زاد الاردن الاخباري -
تصاعدت وتيرة الخلاف بين نقابة أصحاب المدارس الخاصة ووزارة التربية والتعليم حول التعليمات الأخيرة للوزارة بشأن هذه المدارس، فيما أعادت توجهات الوزارة لتنظيم هذا القطاع الحيوي، إلى الواجهة أزمة التعليم الخاص، وتكرار شكاوى مواطنين من "انفلات" رسوم العديد من المدارس الخاصة عن أي ضوابط، وما يحيط بها من قضايا ومشاكل عديدة.
وفيما تضج إدارات المدارس الخاصة ونقابتها بالعديد من الشكاوى والملاحظات والدعوات لمراعاة استثمارات التعليم الخاص، الذي تصل كلفه إلى مئات الملايين من الدنانير، وضرورة تقديم بعض الحوافز لهذا القطاع، الذي يحمل جزءا كبيرا من عبء الحكومة ووزارة التربية، يدعو مواطنون وأولياء أمور طلبة إلى ضرورة ضبط تحديد الرسوم في هذه المدارس، وعدم المغالاة في رفعها.
ولوحت نقابة أصحاب المدارس الخاصة بوقف تعاملها مع الوزارة، وعدم تجديد تراخيص المدارس، معترضة على مطالبة الوزارة بحصول هذه المدارس على تراخيص وأذون أشغال، وتحديد سقف للطلبة فيها.
ورفضت النقابة التعليمات المتعلقة بإعفاء المعلمات من مرافقة جولات باصات الطلبة، ومنع وجود أي معوقات في الساحات المدرسية، ووجود ساحات على أسطح المدارس.
في هذا النطاق، قال مدير إدارة التعليم الخاص بالوزارة فريد الخطيب إن هذه التعليمات "موجودة أصلا في التعليمات الخاصة بتأسيس وترخيص المدارس الخاصة"، لافتا إلى عدم جواز مقاطعة المدارس للوزارة أو وقف التعامل معها، فالوزارة هي الجهة الوحيدة المعنية بالتعليم.
وبين أنه في حال عدم تجديد المدارس لرخصها في الوقت المحدد، فستعتبر تراخيص المدارس غير المجددة لاغية، موضحا أن الوزارة تذكر بهذه التعليمات الموجودة أصلا، لتدعو هذه المدارس لتصويب أوضاعها والالتزام بالقوانين.
وأضاف الخطيب أن مهمة الوزارة هي الإشراف والمراقبة على المدارس الحكومية والخاصة، حسب القانون، ولا يجوز تهديدها أو مقاطعتها.
وقال إن "الإدارة ستعمم على المدارس الخاصة تزويدها بموازنة المدارس، وكشوفات الطلبة وأقساطهم المدرسية، اعتباراً من العام الدراسي المقبل".
وأوضح أن الهدف من ذلك، مراجعة زيادة أقساط المدارس سنوياً، وما ستقدمه إدارات المدارس من مبررات وأسباب لرفع الأقساط، مقارنة بحجم الواردات والنفقات.
وأشار إلى أن المادة 17 في نظام المؤسسات التعليمية الخاصة، رقم 27 لسنة 1966، تنص على "تزويد الوزارة بسجل خاص بموازنة المؤسسة التعليمية الخاصة، تثبت فيه بانتظام جميع الإيرادات من رسوم أو إعانات على اختلافها مع بيان مصادرها، وكذلك النفقات بموجب وثائق خطية، بحيث تسهل مراجعتها وتدقيقها".
وأضاف أن المادة 18 من النظام نفسه تنص على "تقديم بيانات الرسوم المدرسية لأقسام المؤسسة وصفوفها كافة، بما فيها القسم الداخلي في حال وجوده".
وأشار إلى أن الوزارة قررت تفعيل العمل بالمادتين لـ"كبح جماح بعض المدارس برفع الرسوم المدرسية على الطلبة في كل عام".
