نشر موقعا ( عمون والمستقبل العربي ) بتاريخ 14/6/2010 م خبرا يتعلق بجلسة حوارية عقدت في مقر حزب الرفاه ، وتحدث خلالها الوزير السابق سمير الحباشنة عن رؤيته حيال العديد من القضايا الراهنة ، وكما ورد في الخبر إياه ، فقد تناول سمير الحباشنة في حديثه المحاور التالية :
1 ) الإصلاح السياسي في الأردن
2 ) القضية الفلسطينية وعلاقة الأردنيين بها
3 ) دور الأحزاب ( المفترض ) من الإصلاح السياسي
4 ) وزارة التنمية السياسية والدور المنوط بها وأداءها
5 ) الخلاف بين حركتي فتح وحماس والدور الأردني المطلوب
6 ) دور المفسدين الذين يصلون الى مراكز صنع القرار والنخب الأردنية التي تلجأ الى ( الوشوشة )ا
مما لا شك فيه ، أنه لا يمكن لأيّ مهتمّ بالوضع السياسي في بلادنا أن يتجاهل أو أن يمرّ مرور الكرام على ما يتحدث أو يصرّح به سياسيّ مخضرم كالوزير الحباشنة ... فحديث رجل الدولة ينطلق أصلا من أرضية تختلف تماما عن أرضية ( الآخرين ) ، ولا أريد هنا أن أصنّف أولئك الآخرين ، الذين منهم من يحتكر الوطنية الأردنية ويختزلها في شخصه الكريم وشخوص مريديه ومحبيه وتلاميذه الخائبين ، ومنهم التاجر ( الشاطر ) الذي لا يرى في الأردن إلاّ سلعة ، أو مجموعة من السلع والخدمات تنتظر مهارته وشطارته ليتكسّب منها ويملأ جيوبه ... ومنهم أصحاب الأجندات المختلفة والمتباينة في الظاهر ، ولمنها تتقاطع في نقطة معيّنة بعيدة كل البعد عن هموم المواطن الأردني وطموحاته وحاضره ومستقبله ... من هنا تأتي أهمية حديث رجل دولة بمواصفات سمير الحباشنة ...
إلاّ أننا ، ومع شهادتنا للحباشنة بأنه تطرق الى مايشغل بال المواطن الأردني من خلال المحاور الستة التي أتينا على ذكرها ، ( ولا أدري ، إن كان حديث الوزير كان مختصرا جدا بالطريقة التي أوردها خبر عمون ، أم أن عمون اختصرت الحديث ولم تنشر تفاصيل ما قاله الحباشنة ) ، إلاّ أنني أرى أن السيد الحباشنة كان يجب أن يتطرق في حديثه عما يشغل بال الشارع الأردني بالنسبة لمؤامرة الوطن البديل ، وكيف تحولت هذه المؤامرة على يد بعض أصحاب الأجندات الضيقة الى فزّاعة استقطبت بعض النخب السياسية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار ، في محاولة من هذه النخب لإقصاء ( بعض الشعب الأردني ) عن الحراك السياسي في البلاد من خلال تشويه ولاءه وانتماءه والتشكيك الدائم بهذا البعض و( وطنيته الأردنية ) ، ولكني استدرك وأقول : ارجو ان يكون ظني في غير محله ، ذلك أنه يراودني اعتقاد بأنه قد يكون تطرق الى هذه النقطة من خلال المحور السادس المذكور أعلى هذا الكلام ... ارجو ذلك ...
