زاد الاردن الاخباري -
اكتشفتها الصدفة وفسرها الغموض، هذا ما يمكن أن نخرج به للوهلة الأولى عن سرّ الدوائر الحجرية الكبيرة المنتشرة في الأردن والمنطقة، لاسيما أنه لم يسبق أن كُتبت أي أبحاث أو دراسات لتحليل هذه الظواهر الصحراوية، التي يعتقد أنها ترجع لحوالي ألفي سنة على الأقل.
لكن رغم حيرة العلماء واختلاف الباحثين في تفسير الظاهرة الفريدة من نوعها، إلا أن هناك اتفاقا بينهم على أن تلك الدوائر تتعلق بمعتقدات دينية في العصرين النحاسي والبرونزي، فيما قال بعضهم إن تلك الدوائر استخدمها الإنسان في العصور القديمة لصيد الغزلان، سيما أن الأردن يحتوي على أكبر مصائد للغزلان في العالم.
لكن العلماء لم يفسروا طبيعة تلك المعتقدات الدينية التي تقتضي رسم هذه الدوائر، ما يطرح العديد من التساؤلات حول ذلك.
وكانت مجموعة من الصور الملتقطة من الجو لصحراء الأردن سلطت الضوء على عدد من الدوائر العملاقة الغامضة المنتشرة في المنطقة، والتي أربكت العلماء على مدى عقود.
وتم تسجيل 8 دوائر كبيرة في غرب وسط الأردن، بين وادي الحسا وأطراف جبال الشراة. وهناك مجموعة ثانية تتكون من أربع دوائر كبيرة تقع إلى الشمال مباشرة من واحة الأزرق في وسط شرق البلد. وبالإضافة إلى ذلك، شوهدت دائرة كبيرة أكثر حداثة في صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية في العام 2002 بالقرب من حمص في سورية.
وبحسب صحيفة "ديلي ميل" شوهدت المجموعة الأولى من الدوائر من الجو أول الأمر في العشرينيات، وكشفت مسوحات أحدث مزيداً من التفاصيل عن أحجامها وأشكالها ومواقعها، وهي تتراوح ما بين 720 قدما و1.400 قدم (220 متراً إلى 455 متراً) في القطر، ومصنوعة من الحجارة والصخور.
ووفق الصحيفة البريطانية، فإن تلك الدوائر بعضها ذات تكوين خام، لكن أخريات قُصِد منها أن تكون دقيقة هندسياً، كما يقول الباحث من جامعة غرب أستراليا في "مجلة علم الآثار الشرقية"Zeitschrift für Orient Archäologie. البروفيسور ديفيد كينيدي، والهدف منها غير معروف، وما يزال علماء الآثار في حاجة إلى إجراء حفريات في المواقع من أجل تحديد تواريخ إنشائها بدقة.
و قال خبير الآثار الدكتور محمد ابو عبيلة إن ما ظهر بالصور من دوائر في صحراء الاردنية والتي حيرت العلماء كانت لأغراض ومعتقدات دينية منذ الألف الرابع قبل الميلاد، في العصرين النحاسي والبرونزي.
وشدد أن ما تم تداوله عن كون الصور التي تظهر من الأقمار الصناعية ليست لمصائد الغزلان كما تم تداوله البعض، وانما لأمور تتعلق بمعتقدات دينية في تلك العصور.
غير أن أبو عبيلة يستعرض عددا من الدوائر الاخرى الكبيرة والتي تحتوي بداخلها على دوائر صغيرة؛ حيث تعود الى مخيمات للإنسان والصيادين في الألف السابع قبل الميلاد.
وأشار الى ان الصور اظهرت ايضا دوائر عملاقة مغلقة يصل امتدادها من اليمن الى صحراء السعودية داخل تلك الدوائر العملاقة أودية وجبال.
ولفت الى ان بعض الدوائر الصغيرة المتواجدة داخل الدوائر العملاقة كانت مخيمات خلفها الجيش التركي خلال الحرب العالمية الثانية في منطقة معان وبالتحديد في منطقة (بطن غول).
بين البروفسور الجيولوجي احمد الملاعبة أن ما اظهرته الصور من دوائر عملاقة في الصحراء الاردنية بعض مخلفات مستوطنات قديمة وبعضها كان مصائد للغزلان.
