زاد الاردن الاخباري -
يرفض الكثير من الازواج والزوجات الاقتران بآخرين بعد وفاة شريك حياتهم ، حيث يعيشون باقي حياتهم على ذكرى الراحلين ملتزمين بقيم الوفاء والعشرة التي جمعتهم بهم لسنوات طويلة في حياتهم.
ورغم ان بعض هؤلاء وخاصة السيدات يكن في ريعان صباهن الا انهن يرفضن الزواج مرة اخرى وبخاصة اذا كان الراحل قد ترك لهن اطفالا فتتفرغ الواحدة منهن لابنائها وتمنحهم الرعاية والحب والحنان بقدر ما تستطيع كتعويض لغياب الاب.
واذا كان هذا السلوك مبررا لدى السيدات اللاتي يرفضن تكرار الزواج ، الا انه وبحسب مجتمعاتنا الشرقية يعتبر غير مألوف عند بعض الرجال الذين لا يستطيعون تدبير امورهم الشخصية والحياتيه بعد وفاة زوجاتهم فيلجأوا وبشكل سريع الى الزواج بغيرها من اجل صيانة الاسرة والحفاظ على استمرارية الحياة حتى وان كان متقدما في العمر. الوفاء والاخلاص لشريك الحياة بعد وفاته حالة يعيشها الكثيرون ممن فقدوا القرين ومنهم من لا يزال يتحسس دفئه ويسمع صوته ويشتم رائحته وكأنه لا يزال حاضرا معه.
الذكريات الجميلة
يقول "ابو ايمن" 56 عاما ، انه يعيش على الذكريات الجميلة التي قضاها مع زوجته قبل وفاتها منذ عشر سنوات. واشار الى ان وفاتها تركت في نفسه وفي حياته فراغا كبيرا الا انه وحتى الآن ما زال يتذكر فنجان القهوة الصباحي الذي كانت تعده له قبل ان يذهب الى عمله في محل البقالة وكذلك ما زال يتذكر تفاصيل ايام الجمع والعطل التي كان يقضيها معها ومع اولاده سواء في المنزل او في خارج المنزل. واكد "ابو ايمن" ان وفاءه لزوجته المتوفاة لن يتغير حتى اخر يوم في حياته فهو ما زال حتى الان يشتم رائحتها في اركان المنزل ويرى خيالها وكأنها حاضرة وذكر ان اولاده الثلاثة وبعد وفاة والدتهم اقترحوا عليه ان يتزوج وان يعيش حياته بشكل طبيعي حتى يجد ونيسا ورفيقا لحياته ، وقد رشحوا له اكثر من امرأة من داخل وخارج العائلة لكي يتزوجها الا ان الفكرة بالنسبة له كانت غير مقبولة على الاطلاق وقد اخبرهم بعدم قبوله وبرفضه التام للفكرة من اساسها ، كونه وببساطة لا يتخيل امرأة اخرى تعيش في نفس المنزل التي كانت تعيش فيه زوجته قبل وفاتها.
وفي النهاية اشار ابو ايمن الى ان الوفاء لشريك الحياة خاصة بعد وفاته ليس مرتبطا بالمرأة او بالرجل فهو يعتمد على مدى الحب وفكرة تقبل الشخص نفسه للارتباط بغيره او البقاء على ذكراه وكذلك تعتمد على الفترة الزمنية التي يستطيع خلالها ان يرتبط بشخص اخر. مشيرا الى ان هناك بعض الازواج يرتبطون بغير زوجاتهم بعد وفاتها بأربعين يوما فقط وغيرهم يعيشون العمر كله دون ارتباط بل وانهم يرفضون مجرد الحديث في هذا الموضوع.
الاخلاص
وكذلك تحدثت "انعام"46 عاما عن مدى وفائها واخلاصها لزوجها الذي توفي بحادث سير قبل ثلاث سنوات والذي ترك فراغا كبيرا في حياتها وحياة اسرتها التي فجعت بخبر وفاته صباح احد الايام التي كان يستعد خلالها لاصطحابهم في رحلة الى مدينة العقبة لقضاء وقت الاجازة هناك ، الا ان مشيئة الله كانت كانت فوق كل شيء.
واشارت الى انها ما زالت تشعر بوجوده معها في المنزل بل وانها تسمع صوته في بعض الاحيان وهو ينادي عليها واحيانا يطلب منها ان تعد له فنجان القهوة المسائي والتي كانت ترتشفه معه في الشرفه كل يوم ، واكدت السيدة انعام ان فكرة الزواج والارتباط بالنسبة لها مرفوضة تماما حيث انها لا تستطيع ان تتخيل العيش مع رجل اخر غير زوجها الذي كان بالنسبة لها كل حياتها.
البوم الصور
ولا يجد "محمود"وسيلة او طريقة لاسترجاع ذكرياته مع زوجته التي توفيت قبل سبع سنوات بمرض عضال الا بالرجوع الى البوم الصور الذي كان يضم مجموعة كبيرة من صورهما سواء في فترة خطوبتهما او بعد زواجهما.
يقول: تزوجنا بعد قصة حب استمرت ثلاث سنوات وبعد زواجنا ازداد حبنا وارتباطنا ببعض خاصة بعد انجابنا لابنائنا "علي" و"سيرين" وقد كانت حياتنا مليئة بالحب والحميمية ولم اذكر في يوم ان دخل النكد او الحزن او الشجار الى بيتنا في يوم من الايام فقد كانت زوجتي مديرة منزل بدرجة رفيعة وامًا رؤوما وتستطيع حل المشاكل بشكل دبلوماسي قبل ان تتفاقم ، كما كانت - رحمها الله - قبل مرضها محبة لأهلي وقد كانت تحرص على ان تحثني على برهما والتواصل معهما خاصة والدي.
وبعد مرضها ووفاتها تركت فراغا كبيرا في بيتنا وأنفسنا فلم نعد حتى الآن نشعر بطعم الحياة والفرحة بدونها وبالرغم من انها لا تغيب عن بالي لحظة واحدة الا انني دائما اضع صورها في كل ركن من اركان البيت واناجيها واتخيلها تسمعني في المطبخ وفي شرفة البيت التي كانت تحرص على وضع النباتات وقوارير الزهر في زواياها وبخاصة زهرة الريحان.
وحول فكرة ارتباطه بغيرها اشار الى ان عقله لا يستطيع ان يصدق ان يتآلف مع امرأة اخرى رغم الحاح اصدقائه واقاربه عليه بالزواج باعتبار ان ذلك جزءّ من سنة الحياة.
جمانة سليم