-1-
فطوران وعمّان لم تزل نائمة ، تنام الضحى الضحى وتنام العشية ايضا..!
الفطور الاول بعد غياب دام قريبا من عام كامل عن الاردن ، كان في المطعم العتيق في وسط البلد ،ووسط البلد النائمة ايضا الا من قلة ، بعضهم ممن الفوا المشي لاسباب صحية في فجر كل يوم ، وحتى الساعة التاسعة صباحا ، كنت قد فتلت عمان كلها بشوارعها وجسورها المعلقة والراكنة ، بجبالها التي يخيل لك بفعل الانفاق انها صارت ثلاث ، ولم تعد سبعة ، جبل يضم شرق عمان ينتهي بدوار الداخلية ، وجبل غربي ما بين الحسين وجبل عمان ودوارات جبل عمان الثمانية ، والاخير اقرب منه الى السهل ، منه الى الجبل ، يبدأ من المدينية الرياضية ويشمل كل شمال عمان ،
في التاسعة صباحا من يوم السبت ، وجب الفطور الثاني ، ولعله الفطور الثاني الوحيد في تاريخي الغذائي(!) بعد ان فتلت عمان طولها بعرضها ، جسورها وانفاقها احيائها ومولاتها ، شوارعها وميادينها، وهي تكاد تكون خالية صبيحة السبت الا من مجموعة لو جمعت بكليتها لا تساوي قرية نائية جنوبا وشمالا..!
-2-
2010 سنة عمّانية بلا انجازات ، هكذا خيلت لي وهكذا هي بالفعل
!
في الاعوام التي تلت عام 2000 كانت كل سنة تقفز فيها عمان تسابق الخليج العربي ، ببنائها واسواقها وحراكها على كل المستويات ، هذا العام لا جديد في عمان ، سنة هادئة تلقى بقايا ازمات العالم المالية التي تتفرغ عادة
في المدن الاكثر حراكا ، سنة سبات ، لا تبدو حتى على الصعيد السياسي انها تسبق انتخابات واسعة الطيف بشهور..!
-3-
في الازمة التي عصفت بالعالم العربي بعد احتلال الكويت ، خرج اكثر العاملون الاردنيون من الخليج العربي ، وبفضل العنصر الاردني النشط مقارنة بعناصر عربية واسيوية كثيرة عملت وتعمل بالخليج ، تم اعادة العنصر الاردني الى الخليج العربي ، بكفآة يشهد لها القاصي والداني ،
يعتبر الاردني العلم والعمل هو راس ماله في دولة تشح بالنفط والماء
، على الجانب الاخر وجدت الحكومة قبل سنوات بسبب قلة كفأة العاملين بالحكومة وهو حال ينطبق على اكثر القطاعات العامة اينما تكون ، وجدت الحكومة ان اقرار عطلة السبت ، يوفر على الخزينة تكبد خسار كبيرة بسبب دوام الموظفين ليوم سادس في الاسبوع ، فعلتها الحكومة ونُقلت العدوى الى القطاع الخاص ، القوي المتماسك والمنتج ، فساهمت في تراجع عجلة الاستثمار الاردنية ،فعلت الشركات الخاصة الكبرى ما تفرضها عليها قوانين العمل ، فاقرت عطلة السبت ، صار الاردني النشط الذي يستثمر بعمله وشهادته ،يغيب من مساء الخميس ولا يظهر الا صبيحة الاحد ، حيث تزدحم بداية الاسبوع ، وفيما سبق ذلك كان يوم السبت حيث تكاد تغص منافذ عمان بالسيارات من واجهاتها كلها ، تختنق من دوار صويلح والداخلية والمدينة والثامن ، اصبح السبت خاويا ، من كل حراك ، يوم خارج حسابات الاردنيين ، وتم ترحيل النشاط فيه الى يوم الاحد ، حيث يفترض انه بداية الاسبوع فعليا..!
-4-
عندما تكون الساعة العاشرة صباحا يوم السبت ، واكثر متاجر عمان ، مغلقة ، فلا يمكن ان يكون هذا هو حال الاردنيين الذين نعرفهم ، بغرب عمان كاملة لم يكن يصادفني مطلقا حتى العاشرة وانا ابحث عنه محل
غسيل ملابس واحد او صالون حلاقة واحد مشرع الابواب ، كلها موصدة
واصحابها نيام ، لا اعرف هذا حال استثمار في بلد رهانه الوحيد على همة العاملين فيه..!
-5-
غريب بالفعل سلوكيات الاردنيين والعمّانيين على الاخص ، فيما يحصل اليوم ، تبدأ الازدحامات على اسياخ الشاورما التي تضاعفت من واحد الى عشرة في كل من شارع المدينة وشارع عبدالله غوشة ، تبدأ الازدحامات على الشاورما بعد الساعة الحادية عشرة بعيد منتصف الليل ، يأكل العمّانيون وينامون بعد ذلك ، او لعلهم يسهرون الى الفجر ، فاذا استيقظ مثلي الخامسة صباحا وجد الناس نيام ، على حال ما كان هو حال عمان التي وصفتها احدى الصحف العالمية ذات مرة انها تنام مع الدجاج وتستيقظ مع الديوك ، وواضح انها لم تعد كذلك ، ابدا هي لم تعد كذلك..!
-6-
الاردن الذي نُحب ، وعمان التي بناها الاردنيون مثل بقية الاردن كل الاردن ، بناها الاردنيون بعملهم وعلمهم وهمتهم وغربتهم ، لا يمكن ان تصير الى هذا الركود ، اذا كانت الحكومات السابقة تعتبر الوظائف هي مكافآت للولاء وليست للبناء، وولد هذا وجود طاقم موظفين ربما كنا لا نحتاج الا الى ربعه لانجاز نفس العمل ، فان هذا لا ينطبق على القطاعات الخاصة التي نشطت طوال نصف قرن ولحقت اليوم بكسل القطاع العام حسبما تقتضيه القوانين..!
فلسنا نراهن اليوم على غير الاردني المتعلم العامل ،
لا يكل ولا يمل ، ولّد هذا عاصمة عربية ناهضة ،لا تجاريها عواصم الخليج التي انفق عليها البلايين وظلت على حالها ، كادت مدينة جدة ان تغرق بعد 24 ساعة مطر ، فيما كادت دبي تعلن افلاس امارة باكملها لو تدخل الشقيقة الكبرى لها ، ليس لدينا مال فائض لنهدره ، وليس لدينا اشقاء كبار ينقذوننا لو شارفنا على الهاوية..!
هي الهمة ، ليس غيرها فلا تفقدوها..!
pharmomari@hotmail.com