زاد الاردن الاخباري -
فيما تغمز نخبة سياسية، من قناة دخول حكومتي عبدالله النسور الأولى والثانية، عامهما الثالث، والتنبؤ باقتراب موعد رحيلها في هذه المناسبة، يؤكد آخرون بأن لا أسباب موجبة، لرحيل الحكومة، على الأقل في فضاء الربع الأخير، من العام الحالي، والربع الأول من العام المقبل.
وإن كان عمر تكليف النسور بتشكيل الحكومة الأولى، والثانية، دخل ميلادا جديدا، فقد صادف أول من أمس، العاشر من تشرين الأول (أكتوبر)، يوم تكليف النسور لأول مرة، بتشكيل الحكومة في ذات التاريخ، من العام 2012، فيما تم تكليفه بتشكيل حكومته الثانية عبر التوافق النيابي، في نهاية الثلث الأول من آذار (مارس) من العام 2013.
الصالونات السياسية تحيك سجادة الأمنيات، وتربط عمر حكومتي النسور، الطويل نسبيا، بالمقارنة مع أربع حكومات فقط، سبقتها، خلال العامين 2009-2012 (سمير الرفاعي، معروف البخيت، عون الخصاونة وفايز الطراونة)، فيما التقديرات الواقعية، تشير إلى أن جدول أعمال حكومة النسور ما يزال مرتبطا بالمدد الزمنية.
ومع أن مصادر رسمية، ترجح بأن أقصى ما قد يواجه حكومة النسور الثانية، هو إجراء تعديل وزاري محدود، ما يسمح بإعادة حالة الاشتباك الإيجابي مع السلطة التشريعية ومجلس النواب، من خلال دورة سريعة من المشاورات، على أرضية التعاون والتكامل بين أدوار السلطتين، فإن تلك المصادر لا تستبعد أيضا احتمالات التغيير الحكومي، إذا ما استدعت حالة التجاذبات السياسية المتوقعة مع مجلس النواب ذلك.
وفيما ينتظر المتابعون موعد الدورة العادية المقبلة مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فإنهم لا يجدون مبررات كافية، لاحتدام أي شكل من أشكال الخلاف بين السلطتين، خصوصا وأن جبهتيهما اليوم تشهدان سكونا حذرا، فمجلس النواب على الأقل مشغول اليوم بسباق انتخابات رئاسته ومكتبه الدائم، ولجانه النيابية، وهو ما سيسمح للحكومة بقراءة المشهد تحت القبة، ونسج تحالفاتها الجديدة، خلال سنة برلمانية قادمة.
أما عن الحكومة ومستقبل أجندتها السياسية، فقد وجد مراقبون بأنها ما تزال منشغلة بالبحث عن مخرج لإقرار مشروع قانون الضريبة، وضبابية مستقبل التعامل معه خلال الدورة النيابية المقبلة، كما أن هناك حزمة مشاريع قوانين، ما تزال في عهدة مجلس النواب، وعلى الحكومة التعامل معها، مثل قانوني الأحزاب والبلديات، فيما مطلوب من الحكومة مشاريع قوانين، لم تتقدم بها، مثل قانوني الانتخاب واللامركزية، وضرورة مرافقتها حتى استكمال متطلباتها الدستورية.
في ذات السياق، قد يكون على عهدة الحكومة الحالية، مواصلة تنفيذ استحقاق خطة التصحيح الاقتصادي، المفروضة من صندوق النقد الدولي، والمرتبطة بتدفق المنح والمساعدات والقروض، لسد عجز الموازنة المتحقق، وهي خطة ما تزال محملة بقرارات تحرير الدعم عن السلع والخدمات، التي ستستمر الحكومة باستكمالها خلال العامين المقبلين.
فوق ذلك، تستبعد مصادر سياسية سيناريو التغيير الحكومي، معللة الأسباب بالعرف الدستوري الجديد، الذي يتطلب إجراء مشاورات مع الكتل النيابية والنواب المستقلين، والتوافق معهم على اختيار شخص رئيس الوزراء المكلف، وأعضاء الفريق الوزاري، وفقا لذات الترتيب الذي خضع له النسور في تكليفه، ومن ثم تشكيله لحكومته الثانية، حيث استغرقت المشاورات أكثر من 15 يوما، لإتمام اختباره وإنجاز مهمته.
الحكومة تبقى، ما دامت تحظى بثقة مجلس النواب، ومجلس النواب يستمر في حال احتفظ بثقة ناخبيه، وهو تعهد ملكي، جاء خلال تدشين مرحلة مهمة من مراحل الإصلاح السياسي المتدرج، التي تعيشها البلاد، وأمام سيناريوهات رحيل حكومة المشاورات النيابية، قد تختبر شعبية مجلس النواب ويتهيأ للرحيل، وهي كلف قد لا تكون ذات أولوية، في عقل مركز القرار الرسمي، خصوصا أمام التسخين، الذي تشهده جبهتا المملكة الشرقية والشمالية، المشغولتان بمعركة الحرب على الإرهاب، وحماية الأمن الوطني الداخلي من أي خطر محتمل.
أمام سيناريوهات وأمنيات، ترسمها الصالونات السياسية، وحسابات واقعية، تقدرها مراكز صناعة القرار السياسي، ثمة تكهنات لا ترقى لمستوى التحليل الموضوعي، ببقاء حكومة النسور، طويلا أو رحيلها مبكرا، فالنسور وإن أبدى استياءه من قرارات ومعلومات، لم يكن مطلعا عليها، ما يزال يمتلك مهارة المناورة السياسية، سعيا لتسجيله رقما قياسيا في مدة البقاء على كرسي رئاسة الحكومة.
الغد