أعني بالعنوان أنه قد ثبت لي بالوجه القطعي أننا قد انخفضنا عن علامة الصفر من حيث الخدمة وحُسن الاستقبال في يوم الأربعاء 23/6/2010 عصراً عندما هبطت طائرتان خلال فترة متقاربة في مطار الملكة علياء الدولي, في تلك الساعة الممتدة رأى جميع القادمين في الطائرتين ما يمكن تصويره بالمصيبة أو العار. ولقد تعلمت من علوم أهل الإدارة أن الثواني الأولى من أي لقاء تشكل في ذاكرة أي فرد ما يقارب 70% من الانطباعات والذكريات, ولأن المهزلة امتدت لساعة فإن ما سجله انطباع القادمين سيصعب محوه من ذاكرتهم.
ولمزيد من التفصيل, فبمجرد نزول السادة القادمين المسافرين - على الطائرتين القادمتين من أمريكا ومن الإمارات – اجتاحتهم صدمة صالة الجوازات في المطار, أعداد غفيرة جداً, تنظيم معدوم, لا دور ولا طابور, حتى المسئول صاحب الباجة البراقة التي تتدلى من عنقه أراد أن يؤكد المشهد ويعلمك أنك ليست في حلم: " قف في أي مكان وسيأتيك الدور" , أهكذا النظام؟! تفترش العائلات المنهكة من السفر الأرض انتظاراً ليأتيها الدور في تلك الفوضى المحكمة التنظيم. يغادر موظف مكانه المخصص لختم الجوازات, هكذا دون اكتراث, ودون أن يأتي غيره, ربما لتناول الطعام أو قضاء حاجة, فيتنحى القادمون في ذهول عن ذلك الشباك إلى ذات اليمين أو الشمال ناحية الشبابيك الأخرى عند الموظفين الذين قد سبقوا زميلهم في الأكل أو قضاء الحاجة أو ربما سيفعل بعد قليل, فلا إنذار ولا بديل, وتموج القاعة بالتذمر وعبارات غاضبة تطلق من هنا أو من هناك, لا ضير, فكونك لم تختم جواز السفر فأنت في ملاك الدولة التي أتيت منها, تقارن بين المشهدين بين ما كنت عليه وما أنت فيه!
ينتهي مشهد الجوازات الرهيب, وتدخل في أجواء الحقائب وما أدراك مالحقائب, كتل متناثرة على الأرض على جانبي الحزام الناقل لها, وعنوان تلك الساعة " اخدم نفسَك بنفسِك حتى لو انقطع نَفَسُك ". أين العربات؟ الجميع يصيح, العربات في الخارج, إن كانت بالخارج فمن يأتينا بها إلى الداخل؟ أين الموظفين؟ لا موظفين, أين العمال؟ عمال! لعلك تقصد بعض الشباب الطيب الذي يرتدي زياً مخصص لهذه الغاية, هم موجودون لكنهم مشغولون بالتفرس في وجوه بعض القادمين فإن كان أجنبياً ذو بشرة صفراء أو خليجياً ذو دشداشة بيضاء اندفعوا إليه يتسابقون لخدمته وحمل حقائبه, طمعاً في البقشيش. سأدفع لكم البقشيش يا شباب, كم التسعيرة ؟ عشرون ديناراً! عشرون ديناراً ؟! ويقفز الشاب فوق الحقائب, بل يدوس عليها ويخرج حقائبك, وتظهر العربات, ويسوقها لك, بعشرين دينار. بئس الترحيب وهزلت الرفادة, ولا سامح الله من يتسبب بهذه الفضيحة أو يتواطئ في السماح بوجودها. وفي المقابل لمشهد " النذالة " هذا نجد مشهداً أصيلاً, الشباب تتطوع للمساعدة, الكبير يعين الصغير, يعاونون كبار السن والنساء والحوامل والأطفال...هكذا هو الأردن.
قد يتذرع المتذرع أن سبب هذه الفوضى المخزية هو أعمال التوسعة في المطار أو الضغط الطارئ نتيجة قدوم طائرتين في ذات الوقت, كل مطارات العالم تمر بها ظروف التوسعة أو تزامن الطائرات ولا نرى ما رأينا, وبئس ما رأينا. وحتى هذا لا يبرر الذنب المقترف: عربات مختفية, استغلال قبيح ممنهج, ابتزاز علني, استخفاف بالناس, سوء تنظيم, واستقبال غير لائق وغير مشرف لزوار الأردن ومغتربيها!
المطارات واجه متقدمة للأردن, وكذلك النقاط الحدودية البرية ( التي تتطور بسرعة وبما يشرح القلب ويسر النفس), فينبغي أن نهتمّ بتأهيل الكوادر اللائقة والممثلة لكـرَمنا وحسن استقبالنا كما نعنى بأبنيتها وتجهيزاتها فكما يقول الشاعر:
وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا......... إذا لم يكن فوق الكرام كرام
أدعو من أراد أن يتحرى عن هذه الفضيحة وعن صحة ما أوردت أن يقوم – بكل بساطة - بمراجعة "كاميرات" المراقبة الموزعة في نقاط عديدة, ثم يستعرض ما حاولتُ وصفه, وليتحقق بنفسه، أليست "الكاميرات" موجودة أيضاً لهذه الغاية؟ مع تمنياتي أن يكون ما جرى عبارة عن حادثة معزولة, طارئة, غير ممثلة للواقع.