كان يا ما كان في قديم الزمان في زمن الصور والأحزان ...كاتب اسمه كمان ... يسير في كل شارع وزقاق ...فيلتقط قصاصة الورق من أي عابر ...ويهرول مسرعا الى بيته
في شارع الجريد ... ويبدأ بريشته ومحبرته كاتبا ما غنم من قصاصات الورق ...
مغلفا ورقته الجديدة خارجا من منزله لصاحب الوراقين ...في سوق البراقين ...
صاحب الوراقين : يا كمان ما الجديد ؟
كمان : أتيتك بالعجب العجاب .
الأول : هيا اعرض علي لكي أنشره قبل أن ينتشر ضوء الشمس .
كمان : أتيتك بخبر عار من الصحة .
الأول : كيف أنشره.
كمان : أنشره هو قديم ضحيته الجديد عنوانه يجذب البعيد .
الأول :من أبطاله .
كمان : أنتقي انت من تريد ولوكان في الجريد .
الأول : سوق البراقين يقرأ وهو يتناول الثريد ... وربما يلف به البريد .
كمان : أريت انشر بلا رأي رشيد ... والتقط ما يفرحك يوم العيد ...وأكتب ما يزيد درهمك ويذهب همك ... واعلف القلم ولا يهمك كثرة الألم ...واحرص من ضوء النهار
لئلا ينهار ...فالليل يلهي السهار .... واحذر عقل باتمان .
فكمان هو رمزية للدعاية المغرضة ... ووسائله غير المنطقية ...هو كواليس ونماذج للدعايات في عالمنا الآن ...يتفنن في اتجاهاتنا وافكارنا ومشاعرنا ... وما صناعة هوليوود ببعيدة
عنه ... بل هي القاعدة لثقافة الإيحاء والعاطفة والإنفعال ...هي المرتكز لنمو العقل البدائي او الجذعي او السفلي ...تجذبنا نحو الغزيرة والشهوة والإنفعال دون وعي منا
...ترسخ في عقولنا الباطنية ما نحاول ان نكبته في ثقافتنا العربية ...ندافع عنها بعقولنا الظاهرة ...لإننا نبحث عن الرقي الآنساني في منطقة العقل الأعلى ... ولكن الدعاية
تتصارع وتصرع ...فهل نصل ونتصل أم نخسر وننحرف أم نفكر ونمحص ... كلنا ينتقي مافي الجريد او الثريد او البريد ... ليتنا لا نصبح مثل العبيد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من جوهر الدعايات كما يرى الكاتب ج. س. بروان البريطاني بأنه :\" محاولة التحكم في اتجاهات الناس وغالبا في اتجاهات غير منطقية ودائما بوسائل غير منطقية \" .
او ربما نشر الآراء ووجهات النظرالتي تؤثر على سلوكنا وأفكارنا .
كذلك تتخذ أشكال لها سلبية من التعبير عن الرأي او الفعل التي يقوم به الفرد او جماعة ما عمداً على أساس أنها ستؤثر في الرأي او فعل الآخرين لتحقيق أهداف محددة مسبقا ً وذلك
من خلال وسائل معينة . وربما تكون الأهداف غير علمية او ان قيمتها في المجتمع مشكوك فيها .
اثبتت الدراسات ان لوسائل الاعلام والدعاية دور في تشكيل قناعات الناس وآرائهم مما حول الرأي العام ميدان تتنافس على حلبته كافة القوى المحلية والخارجية .
ومن وسائل نقل الخبر والدعاية المجلات والصحف المطبوعة والصحف الالكترونية والمواقع الخاصة والمنتديات . وهي وسائل تؤثر في الأشخاص تأثيرا مختلفا تباعا لنوعيتها .
فمنها التأثير السمعي الراديو والندوات ومنها سمعي بصري المواقع الالكترونية والصحف الالكترونية والتلفاز والسينما .
الدعاية الإعلامية تستند إلى الحقائق والمعلومات الدقيقة . ومن هنا نفرق بين الدعاية والاعلام ... فالاعلام : التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير وميولها واتجاهاتها . وهذا ما جعلني
أربط مفهوم الدعاية بإلاعلام لكي نبين للقاريء أن الدعاية قد تكون سلبية او ايجابية أما الاعلام يفترض الموضوعية والمنطقية والدقة ما أمكن .
