لم يتعلم الصهاينة من دروس التاريخ الماضي ؛ حيث إن الظلم قد ينتصر في معركة ما؛ ولكن انتصاره لن ولن يدوم، وقد أمدهم الغرب والشرق بكل الإمكانات المادية والبشرية، وبشتى أصناف وألوان الأسلحة ، والخطط العسكرية، والدعم السياسيي والدبلوماسي والاقتصادي، والاعتراف والتأييد بدولتهم المسخ،مساعدة لهم على دعوى ظلم النازية؛ ولذا كان الأولى بهم أن لا يوقعوا الظلم على غيرهم_ حيث يدعون كره وظلم كل الناس لهم_ ولكنهم لم يتركوا نوعاً من أنواع الظلم إلا وارتكبوه ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، فمجازرهم في سنة 48 وما بعدها بحق النساء والأطفال والشيوخ مما لايعد ولا يحصى.
وكذلك تشريدهم لشعب كامل، واحتلال أراضيه، واغتصاب موارده، وانتهاك مقدساته، واعتقال شبابه؛ وايقاع شتى أصناف العذاب والهوان المادي والمعنوي عليهم، بل وتآمرهم مع عبيدهم من العرب وغيرهم لإذلال الشعب الفلسطيني؛ لا لذنب ارتكبوه؛ بل لأنهم فلسطينيون فقط _ سواء المسلمون أو المسيحيون_ ، حيث أصبح معظم الشعب الفلسطيني لاجئاً يتبع مساعدات اللأونروا ، كما ويعيش في المخيمات بشكل مكتظ وغير إنساني _حتى في داخل فلسطين التاريخية_ ويمنع كذلك من العودة لأرضه وبيته، وهو ينظر إليهما بأم عينه، أما الصهيوني المولود في أي مكان في الأرض فيسمح له بالهجرة والتملك في فلسطين.
ولم يعتبر الصهاينة كذلك بمعاركهم االخاسرة على المقاومة، بكل ألوانها وأماكن وجودها؛ فما افتعلوا حرباً بعد الانتفاضة الأولى إلا وخسروها. ولذا ومن تجاربهم مع غزة بالذات كان من الأولى بهم الافادة من نتائجها، ولعل من أبرزها أن الهزيمة ستكون لهم عنواناً ومآلاً، ولن يستطيعوا الإقامة في غزة ، وأن جيل المقاومة الجديد مختلف عما قبله؛ لأن الأمة قد تغير حالها، وأن الفلسطينيين سيقاومون، وعقدوا عزمهم على ذلك؛ لأنهم ببساطة لا خيار لهم غير المقاومة، فيكفي هواناً وتشرداً وإذلالاً.
وإن كانت صفات الشعوب تبقى معها ولا تتغير غالباً، فالصهاينة لم يعتبروا من قول أسلافهم، عن أهل فلسطين إنهم قوم جبارون(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِين) .
وقد قال أسلافهم إنهم لن يدخلوا فلسطين إلا إذا خرج الفلسطينيون منها( وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ)َ وقد أكدوا تلك الحقيقة مرة أخرى خلال مناقشتهم للمخلصين من أتباع موسى _عليه السلام_ ( قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) والفلسطينيون في غزة رغم كل الحروب السابقة، ورغم شدة الحصار فهم لم يهاجروا، بل لديهم إصرار على البقاء والعودة، وكذلك كل الشعب الفلسطيني الذي يرنو للعودة، ويتشبث بها.
وليعلم الصهاينة أن حروبهم الآن ليست كالحروب السابقة، فنفس الفلسطيني والعربي والمسلم قد تغيرت واختلفت، فلقد انتهى زمن الهزائم، وظهر زمن النصر والغلبة، ولن تكون نتائج حربهم على غزة إلا أعظم نصراً، وأكثر فرجاً لأهلها، وعندئذ يكون الفرح للفلسطينيين ولكل غيور لا يحب الظلم.
وسوف تكون _بإذن الله_ عملية الجرف الصامد الصهيونية ما هي إلا عملية جرف هار عليهم ، قال تعالى: ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )التوبة 109
فالثبات الثبات يا أهل غزة، فأنتم شرف الأمة، وعنوان ورمز كرامتها، ولن يخذلكم الله، فأبشروا بالنصر المؤزر، والخزي والعار لكل العملاء والمتآمرين،والمنافقين أتباع ابن سلول، ولا نامت أعين الجبناء.
Sulaiman59@hotmail.com