الحكاية التالية -عزيزي القارئ- تروى في المغرب منذ أكثر من 60 عاما أنقلها لك كما سمعتها و أحاول صياغتها كما وصلتني تفاصيلها :
في أربعينيات القرن الماضي بدأت في فاس في المغرب, صحوة دينية غير إعتيادية كانت فاس - مع فرق القيمة و القداسة- كانها مكة المكرمة الشباب و الشياب في صلاة الجماعة النساء- ربات البيوت- يحفظن و يتدارسن القرآن الكريم, قيام الليل لا ينقطع في كل بيت و في كل ليلة.
كان في فاس تاجر يهودي في مقتبل العمر و قد ورث ذلك التاجر مالا و اراضي كبيرة عن أبيه و اعمامه
المهم أن التاجر لم يكن في حاجة للهجرة إلى فلسطين و كان أهل الحي الذي يعيش فيه يتجنبونه و لكن بلطف و محبة بل كانو يحدثونه عن الإسلام
المهم أن التاجر اليهودي و في صلاة الفجر في أول يوم من أيام رمضان 1943 أشهر إسلامه
و هنا تفتحت عيون القاطنين في الحي عليه: \" لنشاهد و لنرقب هذا اليهودي فهم لا أمان لهم\"
المهم أصبح التاجر رجلا ملتزما بالفرائض و بدأ يتعلم الفقه و الحديث و في عامين أصبح من طلاب حلقة علمية في المسجد المجاور للسوق بل و انفق مبلغا طائلا من المال بهدف تفريغ بعض حفظة القرآن الكريم لتعليم الصغار تفسيره و تلاوته.
تزوج التاجر وبعد خمسة أعوام من الإسلام من فتاة مسلمة و أنجب منها طفلتين أسماهما خديجة و حبيبة
و بعد خمسة عشر عاما من إعتناقه الإسلام إجتمع أهل الحي و قرروا أن خير من يصلح للإمامة بهم في الصلاة هو هذا التاجر الزاهد الذي يحفظ القرآن و يتلوه بصوت جميل خاشع و يحفظ الصحيحين بل و يدرسهما في حلقة علمية كل يوم جمعة و بعد تمنع شديد و صراع مرير لعامين كاملين قبل التاجر الزاهد العالم إمامة الناس على مضض.
و صار في داخل المسجد صوت جميل خاشع يصدح و كان أهل فاس يقولون: لدينا عبد باسط أحسن من الذي في مصر مليون مرة
المهم أن شابا ملتزما صغير السن كان يأتي إلى المسجد من منزله القريب و يقضي الساعات بصحبة الإمام لاحظ أن هذا الإمام الجديد نادرا ما يتوضأ
سأله في مرة من المرات : سيدي الشيخ لم لا تتوضأ إلا ما ندر؟ و رد عليه الشيخ : \" لن أقول لك السبب يا بني فهو شئ بيني و بين ربي\"
و قام الشاب في اليوم التالي بنشر الخبر بين الناس في الحي: إمام المسجد لا يتوضأ و هذا معناه اننا نصلي خلف يهودي.
سمع الشيخ الخبر و إعتكف في بيته يقرأ القرآن و يعانق إبنتيه و يبكي
و عندما سأله وجهاء الحي : ما الذي حصل؟ قال \" إن ربي قد اكرمني بكرامة من عنده فأنا لا ينتقض وضوئي في اليوم سوى مرتين و لو كنت كذابا لوجدتموني أتوضأ عند كل صلاة \"
و هنا بردت نيران الناس و ساد الرضى بين العابدين و المصلين
و في ليلة حارة لاحظ شاب آخر أن أرضية المتوضأ الإسمنتية عليها لون أبيض . طبقة بيضاء لامعة و كأنها غسلت بماء فيه ملح
تكررت تلك الملاحظة لدى الشاب و قرر أن يفهم العلة في ذلك
تسلل الشاب في ليلة حارة أخرى ووقف في عتمة السرداب الضيق الذي يقود إلى المتوضأ
و يا لهول ما رأى : الشيخ إمام المسجد يسكب على أرضية المتوضأ و على صنابير المياه سائلا أصفر اللون من قنينة زجاجية
تم إحراق الإمام في ساحة في الحي بعد صلاة الفجر في تلك الليلة
يقول المغاربة أن القصة حقيقة 100%