وأكد الخطيب أن ما تقوم به الوزارة "يهدف إلى تنظيم العلاقة بين المدارس الخاصة وأولياء الأمور، ومنع تغول أي طرف على الآخر، بالتزامن مع ازدياد شكاوى المواطنين حول ارتفاع الرسوم المدرسية في كل عام من دون مبرر، على أن تكون أي عملية رفع لهذه الرسوم متوازية مع ما تقدمه المدارس من خدمات للطلبة".
وأشار الخطيب إلى أن ما فرضته الوزارة من تعليمات ليس تعجيزيا، خصوصاً فيما يتعلق بوجود معوقات كالأعمدة في الساحات وساحات الأسطح، باعتبار أنها غير قانونية وليست آمنة، وقد تؤثر على حياة الطلبة.
وقال إن "بعض مباني المدارس الخاصة قديمة وخالية من المرافق الضرورية، لنمو وصحة الطلبة، وفي هذا النطاق، يضمن تجديد تراخيصها، التزامها بتوفير هذه المرافق التي يدفع ثمنها أولياء أمور الطلبة، ضمن الأقساط المدرسية السنوية".
وفيما يتعلق بزيادة عدد الطلبة، قال الخطيب، إنه لا يوجد في القانون أي بند يسمح بزيادة العدد، و"أي زيادة على السقف المحدد مخالفة".
وتحدى الخطيب النقابة بأن تقدم أي بند او وثيقة، تثبت أن الوزارة أقرت بزيادة أعداد الطلبة، لافتا إلى أن اللجنة المعنية بوضع نظام للمدارس الخاصة، انتهت من إعداد مسودته النهائية، ورفعته مؤخرا للجهات المعنية لإقراره.
وأوضح أن "النظام الجديد سيصنف المدارس الخاصة إلى فئات، وفقاً لموقع المدرسة ومرافقها، ونوعية برامجها الأساسية والإضافية، ومؤهلات عامليها وكوادرها". ولفت إلى أن هذه المعايير ستحدد حجم القسط للفصل الدراسي، بحيث يتناسب مع ما تقدمه من خدمات في العام الدراسي. وأضاف أن "النظام الجديد سيتضمن بنوداً تحفظ بموجبها حقوق عاملي المدارس، والحد الأدنى لرواتب المعلمين، وفق معايير خاصة يحددها نظام يصدر لهذه الغاية أيضاً"، متوقعا بأن يقر العام الحالي.
بدوره، قال نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني إن "المدارس الخاصة والقائمين عليها "يؤمنون بالالتزام بالقوانين وما شرعته الوزارة والجهات الرسمية من أنظمة".
وبين أن التعليمات الجديدة "يجب أن تطبق على المدارس المخالفة، لا على المدارس الخاصة كافة"، مضيفا أن قرار الوزارة الأخير بعدم اعتمادها والاعتراف بها "يخالف التعليمات".
وأكد أن هذا القرار يصعب تنفيذه، إضافة إلى تعليمات سحب الرخصة جراء وجود ساحات مظللة في المدارس، وربطها بتقليص اعداد الطلبة.
وبين الصوراني أن كثيرا من المدارس الخاصة، تعتمد على معلماتها، ليكن مرافقات للجولات في الباصات، متسائلا "ما المشكلة أن كانت المعلمة في المدرسة هي ذاتها المرافقة في جولات الباص؟" معتبرا أن "عدم الإقرار بذلك شرط تعجيزي".
وشددت النقابة، في بيان صحفي سابق لها، على أن المؤسسات الخاصة "اعترضت على تقديم أذونات أشغال جديدة، كونها مؤسسات مرخصة منذ عشرات الأعوام بموجب أنظمة وقوانين".
ولفتت النقابة إلى أن 50 % من مباني المدارس الخاصة "مستأجرة"، ومجموع أعداد طلبتها يتجاوز الـ200 ألف، وهي على خلاف مستعص مع المالكين بموجب قانون المالكين والمستأجرين.