ففي أيام العدوان الثلاثي على مصر ان الانجليز والفرنسيين والاسرائيليين دأبوا على تحريف الاخبار القادمة من مصر فقالوا أثناء عرض القضية على الامم المتحدة بأن مصر قد سلمت .
وكانت جلسة الأمم المتحدة ستعقد بعد ربع ساعة . وقد كان مجرد نشر هذا الخبر سببا في ان يقف الرأي العام في الجمعية العامة مكتوف اليدين وليس له إلا ان يعترف بالعدوان و لايدين
حكومات العدوان الثلاثي ... إلا أنه تم اتصال تليفوني بين مصلحة الاستعلامات المصرية والملحق الصحفي في الأمم المتحدة الذي ابلغ بأن هذه الأخبار ليس لها أي اساس من الصحة .
قوة الدعاية
تنبع قوة الدعاية اليابانية من كونها بنيت مع التعليم ... ولأن طبيعة الفلسفة الكونفوشيوسية المنتشرة في اليابان تنادي بالطاعة والإذعان لصاحب الأمر لهذا نجحت الدعاية اليابانية .
فعند الإنتهاء من الحرب والاتفاق على معاهدة الاستسلام في عام 1945 م وافق الأمريكان على بقاء الإمبراطور في مركزه لأن الولايات المتحدة كانت تعرف أن اليابانيين سيقاتلون حتى الموت دفاعا
عن الأمبراطور الذي كان يحترم بشدة من الشعب بسبب قوة العقيدة التي غرسها فيهم بواسطة قانون التعليم الياباني من خلال التعليم .
وهذه الفلسفة الشرقية قالت \" إذا أردت المجد لشعبك مائة عام ... فالوسيلة الوحيدة هي أن تقوم بتعليمه ...\".
فإذا كانت الدعاية تدوم عاما او اكثر فإن التعليم يبقى قرونا راسخا في نفوس الشعب والأجيال القادمة وهو أهم الوسائل الدعائية التي استخدمه في اليابان .
معظم مباديء القانون الياباني في التعليم مستمدة من العقيدة الاسلامية والثقافة العربية كاحترام الكبر سنا . سواء الوالد او رب العمل او كل من هو أكبر سنا .
ضعف الدعاية النازية
الدعاية النازية التي استخدمت الأخبار الكاذبة او المضللة .. فحين يستخدم الخبر الكاذب إنما يعزز شك غير الواثقين من الجمهور ...فلم تكن تخاطب الشعور الواعي بل تستهدف اللاشعور
واللحظات التي يكون فيها الإنسان ليس في الوعي الكامل . وتعتمد على العاطفة لتشكل الانطباع الانفعالي اكثر من العقلاني .
الدعاية الصهيونية اليهودية
استخدمت الدين في خدمة السياسية فقد تضافرت القوى الدينية مع العناصر السياسية ولم تتورع الدعاية اليهودية عن فعل اي شيء يخدم سياستها لدرجة ان الفتاة اليهودية يمكن ان
تزني ... ولا تكون خاطئة اذا كان الزنا في خدمة السياسية اليهودية والصهيونية .
تزييف التاريخ واختلاق القصص والاخبار والاساطير سواء لتحقير الآخرين او لتعظيم جنسهم .
قصة واقعية من العاصمة تنقل لنا دور الدعاية وتأثيرها على الأشخاص
فحرصا على الموضوعية والمنطق ما أمكن نحاول أن نمحص ونغربل بعض العناوين ونقابل ونتحدث مع الشخص المعني بالخبر ونرصد الحدث بعين ناقدة... وهي محاولة تحتاج الى الصبر
والتروي والتأمل وجمع البيانات وتوصيف للحالة قبل نقل بعض الأخبار فالقاريء والمشاهد ينتظر الأفضل لنا وله ... ينتظر ما يعتقد أنه الصواب ... ما أمكن في زمان تداخلت به القيم
بكل الوجوه وتصارعت المصالح وزيفت ولونت الأهداف ببريق ... فعلينا الإكتشاف والإستقراء ... فمن السهل ان ننقل خبرا ولكن ليس من السهل ان نضع الخبر وفق معايير القيم والتربية
والاتجاهات الإيجابية لإن الجهد المبذول وتسديد الهدف وترشيده هو الأصعب وخاصة في هذا الزمان الذي يستند للقشور وليس للجذور .
وكما أسلفنا عن القصة :
هي قصة واقعية رصدت أحداثها وأشخاصها ....كان الإعلام دافعا للبحث عن الحقيقة .....وباعثا لي نحو الأفضل الذي أرصده ما أمكن .
