زاد الاردن الاخباري -
يقال إذا كان "جلجامش" مستعدا للكف عن بحثه الأسطوري عن سر الخلود، فإن المرأة ليست مستعدة للكف عن القبض على سر الجمال، حتى لو استنفدت عمرها كله، وربما "أعمار" غيرها، خلف هذا البحث المضني، الذي تتعدد أساليبه وتتنوع باختلاف الأزمنة والأمكنة .
والغريب، أن معظم النساء، يؤمن في مجال الجمال تحديدا، أن "الغاية تبرر الوسيلة"، حتى ولو كانت "الوسيلة"، مستحضرات كيماوية تنعكس سلبا على صحتها.
العشرينية سيرين، هي من هؤلاء الفتيات، والتي لم تفقد "الأمل"، حتى بعد تجربتها لأكثر من نوع من أدوية حبوب التنحيف، بالوصول إلى القوام الذي تنشده، إلى أن بدأت تظهر عليها أعراض سلبية.
وتقول بهذا الصدد: "قمت بتجربة جميع أنواع الحبوب، حتى بدأت أشعر بتعب شديد، وتسارع في ضربات القلب، وأرق شديد وأحياناً اكتئاب، ما جعلني أقلع عن استخدامها، ولا أفكر في الرجوع إليها مجدداً؛ لأني ألحقت الأذى بنفسي بما فيه الكفاية".
وتضيف أنها كانت، كل مرة، تستخدم نوعا جديدا من الحبوب، وكان ينخفض وزنها في بداية الأمر، وبعد الانتهاء من تناول الحبوب، يعاود وزنها الرجوع إلى سابق عهده.
اختصاصي أمراض الجهاز العصبي فراس زريقات، يقول إن الحبوب نوعان، منها الأنواع الطبية، وهي التي تساعد على التنحيف بمساعدة نظام غذائي. وهي كثيرة، منها الأنواع التجارية، ومنها ما لا يتم تصنيعه بوساطة شركات طبية أصلاً.
ويؤكد أن هذه الأدوية مضرة بالجسم. وبصفته طبيبا، فإنه يمتنع عن وصفها لأي مريض، مبينا أنها غير خاضعة لدراسات علمية حقيقية، وتترتب عليها كثير من الأعراض، على غرار الالتهابات، وفشل الكبد، وزيادة الأملاح، وفشل الكلى، فضلا عن مشاكل في الجهاز الهضمي والقرحة، إضافة إلى ظهور أعراض أخرى مع تقدم العمر .
أما الأربعينية لانا، فتقول إنها من النوع الذي لا يمكن أن يجازف بصحته، غير أن توفر أدوية جديدة، مطبوعة بدمغة تفيد بأنها مكونة من أعشاب طبيعية بنسبة 100 %، هو ما جعلها تقدم على تناولها، غير أنها حتى بعد تناولها، كانت "تشعر بصداع شديد وألم حاد في المعدة"، ما أثار خشيتها، فعمدت إلى إيقاف تناول تلك الحبوب.
تعقيبا على حالة لانا، يقول الاختصاصي زريقات، بأن كونها أدوية طبيعية، فهذا لا يعني أنها آمنة، مبينا أنها لو كانت ذات فائدة، لكان الناس جميعهم قد بلغوا الوزن المثالي، مؤكدا أن هذه الأدوية تحتوي أحيانا، على الكافيين؛ لأنه يحرق الدهون، وأحيانا تحتوي على هرمونات تسد الشهية، وربما تؤثر أيضا على الجهاز العصبي.
أما اختصاصية التغذية ربا العباسي، فترى أن مشاكل هذه الحبوب، "أكثر بكثير من نفعها"، لذلك ينبغي على الإنسان، الاعتماد على نظام حياة طبيعي؛ لأن الحبوب لن تؤلف نظاما دائما له طوال العمر.
وتضيف أن هذه الحبوب، قد تؤثر على الجهاز العصبي، وتقلل من الشهية، وتفقد الجسم سوائله، وتؤثر على الغدة الدرقية، عدا التبعات التي قد تظهر على المدى البعيد، حتى لو كانت من الأعشاب، إذ إن الأعشاب ليست كلها آمنة، إضافة إلى أنها تؤثر على آلية حرق الدهون، كما أن الانخفاض السريع في الوزن، تتبعه زيادة سريعة فيه أيضا.
اختصاصي الطب النفسي د.عماد الزغول، يرى أن هذا الأمر، يمثل جانبا من الاهتمام بالمظهر الذاتي، خصوصاً وأن الجسم، جزء من صورة الذات، إضافة إلى وجود كثير من النماذج التي يراها الناس في وسائل الإعلام، فيظنون أن تناول مثل هذه الحبوب، سيوصلهم إلى تلك النماذج المنشودة.
كما يعد الزغول هذا "البحث"، نوعا من الهروب من الواقع، والأخذ بأبسط الأسباب للوصول إلى المراد، علما أن هذه الوسائل، قد لا تؤدي إلى الغرض المطلوب، فضلا عن مضاعفاتها الأكيدة، لافتا إلى أن هذا السلوك، في آخر المطاف، هو سلوك تكيفي سريع عند الأفراد، بهدف تحسين صورة الجسم، خصوصاً وأن ثمة كثيرين "يستمدون ثقتهم من صورة جسدهم".
أما الصيدلانية دانيا، فتلمس أن الإقبال على هذه الأدوية كبير جدا، خصوصاً من فئة البنات الشابات، مبينة أن أسعار هذه الأدوية تبلغ نحو 40 دينارا، ومنها ما يتراوح ثمنه بين 10 - 15 دينارا، لكل شخص، حسب الطلب.
وتضيف أنهم يقومون بإسداء النصح للمشترين، في حال كانوا يعانون من مشكلة معينة قبل تناول الدواء، لافتة إلى أن نتائج تعاطي هذه الأدوية، تختلف من شخص لآخر .
وتشير الى أن كل دواء، قبل دخوله الأردن، يتم فحصه، من قبل مؤسسة الغذاء والدواء، وبناء على ذلك يتم تداوله.
وبحسب موقع مؤسسة الغذاء والدواء الإلكتروني، فإن هذه الأدوية، تمر بسلسلة من الاشتراطات والقوانين، سواء من حيث المادة أو الإعلان، ولذا لا بد من الحصول على الموافقة، قبل البيع أو الإعلان والترويج للمنتج الدوائي .
ومن المقاييس والمعايير التي ينبغي توفرها أيضا، حتى تتم الموافقة على الدواء، نسب المكونات وتداخل بعضها مع بعض، كذلك كيفية الإعلان والترويج للمادة، إضافة إلى توفر دراسات علمية، تثبت استخدامه في بلد المنشأ، وأن تكون الشركة المنتجة معتمدة ومسجلة.
كما ينبغي قبل تداولها في الصيدليات، أن تكون موافقا عليها، ومدموغة بطبعة الموافقة من مؤسسة الغذاء والدواء.
مجد جابر / الغد