اتصلت من بلاد الاغتراب مع صديق عزيز علي في الوطن الاعز.
وبدأ صديقي ونحن كالاخوان تربطنا زمالة الجامعه وصداقة العمر وصدق النصيحه بدأ كعادته ينصحني بالعوده للوطن وكفاني اغترابا في هذا السن المتأخر واخذ يحدثني عن الوطن وجماله وراحة العيش به بالرغم مما يحدث احيانا من نزاعات فرديه وعائليه وغلاء الاسعار الا ان العيش بين الاهل والاصدقاء له طعم خاص في حياة الانسان لا يمكن للانسان ان يتخلى عنها ببساطه وبعد ان اسهب في ذلك بميزة الامان والاستقرار في الحياة اليوميه للمواطن قلت له يا صديقي انت تعلم انني لم آت للخليج وجوه الحار من اجل جمع المال فرب العزة متفضل عليه بنعمته التي تكفيني واهل بيتي والحمد لله
ولكنني خرجت من بلدي طوعا بعد ان ضاق جسدي بنفسي في بلدي فقررت ان اتحمل غربة جسدي على ان اطيق غربة نفسي في بلدي فغربة الجسد كفيلا بالصبر تحملها ولكن غربة النفس لا يقهرها الا عناء اشد من مرارة الموت وآليت ان اهرب بحب وطني على ان بساورتي شك بانه يكرهني فابقيت حبه بكبدي عل الله يكتب لي العودة لاجد حبه ما زال مكتنزا في قلبي كما كان .
وكم هي صعبة يا اخي ان يموت للمغترب والد او عزيز وهو ليس بقربه او ان ياتيه اول حفيد ولا يكون اول من يقبله فالمغترب يعاني في افراح الوطن واتراحه على حد سواء .
ولكن ما يجبر الانسان على مرارة الغربه فهناك اسباب تتعلق بالمواطن او الوطن ولكل منهما اسباب ومسببات فالوطن الذي لا يوفر عملا للشباب المتعلم والعامل وان حصل فبدخل لايمكنه من بناء اسرة ويسد احتياجاته فيضطر للبحث عن فرص خارج الوطن وذلك ينطبق على من كون اسرة لا يستطيع الوفاء بالتزاماته الحياتيه .
وعندما يشعر المواطن انه ضحى من اجل بلده واعطاه الوطن الكثير فعندما يشعر بعدم المساواة والعدل من افراد مسؤولين في بلده تسيطر عليهم نزعة الشلليه والمصلحه الذاتيه ولكي يبقى حب الوطن في صدره بالرغم من عدم وفاء البعض له وتقدير عمله فيهرب بحب وطنه الى بلاد الاغتراب ايا كانت بعيدا عن اؤلئك الافراد وقوة نفوذهم لا خوفا منهم وانما خوفا من نفسه ان ينعكس ذلك الشعور على حبه لبلده ولن يجد المغترب حبا لبلد او قيادة كما هي لوطنه وقائده الملهم فيهرب بحبهم من براثن الفساد والفاسدين ليبقى نظيفا امام وطنه ويبقى الوطن قبلته ايتما حل معطيا لبلد الاغتراب الصوره الناصعه عن وطن الرجال الاجمل والاعز .
ومع ذلك اصر صديقي ان العوده للوطن لمن هو ليس بحاجه للاغتراب خير وسيلة للاصلاح وبذر مشاعر المحبه ومحاربة مظاهر الفساد والشلليه وتقريب النفس مما هو خلاق وجميل في الوطن لكي تتغلب على غربتها في وطنها ويرتاح المغترب من غربة الجسد .
ومع اقتراب قناعتي بما يقول ذكرت صديقي بقول طرفه ابن العبد
وظلم ذوي القربى اشد مرارة على المرء من وقع الحسام المهند
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 28 / 6 / 2010