بعد غد الخميس يفترض أن تقدم جميع الوزارات والمؤسسات المستقلة برامج عملها الى رئاسة الحكومة على شكل خطط واضحة ومجدولة سيصار، بعد مراجعتها وإقرارها، رفعها إلى جلالة الملك وفق ما طلب بيان التكليف والتزمت به الحكومة في ردّها، أي تقديم البرامج خلال أربعين يوما بعد التشكيل.
سنرى إذا كانت الوزارات ستتمكن من الوفاء بهذا الالتزام بطريقة جديدة وجيدة ضمن المحاور السبعة التي تضمنها كتاب التكليف، فلا الطلب الملكي ولا الالتزام الحكومي جديد بشأن العمل على أساس برامج تنفيذية وجداول زمنية وكلف مالية ومعايير قابلة للقياس. والتجارب السابقة للعمل بموجب خطط وأهداف وسقوف زمنية مرفقة بنسب الإنفاق لم تنجح حتى مع إنشاء وزارة خاصّة لـ"مراقبة الأداء الحكومي" وكانت تهمل بعد وقت قصير ونأمل أن نرى هذه المرّة شيئا مختلفا.
كانت الرئاسة لتسهيل هذه المهمّة قد وزعت على الوزارات والمؤسسات نماذج معتمدة موحدة فلا تضع كل جهة على كيفها وثائقها، ففي تجارب سابقة لوضع الخطط كانت كل جهة تجمع ما هو متوفر في أدراجها من مواد تراوح بين التعميم الإنشائي والطموحات العامّة، والمشاريع القائمة، روتينية أو مستحدثة، وترفع كلها معا في عملية تتحول إلى إجراء شكلي استجابة لمتطلب مفروض.
نتوقع أن البرامج والخطط حال إقرارها ستكون مادّة معلنة متاحة للإعلام ومنشورة على مواقع الوزارات والمؤسسات يسهل على الإعلام متابعتها، وهو الآن عين الرأي العام وأداة الرقابة والمساءلة العامّة في ظلّ غياب مجلس النواب، والحقيقة أن لدينا فضولا لنرى كيف ستعمل الوزارات بطريقة أكثر ترتيبا وكفاءة ضمن التوجهات العامّة للإصلاح، ونفترض أننا لا نبدأ من الصفر، فهناك أيضا خطط وتصورات موجودة من السابق وقبل ذلك هناك إطار الأجندة الوطنية الذي تلتزم به الحكومات المتعاقبة.
قد يبدو لأول وهلة أن النماذج الجاهزة للتعبئة صيغة مدرسية للعمل الحكومي، لكن إذا حسبنا عدد الوزارات والهيئات والمؤسسات المستقلة، وهي تنوف على السبعين، فيمكن أن نتخيل ما الذي سيكون عند الرئاسة إذا ترك لكل جهة أن تقدم الوثائق بطريقتها، وحجم العمل سيبقى هائلا حتّى بوجود نماذج دقيقة ومحددة إذا كان كل شيء سيخضع بجدّ للمراجعة والتدقيق والمناقشة وسيخضع الأداء دوريا للمتابعة والتقييم والمساءلة.
طبعا عمل الحكومة ليس فروضا مدرسية جاهزة يتوجب فقط ترتيبها ومراقبة إنجازها، فهناك قضايا كبرى تحتاج إلى حسم سياسي، خذ مثلا موضوع السكن الكريم الذي تقلّب على جهات وآليات وما يزال، أو موضوع توسعة المصفاة أو مؤسسة الإذاعة والتلفزيون أو التعليم العالي والجامعات، وهكذا في مجالات مختلفة قبل أن ننتقل إلى المستويات التنموية – السياسية بدءا بمشروع اللامركزية؛ فما هو الجدول الزمني الذي يمكن وضعه من الداخلية الآن لتنفيذ مشروع اللامركزية، وهكذا في ميادين عديدة تحتاج إلى حسم الرؤية والتوجهات.