كمدخل للموضوع لابد من الإشارة إلى أن مفهوم الليبرالية الاقتصادية يندرج تحته ما نسمعه من مفردات تحرير السوق والاقتصاد الموجه والخصخصة كلها تدور ضمن هذا المفهوم.
وتعني الخصخصة في التعبير الاقتصادي نقل الملكية العامة( بيع أصول مملوكة للدولة إلى القطاع الخاص) أو إسناد إدارتها إلى القطاع الخاص.
وأصبحت الخصخصة من البنود الأساسية التي يتبناها كل من البنك والصندوق الدوليّين كإحدى المعالجات للأوضاع المالية المتدهورة في الدول النامية
وفي هذا السياق سوف نسلط الضوء على نشوء سياسيات الليبرالية الاقتصادية الجديدة في الأردن وخاصة منذ العام 2000وما هي الاختلالات التي رافقتها وإذا كانت شر لا بد منه ما هو المطلوب من الحكومة لتحقيق أفضل المكاسب والخروج بأقل الخسائر بتطبيق خطاب التكليف السامي بشكل متكامل ومتوازن وخصوصا إن شخص دولة سمير الرفاعي يعتبر من المتحمسين لتطبيق الليبرالية ألاقتصاديه.
في البداية وعند تحليل للسياسات الليبرالية الاقتصادية في السنوات الماضية وخاصة منذ العام 2000، والتي تؤكد أنها لم تأخذ بالحسبان خصوصية الدولة الاردنيه ونظامها الاجتماعي والتسرع في بيع مؤسسات مهمة للدولة الاردنيه ضمن فتح المجال لاستثمارات منفلتة مع إقرار تشريعات قانونية بما يخدم هذا التوجه سواء على صعيد قوانين الاستثمار أو قوانين تخاصية ....تم نسخها حسب النموذج الأوروبي لتطبيقه في الأردن - والذي ثبت فشله في أمريكيا وأوروبا وخير دليل على ذلك الأزمة الاقتصادية العالمية والتي يعاني العالم اجمعه من أثارها حتى هذا الوقت والتي كان من أسبابها ضعف رقابة الدولة وتقليص حقها قي المسائلة وتسليم زمام الأمور للقطاع الخاص باعترافهم هم بذلك وعلى أعلى مستوى سياسي أو اقتصادي - وكان هذا الفريق ينهج سياسات متسرعة والتي كانت متجه إلى تفكيك الدولة الأردنية وتغيير هويتها الوطنية أو هكذا بدت لنا .... هذه السياسات صيغت لخدمة مجموعة من وكلاء الشركات الأجنبية والقطاع الخاص والمضاربين في العقارات والأراضي والأسهم على حساب الغالبية العظمى من الشعب الأردني.
هذه السياسات ادت الى مزيدأ من ثراء طبقه جميعنا نعرفها .. بالاضافة الى الغلاء وارتفاع الأسعار الجنوني . وانتشار الفساد ، والجريمة ، تحت وطئت الفقر ...اذا كانت هذه السياسات سليمه ... فلماذا ادت الى زيادة مديونية الدولة الاردنية لما يقارب المليار دولار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة ؟؟؟؟.
لا نعفي الحكومات السابقة من النقد لدورها في تشجيع هذه السياسة، ومن تطبيق وصفات صندوق النقد الدولي والخصخصة والتي تضعف نفوذ الدولة الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، نعلم ان نظام العولمة الجديد لايسمح لنشوء اقتصاد قوي منافس في هذه البلدان النامية فالمطلوب من دول العالم الثالث استهلاك التكنولوجيا وليس انتاجها او الدخول معها في شراكة حقيقة .
فماذا نريد من هذه الحكومة ؟؟؟
نعلم بعين اليقين ان اقتصاد السوق وتوجهات الخصخصة هي استجابة لمتطلبات البنك الدولي واشتراطات الشراكة الأوربية وهي من استحقاقات منظمة التجارة العالمية والنظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي تفرضه الدول الكبرى عن طريق المؤسسات الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين وأمام هذا الوضع نحن نريد من الحكومة ان تسعى إلى خلق مجتمع أفضل تتوفر لدى أفراده فرص أوسع في اختيار السلع والخدمات، وزيادة مشاركتهم في النشاطات الاقتصادية.. بإيجاد اقتصاد تتوفر لديه القدرة على المنافسة مع الأسواق والمنتجات الأخرى، في ظل برامج التصحيح . من خلال تطبق سياسات مالية أفضل يترتب عليها اقتصاد في النفقات ،
وأتباع برنامج إصلاح القطاع العام ، ولكن هذا لا يعني أبدا القبول بالتجاوزات والفساد والمحسوبية والترهل. إذا كان ثمة مشروع وطني تنموي يمكن للدولة الأردنية أن تحققه فإن ذلك يشترط التخلص من أوكار الفساد والمحسوبية والمكتسبات الشخصية على حساب الخزينة والتي تشكل خصائص سلبية مزمنة للبيروقراطية الأردنية .
