زاد الاردن الاخباري -
تسفي بارئيل / هآرتس :
عند الأردن عدة أسباب جيدة تدعو الى الغضب على اسرائيل. آخرها يتعلق بتحطيم الأمل الاردني في استغلال تراب اليورانيوم الذي استكشف داخلها وجعله "ذهبا".
منذ بدء السنة أجرى الاردن مفاوضات مع الولايات المتحدة لنيل موافقتها على انتاج وقود ذري من اليورانيوم الموجود فيها من أجل ان يستعمل في المستقبل المفاعلات الذرية التي ستقام لانتاج الكهرباء. لا يحتاج الاردن رسميا الى موافقة أمريكية. فمن حقها، لانها وقعت ميثاق منع نشر السلاح الذري أن تنتج وقودا ذريا لحاجات سلمية. وبهذا تشبه ايران التي وقعت هي ايضا الميثاق نفسه. مع ذلك، بينت التجربة الايرانية للاردن انه لا تكفي رخصة صورية، بفعل الميثاق، وانه يحسن نيل الموافقة الامريكية لتجنب ما حدث مع ايران.
لكن تبين للاردن سريعا جدا أنها عندما تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة فإنها تجري في واقع الامر مفاوضات مع اسرائيل أيضا، وقد بينت هذه لواشنطن انها لا تستطيع التسليم بانتاج وقود ذري في المملكة الجارة. لا ان اسرائيل التي لم توقع هي نفسها على ميثاق منع نشر السلاح الذري، تعارض مفاعلات كهربائية ذرية في الاردن. انها ببساطة تخاف من أن الوقود الذري قد يتسرب منها الى دول أخرى.
غضب الملك عبدالله جدا من الموقف الاسرائيلي، وفي محادثاته مع الرئيس باراك اوباما بين له أن لدولته الحق الكامل في انتاج الوقود الذري، وأنها تنوي الاصرار على حقها. لكن واشنطن أبلغت الاردن نهاية الاسبوع أنها لن توافق على انتاج وقود داخلها، وانها تستطيع فقط ان تشتري وقودا ذريا من السوق العالمية. لا يرى الاردن هذا صفعة سياسية فحسب فقد أصبحت ترى فجأة دولة مريبة لا تقل في ذلك عن ايران ـ بل ضربة اقتصادية ايضا.
وقعت الاردن في آذار (مارس) على اتفاق لبناء مفاعل ذري لحاجات البحث. إن الاتفاق، الذي وقع مع المعهد الكوري الجنوبي للطاقة الذرية ومع شركة "دايهو"، هو استمرار لاتفاقات على التنقيب والبحث عن اليورانيوم وقعته مع الشركة الفرنسية "اريفا" اكبر منتجة للمفاعلات الذرية في اوروبا. إن اريفا التي كان لها في الماضي علاقات وثيقة بايران، يفترض بحسب الاتفاق مع الاردن ان تنتج الوقود الذري من ترابه الخام الذي تقدر كميته بـ 65 الف طن. والى ذلك تطمح الاردن الى انتاج 130 ألف طن من اليورانيوم من نحو مليار ونصف مليار طن من الفوسفات في أرضها. على أثر استكشاف اليورانيوم أمر جلالة الملك عبدالله بتغيير استراتيجية انتاج الطاقة في الاردن والتخطيط لاقامة أربعة مفاعلات ذرية، بحيث لا تستطيع المملكة في سنة 2030 أن تزود احتياجاتها فحسب بل أن تبيع سورية والعراق الكهرباء ايضا. قد يكون هذا عند الاردن التي تستورد اكثر من 95 في المئة من استهلاكها للنفط تحولا اقتصاديا عظيما يمكن أن يحررها من التعلق بالوقود العربي ولا يقل عن ذلك أهمية، أن يساعدها على تطوير بنية تحتية لتحلية المياه.
جاء عن الدكتور خالد طوقان، رئيس السلطة الاردنية للطاقة الذرية، في الشهر الماضي معطيات تقول إن الاردن واحدة من أفقر عشر دول الى الماء، وأن معدل الاستهلاك فيها أقل بعشرة أضعاف من المعدل العالمي. على حسب ما يقول طوقان، التنبؤ هو أن نقص الماء في الاردن سيكبر حتى سنة 2050 ليصبح أكثر من مليار ونصف مليار متر مكعب، ويقف الاردن على شفا خطر وجودي. تحتاج الاردن للهرب من هذا التهديد الى تنويع مصادرها المائية. تبدو التحلية الان المصدر الآخر الوحيد الذي يستطيع أن يفي بالنقص من الماء فيها. لكنه مصدر يحتاج الى طاقة كبيرة رخيصة. وبغير مصدر طاقة كهذا لا ينبغي الحلم بالتحلية. يصعب على الاردن ان تفهم كيف تتجاهل اسرائيل والولايات المتحدة علاقاتها التاريخية بهما، ولا توليان حاجاتها في المستقبل أي اهتمام البتة، وتريان إزاءهما فقط خطر أن تصبح المملكة قوة ذرية قد تطور سلاحا ذريا.