وأشارت إلى أن تطبيق هذا البند يعني "شطب النسبة أعلاه من الساحة التعليمية الخاصة وترحيلها إلى القطاع التعليمي الحكومي".
وأوضحت النقابة أن تعليمات الوزارة والكشف الهندسي والموافقات الخطية الصادرة عن الوزارة منذ العام 1960 "أجازت اعتماد الأسقف المظللة والمرفوعة على أعمدة الساحات المدرسية، واعتبرتها جزءا من البنية التحتية للمدارس"، لافتا إلى أن قرار عدم اعتمادها "مخالف للتعليمات". وأكد البيان حرص النقابة على توفير مرافقات في حافلات نقل الطلبة، وعلى سلامتهم داخل وأثناء صعودهم ونزولهم من الحافلة، "وبالتالي لا مبرر لمطالب الوزارة الأخيرة بتوفير مرافقات في الحافلات".
وكانت النقابة رفضت إرسال تعيينات وتشكيلات المدارس الخاصة للتصديق، إلى أي جهة غير وزارة التربية، باعتبار أن ذلك يتعارض مع المادة (17) من نظام المؤسسات التعليمية الخاصة رقم (27) لسنة 1966، وقرار وزير التربية رقم 1/1/2934 بتاريخ 18 كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي.
وأوضحت أن اللقاءات المتكررة مع وزراء ومديري التربية السابقين "أجازت شفاهة منح المدارس الخاصة نسبة زيادة على أعداد الطلبة المحددة في رخصها، بمقدار 15 % إلى 20 %، وهو ما جرت عليه العادة حتى تاريخه".
النقابة اعترضت أيضا على قرار الوزارة بعدم زيادة الأقساط المدرسية إلا بموافقتها، مبينة أن "المدارس الخاصة مرتبطة اقتصاديا بحركة السوق، والأمر يعود للقائمين عليها في تقدير الأكلاف والأعباء المالية المترتبة عليهم".
وحذرت "من أن فرض أي أعباء مالية إضافية على المدارس الخاصة، سيقابله رفع للرسوم"، مشيرة إلى أنها تبذل جهودا كبيرة بإقناع المدارس الخاصة بـ"عدم رفع الرسوم، في وقت لم تتدخل (التربية) في مسألة وقف الديون المستحقة على أولياء أمور الطلبة للمدارس"، وفقا للبيان.
أهالي الطلبة كان لهم رأي في السجال الدائر بين الوزارة والنقابة، بحيث انحازت غالبيتهم إلى موقف الوزارة، الذي رأوا أنه "يحد من جشع" بعض مالكي هذه المدارس.
فمن جهتها، اعتبرت أم حسام" أن تلك التعليمات "ستضبط القطاع الخاص"، لافتة إلى أن كثيرا من المدارس الخاصة "ترفع أقساطها من دون مبرر، ويجب أن تكون هنالك تعليمات تحكمها".
وأكدت أنها مع إجراءات الوزارة الأخيرة، لأن هناك تسيبا كبيرا في بعض المدارس، موضحة أن الوزارة تأخرت في تطبيقها لتلك التعليمات.
ولفتت نداء جمال إلى أن تعليمات الوزارة في محلها، لا سيما أن الحوادث الأخيرة في المدارس الخاصة، جاءت بسبب "الإهمال".
ودعت جمال إلى التشديد "على المدارس للتقيد بالتعليمات والأنظمة"، مؤكدة على ضرورة إيجاد حل جذري للممارسات غير المنضبطة التي تمارسها بعض إدارات المدارس الخاصة، وكان أبرزها زيادة الرسوم وأجور المواصلات، من دون دراسات تعكس الكلف الحقيقية.
وهذا ما أثنت عليه أيضا تهاني صبحي بقولها إن "غياب التشريعات الناظمة للقطاع الخاص، أسهمت في المشكلات التي نعاني منها مع المدارس الخاصة، من ارتفاع للأقساط وغيرها".