وأوضح الملاعبة أن المسار الدائري يعد قطعة من الأرض يمتد على مسافة متر أو متر ونصف، وتخلو من الصخور بحيث يظهر تضاريسها بوضوح، مشيرا الى أنه تم تقييم 100 مسار دائري إلى جانب قطاع شديد الكثافة خلف الحدود الشرقية لمنطقة الحرات؛ حيث تشير أشكالها وأحجامها إلى كونها بشرية المنشأ.
وأضاف أن بعض المسارات ربما تكون خصصت لتدريب الكلاب على الصيد، أو ربما تمت زراعة المحاصيل فيها، او لعلها أفرغت من أجل الممارسات الدينية. ولا أحد يعلم إن كانت استخدمت لفترات طويلة أم شُكلت من أجل أن تستخدم لمرة واحدة ومن ثم تُركت.
وأكد الملاعبة ان الأردن يحتوي على عدد كبير من مصائد الغزلان حيث يعتبر من أكثر دول العالم احتواء على مصائد الغزلان.
ولفت الملاعبة أنه لا يمكن أن نعلم بدقة الأسباب خلف هذه المسارات، أو على الأقل حتى يتم تتبع وإجراء مزيد من الدراسات المفصلة حول هذه الهياكل الغامضة، ولكن هناك أمر واحد مؤكد، وهو أن الحرات –كما هي الآن- ألواح حجرية تمثل بصمة الأنشطة البشرية على مدى قرن كامل.
وبالعودة إلى صحيفة "ديلي ميل"، فإنها تقول إن المشهد في الشرق الأوسط مليء بكثافة بهياكل دائرية أو شبه دائرية مبنية من الحجارة"، كما أوضح الباحث كينيدي.
وأضاف كينيدي أن "معظمها دوائر خام، لكن العديد منها كان يُقصد منها بوضوح أن تكون دقيقة هندسياً، ولو أنها غالباً ما تكون مشوهة قليلاً".
وأشار كنيدي أن" البناء بسيط، ويتكون نمطياً من جدران منخفضة من الحجارة غير المشذبة. ومع ذلك، وبالنظر إلى دقة بعض الدوائر، فإن ذلك لم يكن مهمة سريعة ولا بد أن نحو دزينة من العمال قد اشتركوا فيه".
وبحسب "ديلي ميل"، فإن الدائرة التي قطرها 1,279 قدم (350 متر) تعرف محلياً باسم "قصر أبو عناية"، وتقع على بعد 4 كم غرب خط الحديد الحجازي والطريق الصحراوي في المملكة. وتبدو في الشكل تقريباً كدائرة مثالية مع بعض الالتواءات الصغيرة.
كما تعرف الدائرة الثانية والتي ظهرت أيضا بالمملكة، والتي تتساوى قطرها مع نظيرتها سابقة الذِكر تُعرف محلياً باسم "سيرة أم الحيان"، وتقع على بعد 5 كم غرب خط الحديد الحجازي. وتتميز بجدار بني من حجارة الحقول المحلية.
أما الدائرة التي يبلغ قطرها 1,312 قدم (400 متر): فتعرف باسم خ. شذى، تقع هذه الدائرة بالتحديد على بعد 25 مترا شرق الطريق الرومانية فيا نوفا تريانا. وتغطي هذه الدائرة مساحة من التربة الغنية تمت زيارتها أول مرة العام 1997.
وتعرف الدائرة المتواجدة بالأردن والتي تقع على مسافة 250 مترا شرق الطريق الصحراوي بأنها تحوي جداراً بارتفاع 20 سم، مع 5 خصائص مختلفة و7 فواصل في محيطها. وتنطوي هذه على بوابات لقيادة القطعان، و3 مداخل خدمات و3 مخابئ للرعاة و7 جدران للمصائد وبوابتين للصيد.
وتعتبر الدائرة التي يبلغ قطرها 1,312 قدم (400 متر) دائرة شبه كاملة تقع على أرض مستوية تقع في الناحية الغربية من قرية "أذرح". يتشكل جدار هذه الدائرة من صخور الحقل المتراكمة بعرض يتراوح ما بين المتر والمترين حيث يقطع هذه الدائرة الطريق الحديث الممتد من وادي موسى إلى أذرح. ويتبع هذا الطريق مسار الطريق الروماني القديم من البتراء إلى قلعة البوابة الغربية.
