زاد الاردن الاخباري -
يقول المثل الشهير" طب الجرة على تمها البنت بتطلع لأمها" ، فالكثير منا يرى أن البنت ليست إلا نسخة طبق الأصل من أمها في التصرفات والطباع ، فإن صلُحت الأم صلحت ابنتها وإذا فسدت الأم كانت ابنتها تشابهها في ذلك.
اعتقاد بعض أفراد المجتمع بضرورة التوافق بين الفتاة وأمها جعلت الكثير ممن ينوون الزواج يصرون على التحري عن سلوك الأم لمعرفة ما إذا كانت الفتاة صالحة أم لا مما أدى إلى ظلم كثير من الفتيات وجعل أمهاتهن من أهم أسباب قطع نصيبهن في كثير من الاحيان .
لكن هل بالضرورة أن تسير الفتاة على خطى أمها حتى لو كانت سيئة؟ وهل فعلا "الحية لا تلد إلا حية؟" ، ولماذا تعتبر الأم مقياسا لصلاح البنت أو فسادها؟ الدستور سلطت الضوء على هذه القضية:
العادات السيئة لا تورث
أم علي تقول:لابد من أن يكون هناك شبه بين البنت وأمها في بعض العادات والتصرفات ، فالفتاة هي نتاج تربية الأم لكن يجب على كل بنت أن تعرف مواطن خطأ أمها وتحاول الابتعاد عنها ، فالعادات السيئة لا تورث بل يجب على كل بنت أن تأخذ الصفات الحسنة الموجودة في أمها وتبتعد عن الصفات السيئة قدر الإمكان وتحاول أن تصلح من أخطاء أمها لا أن ترث هذه الأخطاء عنها.
وتضيف:للأسف مجتمعنا من المجتمعات التي تقدس الأمثال ولا تنظر إلى مدى مناسبتها لواقعنا ، فالمثل القائل "طب الجرة على فمها...."يمكن أن يكون صحيحا قبل 50 سنة وأكثر وذلك لأن الفتاة في هذا الوقت كانت منغلقة على نفسها وكان محيطها الاجتماعي لا يتجاوز عائلتها ، لذلك كانت الأم (سواء أكانت صفاتها سلبية أم ايجابية) تمثل القدوة الأهم لبناتها ، أما الآن ومع تطور الحياة وخروج الفتاة للمدرسة ثم الجامعة ثم العمل فإن محيطها الاجتماعي أصبح واسعا وأصبح بإمكانها اختيار القدوة الحسنة والتي من الممكن أن تكون شخصية مغايرة تماما لشخصية والدتها.
انظر للأم أولا
معاذ أبو طربوش يرى أن البنت مرآة لأمها ، فهي تأخذ عنها كل الصفات سواء أكانت صفات حسنة أم سيئة ، وتكون مشابهة لأمها في الشكل والأخلاق وذلك لأن ارتباط البنت بأمها يكون كبيرا جدا ما يجعلها تتشرب من أمها الكثير من الصفات. ويضيف: عندما أنوي الزواج فلن أرتبط بفتاة كانت أمها ذات طباع سيئة لأني متأكد أن كل بنت ستكون نسخة طبق الأصل عن أمها ، وما يؤكد قولي أن أمي أخذت طباع جدتي وكذلك فإن شقيقاتي يشبهن أمي في الشكل والعقلية وطريقة التفكير.
وتؤيد لمعة سالم ما قاله معاذ ، إلا أنها ترى أن الفتاة لا تأخذ طباعها فقط من أمها بل إن أباها يؤثر كثيرا في شخصيتها ، لذلك فهي تنصح كل المقبلين على الزواج ألا يهتموا فقط بأخلاق أمّ الفتاة بل عليهم أن يهتموا بسمعة الأب أيضا لأنه يساهم في تربية ابنته ويؤثر فيها بشكل كبير.
ظلم للفتاة
انعام العيسى تقول: من المؤكد أن للأم تأثيرًا كبيرًا على بناتها ، وأن هناك الكثير من الفتيات يقلدن أمهاتهن في كل شيء ، لكن هذا لا ينطبق على الجميع ، فلا يمكن أن نحكم على البنت بأنها فتاة سيئة فقط لأن أمها ارتكبت خطأ ما في حياتها. وتضيف:الحكم على الفتاة حسب تصرفات أمها ظلم كبير للبنت فكم من فتاة أصدر عليها المجتمع أحكاما خاطئة فقط لأن أمها فشلت في زواجها أو كانت ذات طباع سيئة ، لذلك علينا أن نحكم على الفتاة حسب شخصيتها هي ولا ننظر لأمها لأن لكل انسان شخصيته ولا يوجد شخصان يتشابهان في جميع الطباع.