وطالبت ببدء تطبيق التشريع المتعلق بتصنيف المدارس الخاصة، كونه "سيحل المشكلة وسيضبط وينظم القطاع".
بدورها، أوضحت رئيسة لجنة التعليم الخاص في نقابة المعلمين عبير الأخرس أن "النظام الجديد سيعالج غياب التشريع" الذي كان موجودا في الفترة الماضية.
وأشارت الأخرس إلى أن هنالك تعليمات تحكم التعليم الخاص، صدرت العام 1965، عدلت العام 1994، لكن التعليمات المطبقة حاليا غير قادرة على مواكبة القضايا والمشكلات المستحدثة، مع اتساع دائرة التعليم الخاص، إضافة إلى "عدم تعاملها مع المعلم على أساس مهني بل تعتبره عاملا".
وقالت إن "نص المادة 32 من قانون الوزارة النافذ للعام 1994، يتمحور حول وجود نظام يحكم عمل المؤسسات التعليمية الخاصة".
ولفتت الى أن المادة 32 (ب) تنص على أن "المؤسسات التعليمية الخاصة، تصنف إلى فئات، يحدد لكل منها الحد الأعلى لما تتقاضاه من رسوم وأجور، والحد الأدنى لرواتب المعلمين، وفق معايير خاصة، يحددها نظام يصدر لهذه الغاية"، مشيرة إلى ضرورة إيجاد نظام منبثق عن هذا القانون.
وعلى الرغم من أن قانون الوزارة للعام 1994، جاء لحل هذه الإشكالية، لكنه أبقى على النظام القديم، وبالتالي عطلت المادة القانونية الخاصة بهذا الموضوع أكثر من 30 عاما، بحسب الأخرس.
ونوهت إلى أن المدارس الخاصة تعاني من غياب الهيكلة الإدارية والتنظيمية والتأسيسية، نتيجة لغياب النظام، لافتة إلى أنها الآن تعمل من دون وجود أي تشريع ينظمها.
واعتبرت الأخرس أن ثمة "غيابا للرؤية والرسالة الأكاديمية" عن الأنظمة الداخلية، ما أدى لوجود مشاكل تراكمية لا تحل إلا بوجود تشريع. وأوضحت أن "المدارس الخاصة تعمل من دون أي تشريع، ما تسبب بوجود عدم حالة انضباط، فضلا عن وجود مزاجية لدى أرباب العمل.
وقالت الأخرس إن "النقابة بدأت مع الوزارة في إيجاد تشريع بعد الشكاوى الكثيرة التي تلقتها النقابة منذ تأسيسها، باعتبارها المظلة التي تدافع عن حقوق ومكتسبات المعلمين".
ورأت أن التشريع الجديد الذي سيحكم المدارس الخاصة سيرتقي بالتعليم في الأردن، لافتة إلى أن المدارس لن تتأذى من النظام الجديد، إلا المدارس الموجودة لاعتبارات ليست تربوية بالدرجة الأولى.
وأوضحت الأخرس أن التشريع الجديد يهدف إلى تنظيم "أسس الترقية والتأسيس للمؤسسات التعليمية، ووضع ضوابط لها من حيث الأعداد والكوادر والقبولات والأقساط والإشراف التربوي، بما يخدم خصوصية المحافظات المختلفة".
وأضافت أن "هذا التشريع سيمنع تغول بعض أصحاب المدارس الخاصة، وسيضبط القطاع الخاص"، مؤكدة أن ذلك سيعمل على إصلاح الوضع العام للمدارس الخاصة، كونه لا توجد منظومة وطنية تشملها جميعا.
وبينت الأخرس أنه "لا يوجد مبرر للمدارس الخاصة للتخوف من هذا النظام، في ظل وجود مطالبات بضرورة أن تقدم الحكومة تسهيلات وحوافز للمدارس الخاصة، لتعينها على أداء رسالتها في ظل غلاء الأسعار وارتفاع الجمارك".
الغد