لذلك على الحكومة أن تتيح المجال للقوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في الاقتصاد الموجه ، وأن تمارس ذلك بالآليات الديمقراطية والشفافية ،وتعزيز دورها في هذا الاقتصاد وحمايته ، لتوظيفه في تطوير الاقتصاد الوطني بشكل عام، وحماية مستويات المعيشة للطبقات الشعبية بشكل خاص .
وفي الختام الخص اقتراحاتي بالتالي :
وجود دور رائد للحكومة :
تستطيع الحكومة الأردنية ان تشق طريقا وسطا بين الليبرالية الاقتصادية المنفتحة التي تريدها العولمة وبين التخندق وراء عدم التغيير ورفض كل جديد... ويجب ان لا يكون هناك إضرار بالعمالة عند إجراء الخصخصة، وأن يتم استيعابهم بشروط مناسبة وعادلة أو ضمان حصولهم على مكافآت مناسبة. والسماح للعمال بشراء أسهم المؤسسات المخصصة، والأخذ بتجربة بريطانيا عندما باعت مؤسسة( فريت الوطنيـة) 82% من أسهمها إلى العمال السابقين والجدد.
مراعاة المصلحة العامة:
لا بد من وضع ترتيبات معقولة ومناسبة تمنع المؤسسة المنقولة إلى القطاع الخاص من الاصطدام بالمصلحة العامة؛ ولذلك يجب على الحكومة أن تختار سياسة الاحتفاظ بالأغلبية في ملكية المؤسسات. وعند إتمام عمليات البيع بالكامل ينبغي توفير الإطار السياسي المناسب لنقل الملكية، خاصة فيما يتعلق بالقرارات الخاصة بنسبة الأسهم المطروحة للمستثمرين المحليين مقابل التي تطرح للمستثمرين الأجانب من خلال إعادة النظر بالتشريعات الناظمة لذلك
تجنب القرارات العشوائية :
من الخطأ أن يتم البيع أو نقل ملكية المؤسسات العامة دون دراسات وافية، فكثيرًا ما أدت القرارات الارتجالية وغير الشورى إلى بيع المؤسسات بأقل من سعرها في السوق إلى مجموعة من أصدقاء الحكومة، وكان ذلك فتحًا لباب من الفساد والرشاوى.
عدم التسرع والتدرج والانتقائية:
التدرج في إتمام عملية الخصخصة يؤدي إلى نتائج حسنه، وفي المقابل التسرع يؤدي إلى كثير من الفشل في تحقيق الهدف المعلن من الخصخصة؛ لذلك نجد أن بريطانيا التي يضرب بها المثل في تجربة الخصخصة كانت انتقائية ومتدرجة، ولم تتعدَّ عمليات الخصخصة أصابع اليد خلال حكومة المحافظين التي تبنّت هذه السياسة في عهد رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر، وكذلك نجد أن التجربة الصينية في الخصخصة كانت متدرجة وانتقائية في آن واحد, فليس كل مؤسسات الدولة الأردنية معروضة للبيع.
ان هناك دروس مستفادة من الأزمة الاقتصادية العالمية ...أسبابها وكيفية معالجتها ..يجب أن تكون هذه الدروس في أجندة الحكومة دائما وأبدا,ومراجعة المراحل السابقة التي كان بها العديد من السلبيات على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولا سبيل للوصول بالأردن إلى مراقي التحضر، ولرفاه الاجتماعي إلا عندما تسود قيم العدل والمساواة والحرية.
يبدو إن الأيام القادمة تحمل في طياتها أمور جسام ندعو الله أن يجعلها صلاحا وخيرا لهذا الوطن الغالي الذي لم يعد يحتمل المزيد من المفاجآت والاحباطات والتي تنتهي بنا دائما إلى العودة للمربع