وما زلنا نكبر..
كبرت احلامنا التي نشرتها انفاسنا الصغيرة عن جنيات الاحلام، كبرت أسئلتنا البريئة عن متع الكبار في السهر ليلا والذهاب للعمل واكمال الدراسة، لكن صغر كل شيء عندما كبرنا الا المشاكل حولنا كبرت اضعاف ما توقعنا.
لم تعد تسعدنا ضحكات الأمس، لم تعد تهمنا مشاعر الغير احيانا، اصبحنا كما الألعاب الآلية تحركها المادة او منصب مهم، لم نعد ندرك بين صفحات الانشغال اليومي ان هناك نحن ما زلنا صغار في ذواتنا، يتنشق ذاك الصغير ليوم جميل يهدئ ثورته الطفولية حينا واللعب احيانا اخرى، نسينا جنونه، ضحكه، دمعاته المتساقطة عند الفرح، غضبه عند سقوط حلواه المفضلة على الأرض، نسينا كل ما تمنيناه صغارا لنسعى لما يريده المجتمع ونحن كبارا.
كبرنا لندرك اننا فقط نتقدم في العمر ولا نجد سعادة الحياة، قديما كنا نعيش لنفرح والان نفرح لاننا نعيش فقط، اغلب معطيات الحياة معناها يقتصر لدينا بالمال والثروة والسلطة بلا حدود وقيود، فنسينا او تناسينا مجمل وبذرة السعاده المستكينه في ينبوع خلجات الطفولة، فهناك حيث اللاحزن فقط كنا نفهم ما معنى البسمة والامل بلا عذاب، امانينا كانت بسيطة ويا ليتها بقيت هكذا مرسومة على حيطان غرفتنا، وجدران مدرستنا القديمة، تسكن ملعب الحي، وكرتنا المصنوعة من بواقي ملابس صديقنا امجد، ليتها بقيت فراشة نركض ورائها في بيارة شيخ قريتنا نغزو ورائها بكل سعادة نتسابق مع اشعه الشمس حينا وننوي ان نسبق ظلنا الثائر المشبع بروعه مستقبل نجهل معانيه العميقة فبرائتنا لا تستوعب هذا الكم من المجهول والمسؤولية، ليتها بقيت قطفا من التين وزهرة من الياسمين او عنبا احمرا نتراشق به في ظل باحتنا الخلفية، ليتها بقيت في عيون اهلنا، اقاربنا، ليتها بقيت في عيون جدي الجميلة، تخبرني عن قصة جديدة كل مساء، يمسح ارهاق يوم مليء بالضحك بيده التي بدأت تتجعد ، ليتها بقيت قبلة حب تنثرها جدتي لي كل صباح برائحتها العبقة، ليتها بقيت بتراب حيينا القديم في ازقته الصغيرة، برفاقي القدامى ، ببائع الفول المتجول، بعجوز يبيع اللبن كل صباح فأنتظره بوعاء فضي ليسكب لنا ما لديه من لبن وابقى امشي بروية كي لا ينسكب مني شيء وتوبخني امي عليه.
ليت ما كان يعود، فلقد تعبنا مما نحن فيه وما عليه سنكون، لكن جميعا نعلم انها تبقى امنيات للعودة وذكريات نحكيها كلما جلسنا سويا لترسم بسمة على وجوه البعض او دمعه حنين على سنين الأمس.
.
.
أسماء العسود.