لربات المنازل منزلة خاصة لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي، فلم يكن سهلاً على المؤسسة أن تتجاهل مليون ربة منزل غير عاملة في سوق العمل من أن تفسح لهن مجالاً بين صفوف المؤمن عليهم والمؤمن عليهن العاملات والعاملين في القطاعين العام والخاص ممن يتمتعون بالتأمينات الاجتماعية التي يوفرها قانون الضمان وأهمها تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة وتأمين إصابات العمل وأمراض المهنة وخلال العام القادم تأمين الأمومة وتأمين التعطل عن العمل وقريباً التأمين الصحي أيضاً..
اليوم يفتح الضمان الاجتماعي أبوابه لربات المنازل الأردنيات متيحاً لهن فرصة الاشتراك الاختياري بالضمان أسوة بالمرأة العاملة في سوق العمل، لقناعة المؤسسة بأن المرأة العاملة في بيتها لا تقل أهمية عن المرأة العاملة في سوق العمل، فهذه منتجة وهذه منتجة..
هو حق للمرأة العاملة في بيتها المتفرغة لشؤون أسرتها، فقد ذلّلت مؤسسة الضمان الاجتماعي العقبات التي كانت تقف دون إشراك ربات البيوت بالضمان، وها هو القانون الجديد يفتح هذه النافذة على دفتيها، وها هي مؤسسة الضمان توجّه نداءها لكل ربات المنازل الأردنيات لكي يبادرن إلى طلب الاشتراك بالضمان، من أجل أن يتمتعن بما تتمتع به المرأة العاملة في سوق العمل من تأمينات للحاضر والمستقبل، تساعد على توفير حياة كريمة للمرأة عندما تخرج من سوق العمل أو عندما لا تكون قادرة على العمل أو عندما تؤْثر الراحة في بيتها بعد سني عمل قد تكون طويلة ومرهقة..
الضمان الاجتماعي لا يوفر راتباً تقاعدياً فقط للإنسان عند بلوغه السن القانونية للتقاعد، وإنما يوفر حماية متصلة له ولذويه عابرة للسنين، فيتقدم الضمان للقيام بدوره في حالات العجز والاعتلال وفي حالات الوفاة، وقريباً في حالات الأمومة وحالات التعطل عن العمل، وهي مخاطر يتعرض لها كل الناس.. هذه هي تكافلية المجتمع، وأساس منعته الاجتماعية في إطار نظام اجتماعي يضبطه إيقاعه الضمان بالمقام الأول بما يرتبه من مزايا وما يفرضه من أعباء والتزامات على الأطراف المختلفة من حكومة وأصحاب عمل وعاملين وشركاء ومنتسبين اختيارياً لهذا النظام، لكي يحافظ على اتساق اجتماعي عادل عنوانه الأمان والطمأنينة والاستقرار النفسي والمادي للمواطن..
الضمان الاجتماعي الأردني يدخل اليوم حقبة جديدة برؤية عصرية متقدمة جداً دافعة إلى الانتاج بالنسبة للعاملين، ويخرج من مفهوم الإلزامية التقليدية لإشراك العاملين، ليفسح المجال لغير العاملين بالإنضواء تحت مظلته، مما يوسع دائرة الحماية الاجتماعية ويعزز من توجهات الدولة لحماية المواطن وبخاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية والمالية، إضافة إلى الدخول في مرحلة شمولية التغطية لكل الشرائح العاملة في المجتمع، ومنها العاملين في قطاعات العمل غير المنظم وهي القطاعات الأوسع في سوق العمل الخاص..
تحديات ليست سهلة، لكن مواجهتها ضرورية، وبخاصة أن ما تواجهه نظم الضمان من صعوبات في شمولية تغطية العاملين وبالتالي ضعف مستوى الحماية الاجتماعية المتأتية، هو ناجم بشكل أساسي عن: تزايد نسب العاملين في قطاعات العمل غير المنظم وهي قطاعات تحتاج إلى حملات توعية مكثفة لرفع مستوى إدراكها لأهمية الضمان بالنسبة لها حاضراً ومستقبلاً مع العلم بأنها الأكثر حاجة إلى حماية نظم الضمان، وضعف الأجور التي يتقاضاها العاملون في هذا القطاعات الأمر الذي يؤثر على قدرتها على تحمل الاشتراكات الشهرية للضمان، إضافة إلى ما يتصف به هذا القطاع من تذبذب وعدم استقرار، وأخيراً تآكل الطبقة الوسطى في المجتمع لحساب الطبقة الفقيرة..!!
أخيراً فهذه مؤسسة الضمان الاجتماعي إذْ تطلق حملة إعلامية للتوعية بأهمية شمول ربات المنازل بالضمان، فإنها توجّه دعوة لحوالي مليون ربة منزل أردنية معظمهن خارج مظلة الضمان الاجتماعي لكي يبادرن إلى قرع باب الضمان ودخول بيته، فالضمان آثر أن يدخل إلى بيوتكن مقدماً لكنّ الحماية.. وسوف تشعر كل أردنية تبادر للاشتراك اليوم بأنها اتخذت قراراً صائباً ومهماً في حياتها، وسوف تزداد قناعة كلما تقدّم بها السن، فالمبادرة اليوم ستقطع دابر الندم غداً..