بين عشية او ضحاها خرقت الحكومة كل الاعراف الديمقراطية ، وكسرت كلّ مكتسبات الحريات العامة التي حققناها خلال عقود خلت ، وقفزت فوقها لنرى الزميل الصحفي عبد الهادي راجي المجالي الكاتب في صحيفة الرأي في السجن على خلفية معروفة ، ولا نقول انه بريء حتى تثبت ادانته، ونقول انه بريء لأننا نعلم حيثيات جنايته ، وإرهاصات قادت الى نتائج حتمية بعد ان أفشى بسر ولا نشك في براءته لأننا نعلم والرأي العام يعلم الخلفية التي اقتادته الى هذا المصير . هناك في دولتنا ابن الدّاية وابن الدّرة – بكسر الدال - على حسب تصنيفات ريختر للفلاحين وأبنائهم من امثالي ، وهنا عبد الهادي يشغل مركزين مهمين في رفقة الحكومة ، هما كاتب في بيت ابي سفيان ومدير عام مركز الحسين الثقافي ، وهما موقعان من ذواتي افنان ، لا ينالهما من طال لسانه ثلاثة اذرع ونصفا في مدح الحكومات ، فكيف يفترقان بعد أن كان بينهما برزخ لا يبغيان فكيف حصل كل هذا بينه وبين الحكومة بين لحظة وضحاها وبجرة قلم؟ . لقد عرف الوسط الصحفي اصل المسالة اذا ما عدنا الى علم الاصول والمنابت ، ونعرف حجم الانفعال الذي وصلت اليه مقالة الكاتب وكيف وقع بالمحظور والويل والثبور ، وكيف نال من هيبة البعض على غير عادته ، فالمعروف عن زميلي عبد الهادي هدوؤه التام حتى حينما يغضب ، والذي كنت زاملته مع بدايات انطلاقته في الكتابة ، حينما عملنا سويّا مع فريق القراصنة ، يوسف غيشان ومحمد طمليه ونزيه ابو نضال واكرام المحتسب في الزميلة " عبد ربه " الاسبوعية الساخرة لمن عاصرها او تذكرها ، التي انقرضت كالديناصورات لحجم سخريتها ، لكن الضيم عملق الذات وطغت في نفس الكاتب فلم يملك السيطرة ، ودفق قلمه بما يقال وما لا يقال ، ونسي ان هناك ما لا يقال وان قيل يكتب تلميحا ، كمن ينادي من واد الى واد ، حتى لا يفهمه الا من يفهمه فقط . نضم صوتنا الى صوت نقيب الصحفيين ونقابتنا وندعو الى الافراج عن الكاتب لان الخاسر هو الحريات العامة ، بينما توجهات الدولة وجلالة الملك تذهب الى تعزيز الحريات على ان لكل جواد كبوة ولكل كاتب شطحة كشطحة الحلاج والبوزيدي . لا ذرائع للحكومة لسلوك غير مقصد الشفافية ففي الغرب من شطح ونطح وشطّ ونط ّ وهفا وغفا فلم تطله السجون ولا كادته القرارات فلا سبيل غير سبيل الديمقراطية والحريات . .