تبين أن الدائرة يمتد قطرها على مسافة 400 متر واكتشفت في العام 1953، وهي دائرة شبه مثالية، وليس هناك أية آثار لهياكل داخلية أو فتحات في حلقتها. وهي تقع قريبة على بعد 5 كيلومترات فقط جنوب إذرح، وعلى بعد 5 كم جنوباً.
وتتميز الدائرة التي يتراوح قطرها ما بين "220 إلى 250 متراً" بأنها أصغر بكثير وبيضاوية الشكل أكثر من سابقاتها حيث تحوي كومة بسيطة من حجارة الحقل مع كثافة ظاهرة في مكان واحد.
ويبلغ قطر إحدى الدوائر التي ظهرت في الصحراء الاردنية حوالي (350 إلى 360 متر) والتي تقع بين الخط القديم والجديد للطريق الصحراوي، وعلى بعد 4 كم غرب الجدار الطويل المعروف باسم "خط شبيب" ووفق كينيدي فإن هذه الدائرة وجدت قبل الحقول والقرى المحيطة بها.
أما الدائرة التي ظهرت بالصور التي تم نشرها سابقا في وسائل الإعلام والتي يتراوح قطرها بين 400 و455 فتعتبر سيئة التشكل وتحوي عدداًَ جيداً من الالتواءات؛ حيث يقال إنها أوسع وأعلى من الدائرة السابقة نظراً لكونها بنيت من صخور البازلت.
وتعد الدائرة التي تراوح قطرها ما بين 360 و430 متراً سيئة التشكل أيضاً كسابقتها، مع احتوائها جداراً سميكاً نسبياً فضلاً عن كونها قطعت بالطريق الروماني نفسه الذي قطع سابقتها.
ويدير الأستاذ كينيدي "مشروع علم الآثار الجوي في الأردن" منذ العام 1997، وانخرط أيضاً منذ فترة في "أرشيف التصوير الجوي لعلم الآثار في الشرق الأوسط"، حيث تم أخذ هذه الصور.
ونوه كينيدي في حديثه عن الدوائر أنها قد تكون تملك بعض الفتحات والالتواءات في السابق، ولكن العديد منها قطعت بطرق مرت عبرها، أو حتى أصبحت تحوي بوابات خدمات.
الأردن... مهد الأنبياء والرسل
على مر العصور والزمن، كانت أرض الأردن مكانا عاش فيه الأنبياء والرسل؛ إذ وطئتها أقدام معظمهم فمنهم من عاش ومات ودفن فيها.
ومنهم أيضا من مر فيها فبقيت آثاره؛ وأرض الأردن مباركة أيضا كونها المسرح الذي شهد وجرت عليه الكثير من قصص القرآن.
وأرض الأردن شهدت كفاح المؤمنين الأوائل قبل بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبعدها حيث المراقد والمزارات لآلاف المؤمنين والسالكين في مرضاة الله.
وهي أرض مباركة حيث شهدت أشرف معركة بنمطها الخاص والفريد في الفترة النبوية واستشهاد أبطالها الأكثر قربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي لم يكشف عن أبعادها الحقيقية بعد واحتوت الأردن أجسادهم الطاهرة كذلك شهدت أمورا كثيرة مثل الدعوة العباسية والفاطمية والتحكيم وغيرها.
ومن المقامات الموجودة في الأردن مقام النبي نوح عليه السلام الذي يقع خارج الأسوار القديمة لمدينة الكرك التاريخية والتي يبلغ عمرها ما يزيد على 7750 سنة، وتوالت على حكمها أمم كثيرة كالآراميين والمؤابيين والآشوريين واليونان وكانت تدعى قير حارست وقرحى وصخرة الصحراء.
ويعتقد أن نوحا صنع سفينته في هذا الموقع، الذي هو عبارة عن غرفة مربعة تعلوها قبة جددت من العصر العثماني وأعلى هذه التلة يدعى (خربة التنور) وهي على بعد 35كم عن الكرك وجدت عليها آثار قديمة جدا باقية لحد الآن.
مقام النبي هود عليه السلام
مقام النبي هود عليه السلام الواقع بالقرب من جرش المدينة الرومانية الكاملة وعلى بعد 65كم من العاصمة عمان والمقام عبارة عن غرفة تعلوها قبة وأمامها حوش جدد بناؤه من قبل الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، بعث الله هودا إلى قبيلته (عاد)، وهي من أقدم الأمم وجودا وآثارا في الأردن، وهم أول من عبد الأصنام بعد الطوفان.
