اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
ليس شرطا أن يقتل الإنسان نفسه بسكين ، أوأن يعلق مشنقة في غرفة مغلقة،ثم يعلق نفسه فيها من عنقه، وليس شرطا أن يوجه فوهة مسدس محشو الى رأسه الفارغة ،ثم يطلق طلقة،يتناثر منها دماغه، وليس شرطا أن يرمي نفسه تحت عجلات قطار سريع ،أوتحت عجلات حافلة تسابق الريح ،أويرمي نفسه في البحر وهو لا يحسن السباحة،ليس كل ذلك وحده هو الإنتحار ، قد ينتحر الإنسان وهو يدبّ على الأرض ،ويأكل ويشرب وينام ويستيقظ،قد ينتحر الإنسان عندما يتخلى عن دينه وثوابته، فيظن لوهلة أن لا أحد يراه، متناسيا أن الله تعالى له بالمرصاد ،فيمكر ويتستر ويواري ويحلف،ظنا منه أنه مادام أن الناس لم يروه فقد نجا ، قد ينتحر الإنسان عندما يتلبس بالإسلام ثم يوالي أعداء الله تعالى وأعداء دينه ،ويبرأ من أهل التوحيد والإسلام والجهاد،لعلمه أن هذا خطاب تحبه الدهماء وتعتبر أصحابه من اهل الإعتدال والفهم السليم للإسلام،والإسلام منه بهذه الحالة لا شك براء ،وقد ينتحر الإنسان عندما يسابق للصلاة في الصف ألأول بينما هو يحارب الله بأكل الربا ،فينادى بين الناس بالرجل الفاضل بينما ينادى عليه يوم القيامة في جملة قوم( يقال لهم خذو أسلحتكم فيقولون لم فيقال لهم لتحاربوا الله ) كأنه لم يسمع لقول الله تعالى يتلى ليل نهار (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) وقد ينتحر الإنسان عندما يغشّ في تجارته ثم تنطلي حيلته على الناس،وتنفق تجارته ،ويتكاثر الناس على بضاعته ،وهو لا يدري أنه يحدث في دينه خرقا قد يعجز الراقع عن رَتقِهِ ،فيأتي وقد تعلق به يوم القيامة خلقٌ كثيرٌ ممن ظنّ أنه خدعهم ،هذا إذا أمن غائلة ما صنعه في الدنيا ،ولم يعجل الله له العقوبة قبل يوم القيامة ،والمصيبة أن هذا النوع من المعاصي ،قد لاتمحوها التوبة لتعلقها بحقوق العباد فلابد من مسامحتهم لمحوها ،أو أن يتغمده الله برحمته فيقضي عنه يوم القيامة ما أخذه من حقوق العباد ان كان قد أحسن التوبة ،وقد ينتحر الإنسان عندما يبقى بعيدا عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به،وقد حاز علوم الدنيا ،وظن أن الله يحبّه ويقربّه ، وإلا فلماذا يرزقه ويعلي من مكانته بين الناس ،......وهو لا يعلم طبعا أن الله يملي له ليزداد إثما،لأنه لم يقرأ قول الله تعالى (فلا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرا لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين)،فكيف يظن من يهجر دين الله علما وعملا أن الله يحبه ويقربه،قد ينتحر الإنسان عندما ينافق ويكذب فيصدّقه الناس ويسوّدونه ويقدمونه ،فيصعّر من بعد ذلك خدّه ويمشي في الأرض مرحا ،ويتطاول بآماله حتى يبلغ السحاب ثم لا يلبث أن يخسف الله به الأرض ،فيتجلجل فيها كما هو شأن سلفه قارون ، ......وقد ينتحر الانسان عندما يتلبس بالمناهج الباطلة ويبتعد عن كتاب الله وسنة رسوله ويعجبه رأيه وان تعارض معهما ،ويكلما سنحت في ذهنه سانحة للضلال مما يلقيه الشيطان في رأسه تلقفها وحَسّنَها ونَمّقها وخَلعَ عليها من الالفاظ المدبجة وزينها بما يحسبه من الهدى ثم ظن انه يحسن صنعا وهو يهوي في دركات جهنم وقد اتبعه على الضلال خلق أضلهم ولبَسَ عليهم دينهم حتى يأتي يوم القيامة اماما من أئمة النار .......قد ينتحر الإنسان بوسائل شتى ويكون في عداد الأموات بينما هو يسير مع الأحياء ،ويشرب السم النقيع وهو يظن أنه ناج ٍمن البلاءْ ،ويختنق بضلاله وهو يشم الهواءْ ،ثم لا يدري ان اصبح هل يدركه المساءْ