في تصريحات صحافية لمعالي وزير المالية أبو حمور قال أن نسبة العجز في الموازنة لعام 2009 هي الأكبر في تاريخ المملكة . وفي التفاصيل كشف أبو حمور أن العجز كان مستقر وبحدود 200 مليون دينار لغاية نهاية عام 2004 , بعد ذلك بدا هذا العجز بالتفاقم والتوسع والتمدد عام بعد عام إلى أن وصل إلى مليار ونصف المليار مع نهاية عام 2009 . وهو ما يؤشر أن العجز بالموازنة لم يكن وليد اللحظة أو نتيجة مباشرة للازمة المالية العالمية , بل نتيجة زيادة الإنفاق بصورة كبيرة غير مبررة وبأشكال مختلفة بدون توفر مخصصات مالية لهذا الإنفاق مما أدى إلى هذا العجز الكبير في الميزانية والذي اضطر الحكومة الحالية للتدخل السريع بفرض مزيد من الضرائب لسد هذا العجز وهذا الخلل في الميزانية لإنقاذ الاقتصاد حفاظا على امن واستقرار البلد وحماية للأجيال القادمة .
تصريحات أبو حمور تعني ضمنياً أن صناع القرار في إعداد الموازنات المالية والمجالس النيابية التي وافقت ومررت تلك الميزانيات وملاحقها في تلك الفترة (2005-2009) هم المسئولين المباشرين عن هذا العجز وهذا الخلل الذي يدفع ثمنه المواطن البسيط الآن . وبأ فتراض حسن النية بالمسئولين نقول يعود سبب نمو العجز وتراكمه لسوء تقدير حجم العوائد والموارد المالية وسوء وزيادة أوجه الإنفاق العام . الذي لم يتلاءم مع حجم الميزانية عام بعد عام وليس لسوء الإدارة وإهمال ولا مبالاة المسئولين .
يمكن لنا الرد على الذين يدعون أن الارتفاع الحاد في أسعار النفط عالمياً كان السبب في عجز الموازنة نتيجة دعم الحكومة للمحروقات , أن هذا الدعم لم يستمر طويلا( عام واحد) حيث قامت الحكومة بعد ذلك بتحرير سعر المحروقات ورفعت الدعم عنها مما أدى إلى ارتفاع جنوني للأسعار قامت على أثرة الحكومة بزيادة رواتب موظفي الدولة . علما أن الحكومة كانت تستورد النفط من العراق بأسعار تفضيلية اقل من السعر العالمي ب 22 دولار للبرميل وتبيعه للمواطن بسعر السوق العالمي وبالتالي كانت تجني أرباح كبيرة أضعاف ما قدمته من زيادة لرواتب موظفي القطاع العام التي تبخرت بفعل التضخم الذي نتج عن الارتفاع الجنوني للأسعار .
أذا كان ما نفهمه من تصريحات معالي أبو حمور صحيح فهذا يعني (يفترض) أن المواطن غير مسئول نهائيا عن هذا العجز الناتج عن سوء التخطيط والتنفيذ خصوصا أن زيادة الإنفاق الذي كان سبب رئيسي للعجز لم ينعكس إيجاباً على حياة المواطن بل انعكس سلباً من خلال زيادة الضرائب على كاهل المواطن المنهك أصلاً .
وما يزيد الطين بله تصريح معالي أبو حمور الأخير الذي يطمئن فيه المواطن أن الحكومة لن تفرض ضرائب جديدة في عام 2010 , مما يعني تهيئة نفسية المواطن لتقبل مزيد من الضرائب في قادم الأيام مع حلول عام 2011 . شكراً أبو حمور على هذه الشفافية .