منذ أن تولت حكومة الائتلاف اليميني اليمين الإسرائيلي المتشدد إدارة البلاد منذ آذار 2009 والذي يضم أعتى قوى التطرف والعدوان اليميني من أحزاب المستوطنين وأيتام أرض إسرائيل الكبرى، والفاشية العنصرية والترانسفيرية الصهيونية والأصولية اليهودية اليمينية التي وجدت ومنذ تاريخ تأسيس دولة اليهود انسجاما فكريا وايدولوجيا لا سابق له ، جعلهم في مواجهة مع العالم من جهة وفتورا شكليا مع إدارة اوباما التي خضعت لتوجهاتهم والإقرار بمعظم سياسات التوسع والحصار والمصادرة والملاحقة والقتل من جهة أخرى ، وما كان لإسرائيل أن تحقق ما حققته لولا الانسجام والدعم الداخلي الذي توازن بفعل الائتلاف الخطير والدعم الأمريكي اللامحدود لتك السياسات على حساب المصالح العربية والفلسطينية تحديدا والتي باتت واضحة في أكثر من موقف داعم للتوجهات والسياسات الإسرائيلية وخاصة المتعلقة بها بجرائم الحرب والقتل التي اقترفتها الحكومة منذ توليها والتي أدانها العالم كله باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية وحدها .
الأردن وحده ومن دون معظم دور الجوار لم يكن متفائلا بتولي الحكومة اليمينية السلطة في إسرائيل لمعرفته بالأفكار والمعتقدات والسياسات التي يؤمن بها هذا التكتل الصهيوني ، ولذلك كثف حملاته الدبلوماسية على المستوى العربي والدولي من اجل دفع المفاوضات الفلسطينية إلى الأمام للوصول إلى حل نهائي يحفظ الحقوق الفلسطينية ويؤسس لمنطقة أمنة مستقره تنعم بالاستقرار والتطور ومواجهة التحديات كافة ، كما عمل على فضح الممارسات الإسرائيلية بحق السكان في قطاع غزة و المطالبة بفك الحصار عنه وفضح تأثيراته الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والعمل من اجل التخفيف على الناس جراء الحصار المفروض على القطاع منذ أربعة سنين ، كما أدان الأردن كل الممارسات الإسرائيلية الإجرامية التي نفذتها الحكومة الحالية بحق الأقصى واغتيال المبحوح وجريمة أسطول الحرية وقبلها تقرير جولد ستون ، وكان للتحركات الأردنية ردود فعل لم ترضى الجانب الإسرائيلي الذي وجد في الأردن \" صديقا \" مزعجا يحشد العالم لفضح ممارساته ويؤسس لقاعدة دولية تضاعف من ضغوطاتها على إسرائيل ، فرفض الأردن منذ شهور ورغم الوساطة الأمريكية استقبال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مما اعتبر ضربة موجعة لإسرائيل تأتي من دولة تقيم إسرائيل معها علاقات سياسية نبهت العالم حينها إلى خطورة الموقف وانعكاسات الغضب الأردني على الموقف الدولي عامة والموقف الفلسطيني خاصة الذي وجد في تلك السياسة دعما وإسنادا له لممارسة مزيدا من الضغط على إسرائيل ، ومن هنا أقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها فسمعنا عن الوطن البديل يناقش كمشروع في الكنيست الإسرائيلي وسمعنا عن مشاريع الترانسفير أو التهجير إلى الأردن وعن تخفيض الدعم الأمريكي للأردن رغم الظروف الاقتصادية التي تواجه اقتصاده وسمعنا عن خطورة الأردن على إسرائيل حسب تصريحات يوسي بيلين مؤخرا ورفض الأردن شراء وتوفير اليورانيوم المخصب من الأسواق العالمية لإغراض سلمية رغم وجود أطنان من هذه المادة في الأردن يمكن معالجتها في البلاد ! وكل ذلك لم يمنع السياسة الأردنية من الاستمرار بالمعركة التي بدأها لمواجهة التعنت والتزمت الصهيوني والتي تشير إلى أن العلاقات الإسرائيلية الأردنية مثلما هي قابلة للتطور فهي قابلة للتدهور وحتى المواجهة أن استمر التعنت ذالك .
إن اقرب ما يمكن وصفه لما يجري ألان من حراك دبلوماسي أردني هو الأقرب إلى معركة استنزاف سياسية يهدف الأردن من خلالها إلى التضييق على الائتلاف الحاكم في إسرائيل شيئا فشيئا و العمل إن أمكن على إسقاط هذه الحكومة التي ذهبت بعيدا في تجاوزاتها رغم كل الدعم والتأييد الأمريكي اللا متناهي لدولة إسرائيل ، فأن الأردن سيتحمل مزيدا من الضغوطات في هذه المعركة التي قد يخسر فيها الكثير من المعارك لكنه في النهاية قد يكسب حربا خطط لها وصمم على النجاح بها من اجل صالح الجميع في المنطقة .