نجيييييييييييييييييييييييييييييب ، تصيح فردوس ، فتهتز أركان مركز الحسين للسرطان .... ونجيب هذا هو أخي ... شقيقي وصديقي ، أما فردوس ، فهي زوجة نجيب وأم أولاده ، وابنة خالنا قبل كل ذلك ..
نجييييييييييييييييييب ! تصرخ مرة أخرى ، فتقشعر أبدان كل الموجودين ... ترتعد فرائصنا وترتجف أفئدتنا خوفا وفزعا ... إشفاقا وتعاطفا ... وتحسّبا لما قد يحدث خلال الدقائق التالية ...
أما فردوس ، أم مجدي ، وزوجة أخي نجيب ، وابنة خالي ، فهي نفس فردوس التي كانت الى ما قبل أشهر قليلة تراقص الفرح كل يوم ، وتغني للقمر والنجوم كل ليلة ... ولكنها الآن تصارع هذا الوحش اللئيم ... مرض السرطان .... تدهورت حالتها الصحية بشكل مأساويّ ، فتدهورت قلوبنا معها ... وأعطبت حواسنا ... وأعلنا معها الحرب على السرطان ... على هذا القاتل المتوحش والغادر في نفس الوقت ... هي الآن نزيلة مركز الحسين للسرطان في العاصمة عمان ... هذا المركز الذي يعتبر وبحق مفخرة حضارية بكل معاني الكلمة للأردن ... تدخله ، فتعتقد لوهلة أن كل الشعب مصاب بهذا المرض الخبيث ... تمكث لبعض الوقت في الردهة الرئيسية في الطابق الأرضي ، فيمرّ من أمامك العشرات ( بل المئات ) ممن هدّهم المرض اللئيم ... ولكنك في نغس الوقت تجد كل علامات التحدي في عيون بعض المرضى ... ترى التصميم والإرادة عندهم لهزيمة مرضهم والتفلب عليه ... ترى إصرارهم على التشبث بالحياة في مواجهة الموت الزاحف نحوهم ... ترى الأطفال بعيونهم التي تشعّ براءة وطهارة ، وترى كبار السنّ ممن هدّهم شقاء العمر قبل أن يهدّهم الصراع مع هذا المرض القاتل ... ترى النساء والرجال ... ترى الأردني والفلسطيني والمواطنين من مختلف الأقطار العربية الذين توافدوا الى هذا المركز المتقدم طلبا للشفاء ....
آآآآآآآآآه يا اختنا فردوس ... آه يا أم مجدي ... فقط لو تعلمين كم نفتقدك بيننا هذه الأيام وأنت على سرير الشفاء ! نجلس ( نحن افراد العائلة ) ، رجالا ونساء واطفالا صامتين صمت القبور في غيابك ... نفتقدك في كل لحظة تمرّ وندعو الله لك بالشفاء العاجل ... نحاول أن نتحدث بأيّ موضوع لعل ذلك يخرجنا من دوامة الحزن المخيّم فوق رؤوسنا ، فتخذلنا شفاهنا ... تتبخر الكلمات ونبحث عن أيّ حرف ننطقه ، فلا نجد ... بالأمس ... بالأمس فقط ، وعندما كنت أنت في أسوأ حالاتك في مركز الحسين للسرطان ، وصلت بناتنا سهير وسوسن ورغدة من استراليا والكويت ، لم نستطع أن نفرح بهنّ كما تعوّدنا ذلك دائما ... أتعلمين لماذا ؟ لأنك أنت بالذات كنت دائما مصدر الإبتهاج والفرح عندما يعود مسافرنا او ينجح احد ابناءنا او تتم خطوبة احدي بناتنا ... استقبلناهنّ واجمين يجللنا الحزن والكمد ... بكينا أنك لم تكوني معنا ، وأنت المبادرة دائما وفي كل المناسبات الجميلة لزرع الفرح في قلوب الجميع وتوزيع البهجة على كل افراد العائلة ...
اختنا فردوس ... اختنا ام مجدي ... ستنتصرين على هذا المرض اللئيم ... ستدحريه مهزوما ذليلا ... أنت أكبر وأشجع من أن بتغلّب عليك هذا السرطان ... ستعودين الينا اكثر اشراقا وجمالا وحيوية وانطلاقا ... كلنا نحبك يا فردوس ... كلنا نتمنى لك الشفاء من كل قلوبنا ... كلنا ندعو لك ليلا ونهارا ... كلنا نهديك السلام ... لا تطيلي الغياب يا فردوس !ا
اخوك / عاطف رضا الكيلاني
atef.kelani@yahoo.com