فقاض عرف الحق فقضى به ، ...فاين موضع الاحتجاج عندك والحديث من حيث المنطوق واضح الدلالة ،ومن حيث المفهوم لا يحتمل التأويل ، واما قولك لماذا جائت احاديث عن افتراق اليهود والنصارى ،فهو الاعجب ولا ادري فيم احتجاجك اتحتج على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم قال هذا الحديث ، هذا حديث صحيح يا اخ عتمة ، وهو يبين سنة قدرية في افتراق اهل هذه الملة كما افترقت الملل من قبلها ،وهذا قد تبين صدقه فصدقه الواقع فزاد في صحته ففيم اعتراضك ، لا أدري ..الا ليتني كنت اناقش طالب علم فاعرف من اين يبدأ هو والى اين انتهي انا ، والعجيب قول هذا الكاتب متسائلا وكأنه ليس بمسلم او قد اسلم اليوم ، هل جاء الاسلام ليلغي الديانات السابقة ويكفر اصحابها ، ولا أدري هل مر هذا الكاتب في حياته على كتاب الله تعالى ، هل من المعقول انه لم يسمع او يقرأ قوله تعالى (ان الدين عند الله الاسلام ) وهل من المعقول انه لم يسمع ما هو اوضح في قوله تعالى ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) وهل من المعقول انه لم يسمع قوله تعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) ..
لماذا لم يسأل اهل العلم عندما لم يعلم بدلا من ان يسلط اهوائه على النصوص ،ثم يحتج ان ينتشر الاسلام بالسيف ، ويقول انه لا اكراه في الدين ، فهل علم هذا الكاتب ان المسلمين لم يجبروا احدا في كل فتوحاتهم على اعتناق الاسلام ، وان من بقي على دينه من غير عباد الاثان فانهم كانوا يتركونه ولا يجبرونه على شئ ، هل وجد هذا الكاتب في تاريخ الاسلام ما يشبه محاكم التفتيش التي اجبرت امة من المسلمين على ترك الاسلام من خلال التنكيل بهم وتقتيل اكثرهم ومن ثم اجبارهم على اعتناق النصرانية كما حدث في الاندلس ، وختاما اقول ..فاني قد مللت من هذا الاسفاف الذي تمتلئ به كثير من المقالات المنثورة هنا وهناك ،ثم لا يجترئ أصحابها الا على هذا الدين العظيم دين رب العالمين دين التوحيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، هذا الدين الذي ثبت صدقه واعجازه ،هذا الدين القويم دين رب العالمين الذي تهون في سبيله المهج والارواح ، هذا الدين الذي يشرف من يحمله ،ويعلو من ينسب اليه ، هذا الدين الذي انزله الله تعالى للناس كافة ، لماذا لا يجترئ من يجترئ من البغاث الا على هذا الدين ، لماذا لا يحسن الرويبضة الا ان يخوضوا فيه ، لماذا لا يجرؤ متخرص جاهل ان يخوض في علوم الطب فيصحح ما يريد منها ويكذب ما يريد ، الأنه يعلم ان ثمة طبيب قد ينبري له فيبين جهله ،ويصغره امام العالمين ، اذن فليعلم كل مجترئ على دين الله من الرويبضة ممن يخوضون فيه بغير علم ، ان الله تعالى قد انبت من هذه الامة زرعا من طلبة العلم الغيورين على دينهم ، وانهم خدام دين الله ينفون عنه انتحال المبطلين وتحريف الغالين ، وان الله ناصر دينه ومظهره على الدين كله ،شاء من شاء وابى من ابى وان طال الزمان ،وكثر الرويبضة والمتنطعون ، ..والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون .....................وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين