ليس غريبا أن يستهدف الأردن الكبير بقيادته الهاشمية الوطنية القومية التي ما فتئت تقدم الغالي والنفيس لمصلحة أمتها عامة ولقضية فلسطين بخاصة ، والكبير بشعبه الميامين حفيد الأنصار أهل المدينة المنورة رضوان الله عليهم ، اللذين قسّموا كما فعل أجدادهم الأنصار خبزهم وكل إمكاناتهم مع شعب فلسطين ، ودرة المرابطين وعنوانهم اللذين ما تخلو يوما عن واجباتهم الجهادية بانتظار يوم تحرير بيت المقدس ، منطلقين من كنفه المبارك أرض الأردن الطهور الذي منه انطلقت جحافل الصحابة والتابعين الفاتحين لتحمل مشاعل الهدى والحرية لتضيء بين الآفاق ، والذي عبره سار رسول البشرية برحلة البراق المباركة ليعرج من القدس إلى السماوات العلى ، ليس غريبا أن يستهدف الأردن العظيم بإرثه وحضارته وشرعيته من قبل دولة إسرائيل الكيان ، ليقيننا أنها دولة عنصرية توسعية تحاول حل مشكلاتها والمشكلة الفلسطينية التاريخية على حساب الأردن العظيم إن استطاعت إلى ذلك سبيلا .
وليس غريبا أن يستهدف الأردن من جماعة الإفك المنافقين ومجموعة الولدان المتطفلين ، فالأوائل تسلحوا بالدين وتمترسوا خلفه فاشتهروا بالخيانة وهذا هو دندنهم ، والآخرين لعبوا بالسياسة وتقمصوا الوطنية فركبوا سرجها وتدرعوا بثوبها فاشتهروا بالعمالة لإسرائيل وهذا هو طبعهم .
أما الجديد والغريب بالأمر الزماني والمكاني ، أن تهب رياح الغدر والخيانة من سماء غزة الوطنية والصمود والأحرار تجاه الأردن ، الذي لم تنقطع إمداداته عن شعبها رغم كل المحاذير والعراقيل وعمليات السلب والنهب الذي تتعرض لها قوافل الخير على أيدي مسلحي وفُتوّة حماس ، والذي لم تتوقف خدماته الطبية لشعب غزة عبر المستشفى الميداني الأردني الذي يديره أطباء وكوادر طبية أكفاء من خيرة أبناء الأردن الحبيب ، ويقدم خدماته دون مِنّة وكلل ، ودون تمييز بين غزاوي وآخر ، أو حتى بين مسلح وآخر ، وما أحوجنا لشهادة أبدا للتدليل على كرم الأخلاق والنبل الأردني ، ولكن للذكرى لتنفع المؤمنين ، حيث تدّخل المستشفى الميداني الأردني لصالح أبنة وزير داخلية الإنقلاب في غزة ، وضغط الأردن الكبير على إسرائيل لنقلها للعلاج إلى أحد صروح الأردن الطبية وعلى نفقة الحكومة الأردنية ، لتتلقى الرعاية الطبية بوصفها مواطنة فلسطينية تحتاج الرعاية الأردنية المقدمة للإنسان الفلسطيني .
ولكن لماذا جاء الهجوم الحمساوي على الأردن بهذا التوقيت ؟؟؟ ولمصلحة من ؟؟؟ وبأوامر من من ؟؟؟ .
وقبل الإجابة لا بد للذاكرة أن تعود للوراء قليلا ، حيث استهداف مصر المتواصل من قبل حماس بأوامر صريحة من إيران وحزب الله وجماعة الحاقدين الجالسين تحت ظلالهم ، وهو الاستهداف الذي تحطم على صخرة صمود الشعب والجيش والقيادة المصرية المؤمنة بقدسية أمنها القومي واستقرارها الوطني ، وبعدالة قضيتها الفلسطينية ، والذي كان أريد له تغيير معالم المنطقة لشرق أوسط جديد حسب المعادلة الإيرانية يخلو من مصر والسعودية والأردن .
وبعد فشل المخطط الصفوي التصفوي ضد مصر العروبة اتجهت البوصلة وصدرت الأوامر لأزلامها الحوثية في اليمن لاستهدافها كدولة تناصر القضية الفلسطينية ، ولإستهداف العربية السعودية أولا وأخيرا ، لإصرارها على مواقفها القومية تجاه القضية الفلسطينية ، ولتحديها وإفشالها لمحاولات تشيع الأمة العربية والإسلامية خاصة في دول آسيا الوسطى وأفريقيا ، حيث النفوذ الإيراني الكبير الذي تقزم وسقط وتكسر على صخرة علم وإيمان العلماء والدعوة والقيادة السعودية .