البنود ( 1 و 3 و 4 ) في حديث السيد الحباشنة تدور حول موضوع واحد ، هو في حد ذاته بالغ الأهمية ، وهو موضوع التنمية السياسية والإصلاح السياسي ودور الأحزاب الأردنية في كل ذلك ... وأنا هنا أوافق السيد سمير الحياشنة الرأي حول وزارة التنمية السياسية ودورها ( المصادر ) ... فهذه الوزارة التي لا حول لها ولا قوة ، والتي اخترعتها لنا البيروقراطية الحاكمة ، لم تستطع عبر تاريخها منذ إنشاءها ، أن تغيّر في صورة وكيفية وآلية العمل السياسي في الأردن ، بحيث يبدو الأمر وكأنها ( وزارة استرضائية ) إن جاز التعبير ، إذ تعاقب عليها منذ تأسيسها عدد من الوزراء ( الحزبيين ) والمحسوبين على اليسار أو على قوى المعارضة ، دون أن يتمكن أيّ منهم من أيّة إضافة نوعية على عمل الوزارة أو على طريقة تعاملها مع الأحزاب السياسية القائمة ، أو على علاقتها بمؤسسات المجتمع المدني والقوى الإجتماعية الصاعدة ... حتى المنحة المالية ( 50 ألف دينار ) لكل حزب مرخّص ، والتي أقرّت منذ أقل من عامين ، أشك في أن لأيّ وزير تنمية سياسية ممن تعاقبوا على الوزارة أيّ فضل في إقرارها ، ذلك أن هذه المنحة كانت مدار جدل منذ سنوات ما بين الطرف الحكومي والأحزاب ...
أما عن دور هذه الأحزاب في مجمل الحراك السياسي في البلاد ، فحدث ولا حرج ... فباستثناء حزبين أو ثلاثة من مجموع الأحزاب ( موالاة ومعارضة ) ، ليس هناك ما يشير الى ان عندنا في الأردن حياة حزبية من أي نوع ... أقولها في منتهى الإطمئنان والموضوعية والشفافية : أحزابنا ( وحتى التاريخية منها ) تكلّست حتى باتت عاجزة عن الحركة ... ليست الزحمة فقط ما يعيق حركة الأحزاب عندنا ، بل أيضا ( القصور الذاتي ) ، وانعدام الديمقراطية الداخلية في نسق الهيئات العليا في هذه الأحزاب ، مما جعلها تتكيء على تاريخها ( العرق والمشرف ) في محاولة غير موفقة منها للتغطية على تقصيرها الواضح والفاضح بالتعاطي مع المستجدات الراهنة محليا وعربيا ( إقليميا ) ودوليا ... أصبحت الأحزاب عندنا ، لا تختلف في بنيتها عن أية عشيرة ، بل ( للأسف الشديد ) ، فإن العشائر تشهد حراكا أهم من الكثير من الأحزاب ... ربما من هنا بالضبط تأتي مطالبة سمير الحباشنة الأحزاب لأن تستفيد من تجربة العشائر !!!ا والعجيب ، أن من ينتقد أداء هذه الأحزاب وطريقة تعاطيها مع الأوضاع السياسية في الأردن والإقليم ، توجه له أصابع الإتهام ، وبدلا من أن تدافع هذه الأحزاب عن نفسها وتحاول تطوير عملها ، تجدها تصب جام غضبها على كل الأطراف الحكومية ذات الصلة بالعمل السياسي ... وأنا معها في ذلك ، فالمعوقات كثيرة ، والحكومات المتعاقبة لا تألو جهدا في سبيل عرقلة العمل الحزبي والحد من سقف الحريات في بلادنا ، بل إننا نعيش في الأردن أحينا ) في ظروف شديدة الشبه حد التطابق مع مرحلة الأحكام العرفية ... ولكن مع ذلك ، أعتقد أن الكرة دائما في ملعب الأحزاب ... فهي نفسها قد ساهمت ( بتقاعسها عن النضال الحقيقي ) في أن يصل التغوّل الحكومي الى ما وصل اليه ... والحديث عن الأحزاب يطول ، وربما أتبعت مقالي هذا بمقال آخر مخصص حول أداء الأحزاب الأردنية وحالة التردي غير المسبوقة التي يعيشها العمل الحزبي في بلادنا ...
وسأتناول في الجزء الثاني المكمل لهذا المقال ما تحدث به معالي الوزير الحباشنة حول فلسطين والعراق
عاطف الكيلاني