زاد الاردن الاخباري -
لم تستطع الهام احتمال الحاح وكثرة اتصالات صديقتها شاهناز التي لا تتوقف عن مهاتفتها والرنين على هاتفها بشكل يفوق الوصف ويفوق القدرة حتى على الرد. ولهذا قررت الهام تهديد شاهناز بقطع العلاقة ان هي استمرت في ضغطها ومحاصرتها وتتبعها والتلصص عليها في كل مكان تعتقد انها موجودة فيه.
وما حدث مع الهام ، حدث مع دالية ـ ست بيت ـ ، التي ابتليت بجارتها"ام وسام"وهي سيدة كبيرة في السن . فما ان تسمع الاخيرة فتحة الباب حتى تهبط اليها طالبة الذهاب معها الى سوق الخضار لشراء ما تحتاجه. واحيانا تطلب منها القيام بالمهمة بدلا منها بحجة انه كبيرة في السن ولا تستطيع المشي ونقل الاغراض. وكانت"ام وسام"تتحدث عن تعرضها قبل سنوات لانزلاق غضروفي"ديسك" وهو ما يجعلها غير قادرة على حمل الخضار والفواكه. مستعينة بجارتها النشطة.
اما نهار ابراهيم فقصته مع صديقه علاء لا تنتهي عند زمالة العمل. بل ان"علاء" يتعامل معه وكأنه والده ووالدته وشقيقه وجاره. فلا بد من الاتصال به كل دقيقتين للاطمئنان عليه وتارة بحجة انه"حلم" انه تعرض لحادث سيارة ، فأراد الاطمئنان عليه. فيقول له"نهار": انا كويس وبخير وليس عندي سيارة فكيف تنقلب سيارتي؟.
ليس هذا فحسب بل ان صديقه يتدخل في تسريحة شعره وينصحه بارتداء الملابس التي يراها ـ هو ـ مناسبة .
يقول نهار : انا شخص متزوج ولا مجال للجلوس طويلا في المقاهي مع الاصدقاء وبخاصة"علاء" الذي يعيش حياة عزوبية ومتفرغ للثرثرة ولا يعاني من مشاكل اجتماعية باستثناء كونه لا يرغب بالزواج. فامه توفر له الطعام والغرفة النظيفة والخدمة ال"خمس نجوم"كما يكرر دائما.
السيدة سهاد تعاني من جارتها"مروة"التي تسكن مي شقة مقابلة لها. ولا تراعي غضب زوجها من كثرة الزيارات التي يجد بيته مستباحا للجارات بحجة ان"مروة"تحب تناول القهوة عند"سهاد".
وهو ما تسبب في خلق"حساسيات"بين سهاد وزوجها الذي"حلف عليها بالطلاق"ان هي استقبلت جارتها"اللزقة"في بيته. وقال انه بحاجة الى الهدوء وهو حين يعود من عمله يريد ان تتفرغ له زوجته لا ان يجد نفسه غريبا في منزله.
وتبرر"ام فوزي" الحاحها على جارتها بانها تعيش وحيدة ، وتحتاج الى من يؤنس وحدتها. وبالتالي لا تشعر انها تتسبب في مشاكل للآخرين. بينما لا ترد"ختام"على السؤال الذي جعل"ميرنا"تغلق هاتفها بعد ان ظلت تفاجئها بالاتصالات الصباحية دون مراعاة لظروفها. تقول"ميرنا": كنت قد نبهت على صديقتي الا تتصل بي في دوامي وتحديدا وقت الاجتماعات الصباحية ما بين العاشرة والحادية عشرة. لكنها تصر على الاتصال في نفس الموعد ودون هوادة . وتظن"ميرنا"ان صديقتها وقعت في مصيبة او انها تعرضت لحادث . وحين تسألها يكون الرد: فقط احببت الاطمئنان عليك.،
ويشكو والد الشاب مريد من كثرة اتصال اصدقاء ابنه على الهاتف الارضي ـ المنزلي. وحين يرد الاب يكون السؤال : هون مريد وتنتهي المكالمة.
بينما عبرت والدة سناء عن ضيقها من زميلات ابنتها اللواتي يعدن معها الى البيت وتضطر لاعداد الطعام لهن وكذلك المشروبات الساخنة والباردة وتسمع قهقهاتهن وكلامهن الذي لا يتوقف. وذات يوم سألت ابنتها : ألستن في العمل معا وتتحدثن فما الذي تبقى لاكماله في البيت؟ الا يوجد لصديقاتك اهل وبيوت يذهبن اليها؟
نقص
ويفسر الدكتور سري ناصر استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية هذا النوع من السلوك لدى بعض الاصدقاء بانه نوع من النقص في جوانب معينة من شخصياتهم. فلكل منا خصوصيته واسراره التي لا يرغب بالافصاح اوالبوح بها حتى لأعز اصدقائه.
احيانا يكون السبب في التمادي فيما يرون انه جزء من العلاقة.واحيانا يكون الالحاح بسبب سكوت واستسلام الطرف الاول لصديقه وايهامه انه يستمع اليه ومنصت لحديثه ، وهو أمر غير حقيقي. وينصح الدكتور ناصر مثل هؤلاء"ضحايا الصداقة"بالحزم وعدم ترك الامور تسير دون كبح او توقف. فثمة اناس يظنون ان الصداقة التصاق ومحاصرة وتدخل في شؤون الاخرين. بينما الواقع غير ذلك . فلابد من الحرية وترك الشخص يختار الوقت المناسب للبوح باسراره لصديقه.
الدستور ـ طلعت شناعة