زاد الاردن الاخباري -
عماد مجاهد -تحضر منظمة المؤتمر الإسلامي لإطلاق قمر صناعي خاص بالعالم الإسلامي يخدم المسلمين في مجالات مختلفة مثل الاتصال والاستشعار عن بعد وأهداف أخرى ، ومن ضمن هذه الأهداف رصد هلال أوائل الشهور القمرية ومن ثم تحديد موعد العبادات والمناسبات الإسلامية المختلفة مثل تحديد بداية شهر رمضان المبارك وشهر شوال وموسم الحج والشهور القمرية الأخرى بحيث يتم اعتماد طريقة موحدة في العالم الإسلامي لعمل تقويم هجري موحد في العالم الإسلامي بحيث لا يكون هنالك اختلاف في التقويم الهجري بين دولة وأخرى خاصة الدول القريبة من بعضها البعض جغرافيا.
الحقيقة أن الفكرة إذا ما كتب لها النجاح وتحقق وجود قمر صناعي إسلامي لهذا الغرض فهو في حقيقة الأمر عمل رائع يستحق الإشادة ولا شك انه يدخل العالم الإسلامي عصر الفضاء من أوسع أبوابه ، ولكن السؤال الهام الذي يطرح نفسه الآن وهو: هل سيحل القمر الصناعي مشكلة تحديد بداية الشهور القمرية بحيث لا تختلف الدول الإسلامية فيما بينها أم أن المشكلة ستبقى قائمة؟.
الحقيقة ومن خلال تجربتي المتواضعة والطويلة في هذا المجال أرى أنني غير متفائل من أن القمر سيحل هذه المشكلة ، بل أظن بصراحة أن المشكلة ستبقى قائمة ، والسبب بكل بساطة انه ليس العامل الفلكي هو مشكلة تحديد أوائل الشهور القمرية ، فنحن خبراء الفلك لدينا مؤلفات وبرامج حاسوب منذ عشرات السنين تستطيع حساب بداية جميع الشهور القمرية حتى آلاف السنين القادمة ، وبدقة بالغة ليس فيها أي شك ، وهذه الكتب والبرامج الفلكية موجودة بين متناول أيدي علماء الدين الذين هم أصحاب العلاقة في تحديد موعد بداية الشهور القمرية ، ومع ذلك فالاختلاف موجود في تحديد بداية الشهور القمرية ، ونجد انه لكل دولة تقويم هجري يختلف عن الدولة الأخرى ، مع انه في الأصل يجب أن لا يكون هذا الاختلاف موجودا بل يجب أن يكون هنالك تقويما هجريا موحدا في العالم الإسلامي.
وعلى الرغم من أن بعض الدول الإسلامية عقدت العديد من المؤتمرات من اجل الاتفاق على وضع سياسة خاصة موحدة في تحديد بداية الشهور القمرية جمعت علماء الفلك والشرع من مختلف الدول الإسلامية ، وتم الاتفاق على نقاط هامة للغاية إذا ما اتبعت بالفعل فلن يكون هنالك اختلاف في تحديد بداية رمضان وعيد الفطر والشهور الأخرى.
لكن وللأسف الشديد كل قرارات هذه المؤتمرات بقيت حبرا على ورق ، حيث لم يلتزم علماء الدين بهذه القرارات مما يعني أن ثمة أسباب أخرى غريبة تدخل في الموضوع ، من أهمها عدم الاعتراف بالعلم أصلا ، حيث يظن بعض علماء الشرع أن الحسابات الفلكية هي تنجيم ولا يجوز الاعتماد عليها ، لذلك عندما لا نتمكن نحن خبراء الفلك من رصد الهلال بالمراصد الفلكية الضخمة والمتطورة وتؤكد عدم رؤية الهلال نرى انه يتم إثبات رؤية الهلال حسب الشريعة الإسلامية.
لهذه الأسباب ولهذه الحقيقة المرة التي نعيشها جعلتني غير متفاءل من أن القمر الصناعي سيحل مشكلة رؤية الهلال لأنه لن يعتمد عليه مهما كان دقيقا وسنجد من علماء الدين من يحرم الاعتماد على هذا القمر ، وعليه فإنني اقترح أن يتم استغلال الأموال المخصصة للقمر في أماكن أخرى.
ولكن من اجل إحقاق الحق أقول: أننا في الأردن أصبحنا قدوة للعالمين العربي والإسلامي في فك الخلاف وقطع الشك باليقين وتنفيذ الأحكام الشرعية من خلال الرصد العملي للهلال الذي يأمر به سماحة الدكتور احمد هليل قاضي القضاة من خلال خيمة التحري الذي يجتمع بها علماء الشرع والفلك والقضاء الشرعي ، ويتم من خلالها تحري الهلال بكل شفافية ووضوح ، وهو ما جعل الدول العربية تقلدنا في التنفيذ ، لان هذه الطريقة هي التي أمرنا بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، ونطالب فيها أيضا نحن الفلكيون.
الدستور -