قرأت خبرا في موقع الكتروني عن صحيفة نشرت خبر لجنة تحقيق بخصوص تزويرات لنادي من نوادي العاصمة ... وكان ردا مباشرا الكترونيا ايضا من مدير النادي لهذا الخبر وعتاب
للصحافة الكترونية التي لم تتحرى الخبر من المصدر المسؤول عن نشره ... عتاب واضح ومسؤول لماذا لم تتأكد ولم تسأل مدير النادي الذي أسيء إليه مباشرة ولناديه ...
فقمت حرصا مني على سمعة الصحافة الإلكترونية ومهنية الإعلام الذي يرتقي في مسيرة العلمية ... والتفكير الناقد الفعال ... باتصال مباشر مع مدير النادي عن طريق الهاتف ...
وسألته ما رده على هذا الموضوع ... فقال وهو مستاء... لاأصدق ان ينقل ويكتب هذا الخبر بدون تدقيق وتمحيص ... وبدون الاتصال بخبراء يعرفون الحقيقة ... مما يجعل القاريء
يصدق مباشرة ... فلقد نقل الخبر وكأن القصة حدثت في زمني واثناء إدارتي للنادي وخاصة ان كل الكادر جديد في مهامه ... واوحى الخبر للشارع العام أن التهمة علينا مباشرة
وخاصة في وقت بدأ المجتمع المحلي يشجعنا وتزداد رواد حركتنا الثقافية نحو النادي التربوي ..بل طريقة الخبر لم تظهر زمن القضية المنسوبة الينا ومتى بدأ التحقيق الفعلي ومع اي
اشخاص كانوا وغادروا ....فما ذنبنا لخبرات ماضية سلبية تراكمية لم نشاهدها ولم نكن ضمنها ... ما ذنبنا ونحن أتينا وفي داخلنا ان نقدم الأفضل وهذا ما شهد له بعض المقالات في صحف الكترونية
رصدت عطاءنا كلنا كفريق يجد ويكابد ويقابل الإساءة بالإحسان بل بجانب الجانب الوظيفي وظفنا الجانب الإنساني والأخلاقي والتربوي رأفة بالمواطن الاردني ورحمة بالبلد العزيز الإردن ...
كلنا نطبق كفريق معنى المواطنة الصالحة .....التي افتقدته الصحيفة نحونا فطبعت كلمات جزافاً ... ربما ازداد عدد القراء لديها بسبب الخبر ولكن نوعية القاريء صاحب التفكير الناقد...
يتوقف ويتساءل وهو يرى عكس ما يكتب ... يتوقف ويتأمل وهو يرصد بعينه الثاقبة مخالفة لما نشرت ...وانا كتربوي متمسك بالتفكير الفعال الناقد والصحف الالكترونية التي تهتم بهذا النوع
لإني أضمن نوعية المنتج الأدبي الصحفي ....فقال أصعب شعور عند الإنسان الشعور بالظلم ...ولا أصدق ما قرأت لإن الخبر نفسه لا يمسني من بعيد ولا قريب انا وفريقي الحالي من الشرفاء
فقلت له ماذا تقول للصحيفة الكترونية التي نشرت الخبر المعمم... فأضاف : عندما تكتب وتنشر عليها ان تحدد ولا تعمم عليها ان تكتب زمن مثل هذا التحقيق ولا تستخدم الإيحاء ...عليها ان تقابل الطرفين
وبحالة رفضنا تكتب ذلك ...أما استلام ونشر والناس نيام هذا لا يساهم في تجسيد المواطنة الصالحة الذي يخدم الوحدة الوطنية كما جاء في خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني رعاه الله
كعهدة علينا كلنا الالتزام بها من مواقعنا .
عقلك السفلي والعلوي ....والخبر :
واخيرا اشار الدكتور الزعبي في محاضرة عن قدرات الانسان والحاسة السابعة ان جزء من الاخبار قد تساهم انفعاليا وغرائزيا وشهوانيا واطلق عليه غاش كمفهوم ... مما يزيد قدرة العقل السفلى على حساب العليا
التي تساهم في ازدياد النمو الروحاني وكانت ندوته في نادي المعلمين عمان وسنتطرق اليها لاحقا لإنها مميزة كفن جديد ينتشر في الغرب .
الكاتبة وفاء عبد الكريم الزاغة
الاردن .