معتصم مفلح القضاة
أخي وابن عم .
تحية طيبة أبدأها بالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا أدري بأي وجهٍ أرفع إليك رسالتي هذه، ولا أدري ما هو شعورك حين تتلقاها، لكنني تحملت على نفسي وأجبرتها إجباراً، لكي تخط هذه الكلمات لعلي أخفف عنك بعض ما يهمك، ولا أكتمك سراً إن قلت أن ييدي اليمنى ترتجف واليسرى تتشنج في هذه اللحظات. كل ذلك خجلاً منك ومن أواصر القرابة التي تجمعنا.
أخي وابن عم.
لقد فرحنا كثيراً حين بدأنا بتلمس حاجاتك، والتي هي حاجتنا لما عند الله من خلالك، فأنت كما نعلم جميعاً بوابة الجتة، وسبباً في نعيم لا ينضب.
كنا يا أخي قد بدأنا الطريق, وتفاعل معها الشباب الشباب، أبناء عمك وأبناء خالك، ولعل الكثيرين منهم أشغله حالك وأرقه. وجمع في أفكاره أفكاراً تلو الأفكار، وقدم من ليله ونهاره ما يدعوه إلى المساهمة الجادة في التخفيف من وطأة الحياة التي أنت فيها، والتي راقبها الكثير منا في السابق بصمت.
ولكن يابن عم أرجوك عبر هذه الرسالة البسيطة أن تعذرنا لانشغالنا بأمرٍ جلل، ومشاغل الحياة جعلتنا نؤجلّ ما تهامسنا به إلى إشعارٍ آخرٍ قريبٍ إن شاء الله، ولأصدقك القول فقد قمنا بوضع تلك المقترحات على الرف وبدأ الغبار يتكوّم عليها، ولكننا لا شك ننظفها بين الحين والآخر لعلنا نجد من الوقت متسعاً لتطبيق ما جاء فيها.
ابن عم، لا تظن أننا سننساك بعد اليوم ولكن اعذرنا فمسألة الوقت هي من تسبب بتأخرنا عليك.
ودمتم بصحة وعافية.
رد سريع على رسالة عاجلة إلى كل فقير ومسكين ومحتاج ( على لسانهم)
أخي وابن عم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد:
بداية أشكر لك هذه الرسالة التي لمست فيها صدق كلماتك ومشاعرك، ولأنني لا أملك قلماً ولا ورقة فقد كتبت لك رسالتي على كيسٍ ورقي كان أحد المحسنين قد أحضر لنا فيه كيلو من الأرز، وقد استغفلت ابني لاستعمل قلمه لأنه لا يملك غيره، وحتى لا أطيل عليك الحديث أريد منك أن تعرف التالي مختصراً:
أولاً: لك ولأبناء عمومتك مني كل الاحترام، ولا أشك للحظة أنكم كنتم ولا زلتم أهلاً لكل خير، فأنتم ثمار آبائهم وأجدادكم الذين نفخر بهم دوماً.
ثانياً: إن مسألة كرامتكم وعرضكم هي أهم بالنسبة لنا من كسرة خبز نسد بها رمق جوعنا الذي تعودنا عليه لظروفٍ أنتم جميعاً تعلمونها، فالفقير لم يختر فقره، والمسكين لم يستجدِ مسكنته، واليتيم والأرملة لم يناضلوا من أجل يتمهم، ولكنها الأقدار هي من ساقتهم للحاجة والعوز.
ثالثاً: استبشرت بما كتبت وقلت لعلي وأمثالي، نجد من ينقذنا من ذل الوقوف على أبواب الجمعيات، ولكن لا عليك فالأمر لا يستحق عناء التفكير، ربما لأننا تعودنا هذه الوقفة التي لا أرتضيها لصديق أو قريب.
رابعاً: إذا كنتَ وأبناء عمومتك تسألون عن أحوالنا وكيف سنمضي شتاءنا، فصدقني لا أستطيع أن أصف لك ذلك، لأن الأمر أكبر من الوصف الذي يخطر على بالكم. ولك أن تجرب قضاء ليلة واحدة في بيت تمخر فيه الرياح من ثقوب الجدران والنوافذ، وإذا ما تم توفير مدفأة فاعلم أن ذلك كان على حساب طعامٍ أو شرابٍ ربما نكون قد مللنا من تكراره على موائدنا.
أخيراً وحتى لا تمل من حديثي: أبلغ سلامي لمن معك وارجوهم نيابة عني وعمن هم مثلي، ألا يذكرونا عند حاجتهم لنا، وأظنك تعرف قصدي جيداً، فلا داعٍ أبداً أن لإرسال سيارة أو باص في تلك المناسبات، فصدقني أننا نعرف ما تحتاجه عشيرتنا ولن نتخلى عن مساندتها حتى لو مشينا على أقدامنا مسافات طويلة.
دمتم بخير.