أما عبير جرار فتقول: كل انسان له عيوبه وأخطاؤه وليس صحيحا ما يقال عن التوافق الكامل بين طباع الأم والبنت ولكن المجتمع يحاول تطبيق الأمثال"غير الواقعية" في الحياة ، فإن أخطأت الفتاة بشيء يتهموا الأم بأنها كانت تخطئ نفس الخطأ في شبابها وهذا أمر غير واقعي ولا يمكن لأي شخص مثقف وواع أن يقبل مثل هذه الأقاويل.
فاقد الشيء لا يعطيه
أما أبو بهاء فيقول:البنت تشبه النبتة ، إذا اعتني بها من قبل الأم فستكبر وتكون حاملة لكل الأخلاق الحميدة والصفات الحسنة ، أما إذا كانت الأم لا تتحلى بهذه الصفات فبالطبع ستربي ابنتها بطريقة سيئة وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه فكيف لأم خالية من القيم والأخلاق الحميدة أن تربي ابنتها على الفضائل؟.
تجربة
ع.ح يروي لنا تجربته عندما تزوج من فتاة كانت ذات صفات حسنة وخلوقة إلا أن أمها كانت"قوية وصاحبة لسان طويل" ، وقد حاولت عائلته منع هذا الزواج بأي شكل من الأشكال إلا أنه أصر على الزواج منها حيث كان يرى أن شخصية زوجته مغايرة تماما لشخصية أمها...
ويضيف: وبعد زواجنا بفترة ( وبناء عن توصيات حماتي) بدأت زوجتي بالرجوع إلى طباع أمها حيث بدأت تختلق المشاكل مع أمي وشقيقاتي وقلبت حياتي إلى جحيم ما جعلني أندم على هذا الزواج.
وينهي ع.ح حديثه بقوله:مهما كانت الفتاة جيدة فإن أمها ستؤثر عليها خاصة بعد الزواج فكل بنت تتخلق بأخلاق أمها وتتطبع بطباعها.
" أمثال ستاتية" يجب أن تخضع للمراجعة
وعن هذا الموضوع يقول الدكتور حسين الخزاعي: المثل الذي يقول" طب الجرة على تًمْها.. بتطلع البنت لأمها" أو "اقلب الجرة على ثمها بتطلع البنت لأمها": إن هذا المثل من الأمثال الشعبية التي كان يرددها الآباء والأجداد منذ القدم وهو يشير إلى أن تربية البنت تعود للأم ، والبنت ستكون صورة منسوخة عن أمها ، ويعبر هذا المثل أيضا عن شبه البنت بالأم في كل سلوكياتها ، ويشير إلى أن البنت تتخلق بأخلاق أمها.
ويرى الدكتور الخزاعي إن هذا المثل يصنف من الأمثال "الستاتية" أي الذي يتعلق بشؤون المرأة ، ولكنه يتداول على ألسنة الذكور والإناث ، وهو يستخدم في كافة الدول العربية ، ويصنف من أكثر الأمثال الشعبية التي تتداول على السنة الذكور والاناث في المنطقة العربية .
ويضيف : إذا كان المقصود من هذا المثل الإساءة للإناث والانتقاص من وجودهن والتقليل من عطائهن وإبداعهن في المجتمع فهو مرفوض اجتماعيا وتربويا ودينيا ، أما إذا كان المقصود به تشبيه الفتاة بأمها من حيث أخلاصها لزوجها واحترامها للأسرة وحرصها على إدارة الأسرة وحسن تربية الأبناء وتنشئتهم والحرص على استقرار الأسرة وسعادتها فهو مقبول اجتماعيا وتربويا . لذا فأنا أتوجه إلى كل الذين يستخدمون الأمثال أن يحرصوا على البعد عن استخدام الأمثال التي تنتقص من وجود المرأة والاعتداء على كرامتها وانتقاء الأمثال التي تبرز دور الفتاة الإيجابي المعطاء في المجتمع .
مشيرا إلى أن علينا أن نُخضع مثل هذه الامثال إلى التقييم والمراجعة ونختار ما يناسبنا منها ، فالأمثال التي تحث على التعاون والتعاضد والمحبة والتواصل الايجابي مع المجتمع وتحرص على قيم الكرم والشهامة وعدم الانتقاص من حقوق ووجود الآخرين ودورهم في المجتمع هذه القيم نحتفظ بها لأنها تناسبنا وخاصة أننا نعيش في عصر العلم والمعرفة والإبداع . أما الأمثال والحكم التي تدعو إلى الانتقاص من حقوق الآخرين والتطاول عليهم وعلى وجودهم فيجب أن نرفضها وألا نستخدمها ولا نتداولها على ألسنتنا وخاصة أمام الأبناء حتى لا يتداولوها في المستقبل .
الدستور - ايمان عواد