* ماهر ابو طير
الذي يحفر نفقا تحت الارض بين غزة ومصر ، بعمق عشرة امتار ، قادر على حفر نفق اخر بعمق ثلاثين مترا ، فالجدار الفولاذي الذي يتم بناؤه اليوم ، لن يمنع حفرالانفاق ، ولن يخنق غزة.
الشعب الفلسطيني ، يتم شتمه علنا في الصحافة المصرية ، واذا عدنا الى الصحافة العربية ، لوجدنا ان الشعب الفلسطيني نال نصيبا هائلا من الشتائم على يد كُتاب عرب ، من فؤاد الهاشم الذي كان يستمتع في صحيفته بدماء اطفال غزة ، ويشمت بهم ، على عكس كثرة من شعبه الطيب ذي المواقف الطيبة ، وصولا الى صحافات اخرى ، اعتبرت ان التجرؤ على شعب قيد الذبح ، بطولة ما بعدها بطولة. ما الذي يشعر به الفلسطيني في العالم ، سوى نظرات الملاحقة والشك والارتياب ، في كل مكان ، وفي كل مصيبة تقع في العالم العربي ، في لبنان والعراق ، واماكن اخرى ، يتم البحث عن الفاعل الفلسطيني ، اولا ، ومن حيث المبدأ ، واذا لم يكن موجودا ، يتم اختراعه ، لانه الوحيد المؤهل تاريخيا لحمل كل المصائب ، والافعال البريئة وغير البريئة على حد سواء.
الفلسطيني بات كأنه لعنة العالم العربي ، الذي يريد الانشغال بحلب النياق ، ومزج الحليب بالعسل ، ويعتبر مشكلة الشعب الفلسطيني ، مشكلة مزعجة. ذهبت فلسطين. وعلى الفلسطينيين في العالم ان يعيشوا ويتنعموا بالارزاق والوظائف ، في حالات اخرى ، وان يسكتوا حتى يُفرجها رب العالمين. بين الترغيب هذا والترهيب ذاك ، تتم صناعة معادلة الفلسطيني في العالم العربي وصورته النمطية باعتباره مشكلة متنقلة. هل من المنطقي ان يشتم الاسرائيلي الفلسطيني ، ويخرج العربي ايضا ليشتم الفلسطيني. كيف يقبل البعض ان يتساوى مع القاتل والمحتل ويمارس التحريض ضد من تشرد وخرب بيته وطاف الدنيا. هل من المنطق ان يقبل البعض على نفسه ، ان يشتم الفلسطيني ويقدم خدمة مجانية للاسرائيلي. هل مشكلة العرب هي مع الشعب الفلسطيني اساسا ، وكيف يتناسون ان المشروع الاسرائيلي بدأ بفلسطين ، وسيمتد اجلا ام لاحقا ، الى كل المنطقة ، فالفلسطيني يأكل كل الضرب من الاسرائيلي والعالم ، نيابة عن عرب النياق ، والفستق والبخور والشعر ، وبرغم ذلك لا يتم شكره ، بل يتم ضربه فوق ضربه.
من يكتب في صحافة الشقيقة الكبرى ، ويقول ان على الفلسطينيين ان يتوقعوا ردا زلزاليا ، على خلفية قصة قافلة شريان الحياة ، ينسى ان هذه المصطلحات يجب ان تقال بحق القاتل وليس بحق الضحية. التجرؤ على الضحية ليس مرجلة ابدا. ولم نسمع هذا الكلام ضد الاسرائيلي ، وتاريخه في قتل الشعب المصري والتآمر عليه ، وعلى مقدراته وشعبه وترابه واقتصاده وزراعته. شعب مصر الذي نُحب ، وسنبقى نُحبه مهما سمعنا ، لاننا نعرف ان من يشتم الفلسطيني يدافع عن مُرتبه وسيارته ، ولا يختزل تاريخ مصر العظيمة في كل ما يقوله من هراء وكلام فارغ.
معاناة الفلسطيني في العالم سرها انه يشعر ان رأسه مطلوب لجهات كثيرة اسرائيلية وامريكية ودولية وعربية ، ولا ملاذ له الا ان يتذكر ان هذا قدره وان عليه ان يتحمل ويحتمل ، حتى يفك الله اسر فلسطين ، وهو وعد رباني ، لا نقاش فيه ، يعرفه ايضا الشرفاء من العرب والمسلمين ، ممن لا يرشون الملح فوق جرح الجريح ، وهم كثر برغم كل مانسمع ونرى ، وبين العرب من له مواقف تاريخية مشهودة الى جانب الشعب الفلسطيني ، وهي مواقف لا تنكر ابدا.
هل من المرجلة رش الملح على الجسد الجريح؟ سؤال برسم الاجابة.
mtair@addustour.com.jo