أما وبعد أن فشلت إسرائيل بفرض أجندتها الخبيثة ضد الأردن عبر مشروعها التصفوي ( الوطن البديل ) ، بسبب قوة وشكيمة وحكمة القيادة الأردنية الهاشمية ، وبسبب تلاحم مكونات الشعب الأردني الواحد وتمترسها بصلابة وثبات خلف قيادتها ، وبسبب العقيدة القتالية والبنائية للجيش العربي الأردني المصطفوي السياج المنيع والدرع الواقي للأردن الكبير ، تحركت طوابير الأعداء المحمّلين بسهام الغدر والموت وبأوامر من الصفويين والصهاينة وأذنابهم المسعورين لمحاولة الإساءة للأردن ولجيشه وشعبه وقيادته .
فقد جاءت هذه التعديات بعد وضوح الموقف الشرعي والشعبي الفلسطيني الرافض للأجندة والرؤية الإسرائيلية المهددة لأمن واستقرار وبقاء الأردن ، والمهددة لجوهر وعدالة ومصير القضية والدولة الفلسطينية ، وبعد موقف الأردن الحازم ضد التعديات والإعتداءات والتغولات الإسرائيلية ضد الشعب والسلطة الوطنية الفلسطينية ، ولإصرار الأردن على تسيير قوافل الخير في كل الظروف والأحوال لشعب فلسطين وأبناء غزة تحديدا ، والتي زاد مجموعها عن أربعماية قافلة دون مطالبة أو انتظار رصد أو تسجيل إعلامي كقافلة الحرية ، التي بحث بعض المشاركين فيها عن بطولات وهمية فبات يحتفل بهم في قاعات الأندية وصالات الفنادق كأبطال عائدين من النصر المظفر وكأنّ لا أبطال قبلهم ولا أبطال بعدهم ، حتى بطولة شعب فلسطين وصمود شعب غزة ومعركة جبل طارق وذات الصواري تقزمت أمام بطولاتهم الخارقة .
كما وجاءت هذه التعديات بعد إظهار أنياب خنازير اليمين الإسرائيلي الحاقدين على الأردن وأوامره الصريحه لهم بالتحرك ضد الأردن ، وليس آخرها التصريحات الفاجرة لليمين الإسرائيلي وحليفه اليمين المتصهين الماسك للحكم في بعض العالم الغربي ، بأنّ الأردن هو العدو الرئيسي والأساسي والحقيقي لإسرائيل في المنطقة .
فلو كانت حركة حماس حركة وطنية عروبية قومية لما انضمت وقادت جوقة المشككين والمسيئين والحاقدين على الأردن الوطني القومي العربي الإسلامي الشرعي الدستوري حامي وداعم ومتنفس فلسطين ، ولو كانت حماس لا تنفذ أجندات معادية لتطلعات الأمة العربية لما قامت بتنفيذ انقلابها الدموي ضد الشرعية في غزة وفتكت وأهرقت دم شعب غزة ، وحرست حدودها تنفيذا لتفاهمات سرية بينها وبين إسرائيل تمت برعاية سويسرية وقطرية ، وتخطط حاليا لتهيئة الظروف لربيبتها العالمية لقلب أنظمة حكم جديدة بالمنطقة العربية لنقل تجربة غزة الرهيبة إليها ، ظانين مقدرتهم على ذلك لأنهم عرف عنهم المقتنصون للفرص ، والخفافيش الماصة للدماء بالعتمة ، والغربان الناعقة بالخراب غافلين ومتناسين قوة الذراع والإرادة الأردنية ، وتماسك وصلابة صخرة الصمود والتحدي الأردنية ، ومتانة وجدية المخرز والموقف الأردني ، القادرة جميعها بالحكمة الهاشمية على إفشال كل هذه المخططات الصفوية التصفوية المجهزة للمنطقة ، الآملة بأن تسرح إيران بها كما تريد ، ولينفرد أذنابها بحكم دول ليخرجوها من دائرة الصراع ليرتاحوا ويريحوا إسرائيل التي يراد لها أن تسيطر على كل فلسطين عدا غزة هديتها لحماس صنيعتها والراعي الأكبر لمخططاتها ضد الأردن وضد فلسطين وضد الأمة والنظم العربية .
Alqaisi_jothor2000@yahoo.com