** لست أنا الوحيد الّذي ( يحتضر ) بين أحضان حكومتنا لتجعل من جسدي أو أجسادهم ( حطبا ) يؤجّج الإقتصاد الأردنيّ ويتسامى به من قارّة قاحلة إلى قارّة تفيض نعيما وترفا ... ولست أيضا أنا المواطن الأردنيّ الوحيد الّذي بدأ يصيغ شهادة ( وفاته ) بيده بعدما أصدرت هذه الحكومة ( حكما ) بتجميد مشاعرنا وقلوبنا وأنفاسنا وحتّى أفواه أطفالنا , وتحويل كلّ واحد فينا إلى بقرة حلوب تدرّ دما في خزائنها بعد أن ( جفّت ) أضراعها ... تمتصّ كلّ شيء حتّى ما تبقّى من لحسات أصابعنا أو من غبار ( النعمة ) الّتي وهبنا إياها الله في سنين خلت ... قتلت فينا كلّ لحظات التأمّل و( الإستهناء ) والنسيان , واستعبدتنا لنسدّد ديون المترفين والمتنفّذين , ونستر زلاّت الفاسدين الّذين نهبوا الوطن و( خرّبوا ) اقتصاده ومنجزاته واستقراره , وندفع قسرا تكاليف إقامة العابرين والمترنّحين الّذين أثقلونا جوعا وتعبا .
اليوم ... طوّقت حكومتنا ( الرّشيدة ) أعناقنا بحبال مشانقها , وكتمت أنفاسنا وأطبقت على صدورنا بأثقال ضرائبها القاتلة وأفكار وزير ماليتها الجامحة ... استفحلت فينا , وضربت صبرنا كلّه في عرض الحائط , وتجبّرت علينا واستقوت ... نتضوّر جوعا لا يهمها ... ننتحر لا يضيرها ذلك ... نموت على أرصفة الشّوارع أو حتّى على سطوح منازلنا لا يحرّك ذلك فيها ساكنا ... هم يخطئون ونحن ( الغلابا ) من يدفع الثّمن ... هم يلعقون الشّهد ونحن من يتجرّع العلقم ... هم يتأفّفون ونحن من يجب عليه أن يموت أو يصبر ... هم يقرّرون ونحن علينا أن ننفّذ ... اليوم ... استكثرت علينا الحكومة أن يحتسي الواحد منّا فنجان قهوة ذات صباح ليطفئ قنوته أو يسكن وجع رأسه بعدما تمنّعت عليه كلّ المسكّنات ... استكثرت عليه أن يجري مكالمة خلويّة مع من يسمعه بعد أن أوصدت عشرات الأبواب في وجهه ... استكثرت علينا أن ( نتحرّك ) دون أن تتحطّم أقدامنا ... ومن ثمّ استكثرت علينا أن ( تبتلّ ) عروقنا بجرعة ماء تصل إلى صنابير بيوتنا صدفة بعد أن يوشك العطش أن يفتك بنا ... وتناست أنّ الجوع لا يرحم وأنّ للصبر حدودا تنهار بعدها كلّ الأسوار .
وإذا ما استمرّ استقواء الحكومة علينا, ولم تتراجع عن سياستها ( القاتلة ) , ولم يشفع لنا صبرنا وجوعنا عندها , ولم يؤثّر ( نحيبنا ) في تحريك جوارحها , فإنّني كمواطن أردنيّ سأعلن عن ( موتي ) مبكّرا لأنّني سأضطرّ وبكلّ أسف إلى ( تجميد ) مشاعري الأبويّة وحرمان أبنائي الأربعة من مواصلة تعليمهم الجامعيّ , وتقليص وجباتهم اليوميّة إلى وجبة واحدة ... وسأضطر إلى التخلّص من كلّ ( أحلامي ) بعد أن تصبح بفضل أو بفعل حكومتنا هذه ( كوابيس ) خانقة , أو قد أضطرّ إلى أن أتحوّل إلى ( صياد ) لا يجيد نصب الشباك فيتهاوى ثمّ تبتلعه ( غيلان ) البحر .
... وبعد ... أجزم أنّه لن يسمعني أحد , ولن يهتمّ بندآتي أحد ... ومهما ( استولت ) الحكومة على خبزنا ولقمة أطفالنا وكلّ شيء في جيوبنا لن يقلّل دينارا واحدا من مديونيّة اقترفتها أيد فاسدة .
adnan_rawashdh@yahoo.com