زاد الاردن الاخباري -
وفق منظومة فقدان الثقة الكاملة بالحكومة وأجهزتها، يمكن تفسير حالة اللامبالاة التي صاحبت المواطن حيال "فشل" توقعات مراكز الأرصاد لحالة الطقس في المملكة، والتي حولت موسم الخير إلى "كابوس" يلاحق الأردنيين جراء تجارب متكررة.
واختلفت تبريرات دائرة الأرصاد الرسمية عن مركز طقس العرب، حيال ما اعتبره مواطنون "الإدلاء بمعلومات غير دقيقة حول أول منخفضين جويين شهدتهما المملكة منذ بداية الموسم المطري الحالي اعتبارا من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي"، إلا أن المركزين أكدا "مطابقة بيانات نشراتهما لما حصل بخصوص ما شهدته المملكة من زخات مطرية".
وقال المواطن بلال فهمي (33 عاما) إن المواطن أصبح لديه "سوء نية لا إرادية" تجاه أي معلومة صادرة عن الحكومة.
وأضاف أن الثقة بدوائر الدولة، ومن ضمنها الأرصاد الجوية، أصبحت معدومة، لافتا إلى أنه أصبح عندما يود الاستعلام عن الحالة الجوية خلال الأيام المقبلة، يلجأ للاطلاع على مواقع عالمية.
وأعربت ملاك بدوي (23 عاما)، بدورها، عن فقدان ثقتها مطلقا حيال توقعات مراكز الأرصاد في المملكة، فيما تعود إلى تطبيق خاص بالتنبؤات الجوية مدرج على هاتفها النقال لتصل إلى الخبر اليقين حول طبيعة الطقس خلال اليوم المراد، واصفة معلوماته بأنها "غاية في الدقة".
بدورها، أشارت فرح فارس (31 عاما) إلى أنها لم تعد تثق بتوقعات مراكز الأرصاد منذ تساقط الثلوج في المملكة في كانون الأول (ديسمبر) من الشتاء الماضي، موضحة أنه "منذ ذلك الوقت وحتى الآن لم تكن التنبؤات الجوية الصادرة عن المراكز الأردنية المتخصصة دقيقة".
من جانبها، رفضت مصادر مطلعة في "الأرصاد الجوية"، ما تم تسميته "فقدان ثقة المواطن" بتنبؤات حالة الطقس الصادرة عن "الأرصاد"، مستعينة بنتائج مسح استبياني تم إجراؤه في وقت سابق حول رأي المواطن بدقة النشرات الإخبارية الصادرة عن المركز، والتي وصلت إلى حوالي 90 %.
وأكدت المصادر ذاتها أن التنبؤات الجوية الصادرة عن "الأرصاد" خلال الأيام التي سبقت المنخفض الجوي الأخير، "توقعت هطل أمطار غزيرة مصحوبة بالرعد، إلا أن عدم اطلاع البعض على النشرات الإخبارية للتوقعات أوقعهم في ضبابية المشهد الحاصل".
من ناحيته، أرجع الراصد الجوي من موقع "طقس العرب" محمد الشاكر ما حدث الى ما أسماه بـ"سوء فهم بعض المصطلحات" الذي حصل لدى شريحة من المواطنين، ما فاجأهم حيال حدة المنخفض الجوي الذي شهدته المملكة بداية الأسبوع الحالي.
وقال الشاكر إن المركز أورد في تنبؤاته حول الطقس عبارة "زخات مطرية"، إلا أن البعض فسرها على أنها زخات خفيفة، في حين أن معناها الاصطلاحي "أمطار غزيرة مؤقتة زمنيا"، إضافة إلى أن كلمة "زخات" لا تتعارض مع أن تكون الأمطار غزيرة.
وبين أن "هول" المشهد الذي حصل في مختلف مناطق العاصمة والشمال من سيول وحوادث ووفيات إثر تداعيات الزخات المطرية، أظهر أن كميات الهطل فاقت الكميات المسجلة واقعيا، وذلك ناجم عن "المشاكل في البنية التحتية وضعفها".
وأشار إلى أن "موقع طقس العرب" أصدر تسعة تحذيرات ليلة الاثنين قبل أن يصل المنخفض إلى ذروته، إلا أن البعض يستهين بتلك التحذيرات ولا يأخذها على محمل الجد".
واعتبر الراصد الجوي أن المنخفض الحاصل في هذا الوقت من العام "طبيعي جدا ويتكرر سنويا"، حيث شهدت المملكة عاصفة مطرية في غرب عمان في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، وشهدت منخفضا آخر خلال تشرين الأول (أكتوبر) 2012، مبينا أن الفرق هو توزيع الأمطار الجغرافي أو امتدادها لمناطق دون أخرى.
من جهته، فسّر أستاذ المناخ في الجامعة الأردنية الدكتور نعمان شحادة عدة عوامل تؤدي إلى خطأ وعدم دقة المعلومات الصادرة عن الأرصاد الجوية الأردنية، مشيرا إلى أن السبب الأول لذلك هو اتصاف الجو بالتغير والتقلب المستمر، وهي خاصية مميزة للطقس خاصة خلال فصل الشتاء.
وبين أن من ضمن العوامل المسببة لذلك، معاناة مراكز تنبؤات الطقس من قلة البيانات المتاحة، لافتا إلى أنها "ليست موجودة كما يجب، سواء من خلال الأقمار الصناعية أو الخرائط البيانية".
وزاد شحادة أن النماذج المناخية المستخدمة في عمليات التنبؤ بالأحوال الجوية "ليست دقيقة تماما"، (أي أنه أحيانا لا تكون المتغيرات مشمولة في النماذج).
ونبه خبير المناخ إلى أن الأمر، الذي جعل دقة التنبؤات الجوية تقل كثيرا مقارنة بالسابق، هو التغير المناخي، الذي لم يعد معناه يقتصر على ارتفاع درجات الحرارة وقلة الهطل المطري، إنما من خصائصه أنه جعل التباين في الظواهر الجوية كبيرا جدا، مشيرا إلى أن "الجو صار يتصف بالتطرف".
وعزا ذلك إلى أن الفرق في درجات الحرارة بين المناطق المدارية (ذات درجات الحرارة المرتفعة) والمناطق القطبية (ذات درجات الحرارة المنخفضة) أصبح أقل من السابق، مفسرا ذلك بمعنى أن انتظام الظواهر أصبح أقل من السابق.
يذكر أنه تدفقت حوالي 4 ملايين متر مكعب من المياه الإضافية إلى مختلف السدود إثر الهطل المطري المتواصل على المملكة خلال اليومين الماضيين، معادلة ما نسبته 35.46 % من إجمالي سعتها التخزينية الكاملة، والبالغة 325 مليونا تقريبا.
وقال وزير المياه والري الدكتور حازم الناصر، في تصريحات سابقة، إن مخزون السدود في المملكة ارتفع عن نظيره حتى الوقت نفسه من العام الماضي، حيث بلغ حاليا 115.4 مليون متر مكعب مقارنة مع 98.5 مليون.
الغد