إضافة الى وجود مساكن قبيلة ثمود وقوم صالح عليه السلام الذي بعثه الله لهم عندما جعلوا أصنامهم شركاء مع الله، فأرسله الله عز وجل واعظا ومذكرا بنعم الله عليهم، وكانوا قوما عربا وصالح عليه السلام من أوسطهم نسبا، فلما جحدوا بآيات ربهم وعصوا، أرسل الله لهم الناقة آية تفتنهم، وكانت مساكنهم بالحجر، وهي منطقة تضم شمال الحجاز وجنوب الأردن (مدينة البترا ووادي رم وما جاورهما) قبل حكم الأنباط لها وبعد هلاك عاد الثانية على الأرجح.
مقام النبي لوط عليه السلام
ووجود مقام لوط عليه السلام الذي يقع في غور الصافي على بعد 60كم من الكرك هو عبارة عن كهف على سفح جبل يطل على البحر الميت، ولوط ابن أخ إبراهيم عليه السلام تذكر كتب التفسير وقصص الأنبياء أنه جاء من العراق مع عمه إلى بلاد الشام ثم انفصل عنه ليختار الإقامة في الأردن (سدوم وعموره وأدمه وصوغر) للدعوة إلى الله في هذه المدن.
وكان أهلها ذوي أخلاق رديئة ويمارسون الفاحشة في نواديهم ويقطعون السبيل وقد ابتدعوا المنكرات ما لم يسبقهم اليه أحد من خلق الله، فلم يستجيبوا لدعوة لوط ونصحه وهددوه بالرجم فبعث الله تعالى ملائكة لوط بأن اخرج وأهلك الا امرأتك فهي من الغابرين، فأمطر الله عليهم حجارة من سجيل وقلبت ديارهم.
والبحر الميت كان يعرف ببحر لوط ولم يكن على هذه الصورة، بل نتج عن زلزال ضرب هذه البلاد فجعل عاليها واطيها وصارت أخفض منطقة في العالم (804 أمتار تحت سطح البحر) وقد لجأ لوط وأهله إلى هذا الكهف الذي اتخذ فيما بعد مكانا لتعبد المؤمنين الأوائل ثم تحول إلى دير (عين عباطه).
كما وجدت أمام هذا الكهف كنيسة بيزنطية يرجع تاريخها إلى القرن الخامس أرضيتها من الفسيفساء الجميل، ويوجد على بعد 35كم من هذا المكان عمود جاف من الملح يعتقد أنه بقايا زوجة لوط التي عصت تحذير الله بعدم النظر إلى الخلف وهي تهرب من سدوم.
مقام النبي شعيب
ومقام النبي شعيب عليه السلام له أكثر من موقع ومقام في أرض الأردن المباركة، فمقامه يقع على بعد 15كم جنوب شرق مدينة السلط في واد يسمى باسمه، والكتاب المقدس يتحدث عنه باسم (يثرول) وكاهن مدين وحمو موسى، وشعيب بن ميكيل بن يشجر بن مدين أحد أولاد إبراهيم الخليل وأمه بنت لوط، بعثته كانت بعد لوط وقبل موسى عليه السلام بعثه عز وجل إلى أهل مدين، وقومه كانوا عربا عاشوا بنعمة وخير وكانت مدينتهم مركزا تجاريا وسوقا يقصد من كل مكان الا أنهم كفروا بربهم ومارسوا الغش والخداع فنصحهم وأنذرهم شعيب فطلبوا منه أن يسقط الله عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين، وهكذا أخذهم الله بعذاب يوم الظلة فسلط عليهم حرا شديدا حتى غلت مياههم ثم ساق عليهم غمامة فاجتمعوا تحتها ليتقوا شد حر الشمس فأمطرت عليهم نارا أحرقتهم.
شهد مرقد النبي شعيب تجديدات عديدة كان آخرها ما نفذته اللجنة الملكية للإعمار الهاشمي لمقامات الأنبياء والصحابة؛ حيث طور الموقع بشكل جذري وحديث ليضم إلى جانب مرقده الشريف مسجدا وقاعة متعددة الأغراض يتوسطها حوش وسطه نافورة تحيطه أروقة مظللة.
الغد