زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - تأبى الاضواء المثيرة مغادرة مدينة معان التي يتواجد فيها سلفيون متشددون جنوبي الاردن فقد شهدت المدينة مجددا إطلاق رصاص وحوادث أمنية في الوقت الذي انشغلت فيه جميع مؤسسات الدولة في تأمين دفن شخصين من ابناء المدينة ترفض العشائر دفنهما منذ اسابيع.
لم يعرف بعد وحتى مساء أمس الاثنين السبب المباشر لاطلاق الرصاص في مدينة معان الامر الذي استوجب مرة اخرى اجراءات امنية مشددة لتطويق اية احداث محتملة بعد مقتل ضابط شاب من قوات الدرك برصاص مجهول صباح الاحد الماضي.
حادثة مقتل الشاب اثناء نوبة حراسة روتينية اعادت خلط الاوراق الامنية لان السلطات مصرة على معرفة ومحاسبة مطلقي النار في الوقت الذي ساهم فيه هذا الحادث بتعقيد الامور في مدينة صحراوية تعيش منذ سنوات في حالة من التعقيد الاجتماعي والسياسي أصلا.
آلاف الاردنيين الغاضبين شاركوا في تشييع جثمان الدرك الشاب وسط دعوات لاخضاع هذه المدينة التي ينظر لها على انها متمردة لمتطلبات القانون.
حصلت هذه التطورات في الوقت الذي افشل فيه ابناء المدينة هجوما محتملا بقنبلة يدوية الصنع لاحد الاشخاص على وفد برلماني كان يزور المدينة ويشرف على مراسم دفن احد ابنائها من الذين قتلوا في احداث امنية قبل ثلاثة اسابيع.
الهجوم على الوفد البرلماني برئاسة رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة اربك جهدا مضنيا بذله الاخير مع زملاء له طوال شهر رمضان لتهدئة الخواطر والانفس واحتواء الاحتقان في هذه المدينة المتعبة.
الطراونة ورغم الحادثة التي لم يصب بها احد باذى ابلغ ان اللجنة البرلمانية ستواصل دورها في اشاعة الايجابية في مدينة معان مؤكدا ان الحل الوحيد المتاح لمعالجة كل الاحتقانات في المدينة يتمثل في التمسك مرة اخرى بالترابط ما بين هيبة القانون والدولة وكرامة المواطن حيث لا يوجد تناقض بين القاعدتين.
اقتراحات تفصيلية بالجملة قدمها الوفد البرلماني طوال الاسابيع الماضية وحققت انجازات ملموسة حيث تمكن الاهالي مع البرلمانيين من دفن إمراة وشاب قتلا قبل اسابيع خلال احداث امنية مضطربة كما تمكنت قوى البرلمان من تأمين اتفاق تم بموجبه فعلا تسليم ثمانية مطلوبين من ابناء عشائر المدينة الى السلطات الامنية مقابل ضمانات بمحاكمة سريعة وعادلة وعدم تعرض المطلوبين للاذى البدني. المؤسسة الامنية التزمت بجانبها من الاتفاق ولاظهار حسن النية سارعت وفي غضون ساعات للافراج عن احد المطلوبين الثمانية بعد التحقيق معه وعدم اكتشاف ادلة تدينه بأي مخالفة.
مدينة معان عمليا عالقة بين قادة عشائر ومواطنين يشعرون باضطراب شديد تجاه الدولة والسلطة ويتهمونها باستهداف المدينة ومعاقبتها جماعيا وبين نظرية امنية تؤكد على عدم وجود فرصة لاستثناء المدينة من قوة القانون والاجراءات.
عشرات المبادرات لاحتواء التوتر لم تنجح وفي كل مرة يتم فيها تهدئة الاجواء يقوم اطراف مجهولون بتوتيرها حيث تتحدث السلطات عن عشرات من المجرمين والمتاجرين بالاسلحة والممنوعات وعن نشطاء في التيارات الجهادية يؤيدون دولة داعش وتنظيم القاعدة وسط الاهالي.
عند الحفر على اعماق اكثر يتحدث بعض نشطاء المدينة والمراقبين عن علاقة بين مسار الاحداث ومواقف الاطراف وبين معادلات سياسية لها علاقة بالسعودية حصريا بسبب وجود هذه المدينة على خاصرة الحدود مع السعودية ووجود صلات تجارية ومصالح مع جهات سعودية.
لا زال التوتر مقيما في مدينة معان التي تتقاذف الامن الداخلي فيها العديد من العناصر والاعتبارات الداخلية والاقليمية وفي كل مرة تبرز فيها مبادرات لاعادة انتاج المشهد تحصل اختراقات وانتهاكات.
القدس العربي