يرد الإيميل خاصتي العديد والكثير من الرسائل, منها ما هو مادحا ً, مضيفاً , مبدياً راياً مقابلاً...الخ والكل مشكور من قبلي , ولكن لفت انتباهي وجود بعض الطلبات من اخواننا واخواتنا المعلمين والمعلمات بعدد ليس قليل يطلبون مني الكتابة عن همومهم , وما ينغص العملية التربوية اجمالا.... علماً اني لست مختصاً بالشأن التربوي, ولكن هذا لايمنع ... وانا اقول لا ضير لعل وعسى. بداية اقول..... يتذكر الاخوة القراء ممن هم في العقد الرابع واكثر من عمرهم , ما كان للمعلم من هيبة واحترام لدى الجميع, حيث كان الاباء الذين يتخرج ابنائهم ليعملوا في هذه المهنه الراقية (مهنة التعليم ) يتفاخر كل منهم بأن ولده اصبح استاذاً ومعلما. الان ما الذي حصل....؟ لندخل مباشرةً وبدون اطالة على القارئ, لاشك ان غالب الاسباب هو اقتصادي ,مما يجبر البعض من ابناء هذه المهنة ان يلجؤا الى مهن اضافيه مثل: سائق تاكسي , بقالة ...الخ. ليس هذا ما اود ان اطرحه بين ايدي المسؤولين والمخططين للاجيال القادمة, فمعظم المهن والوظائف تراجعت لسبب او اسباب هيبتها عن السابق وهذا لا ينكره احد , ولكن هذه المهنة بالذات يجب الانتباه اليها اكثر من غيرها وبعناية فائقة, فأصل ومرجع كل تقدم للأمم, هوهذا المعلم أو الاستاذ , فهو الذي نضع ابنائنا من بواكير اعمارهم بين يديه, نضعهم خامة وعجينة طرية, قابلة للطوع يمنة او يسرة, خامة لمشروع (انسان متكامل, ومرصوص البنيان) , وطني, ملتزم, منتج, منتمي...الخ. الان اخي القارئ خذ هذا المطروح ُ مثالاً لتقريب الصورة, لترى ويرى الجميع ما هي الاهمية لهذا الانسان الذي يلقب بالمعلم او الاستاذ . ** لنفرض جدلا ان هنالك هجوم ٌعسكري على بلدٍ ما, فمن الذي سيتصدى لهذا الهجوم ؟ بالطبع الجواب هو: الذي سيقوم بهذا الواجب هم القوة العسكرية والجيش لذلك البلد, اي ان العدو هجم هجوما ماديا , بطائرات , دبابات ..... فكان الصد والدفاع من الجهة التي تملك المضادات لهذة المواد وهي الجيوش والمقاتلين , بمعنى هجوم مادي يقابله رد ودفاع مادي,وهذا الذي يحصل حقيقة , لكن لو كان الهجوم هدفه قيم ومبادئ وثوابت هذا البلد وهو ما يسمى-- بالغزو الثقافي والقيمي-- فمن الذي سيتصدى؟ وهذة امور معنوية وثروات لا تقدر باثمان لا يردها ويدفعها,اية دفاعات مادية,مهما بلغت قوتها, فالافكار والابداعات والقيم... هي الاصل والام , اذن الذي سيتصدى بالطبع هم حملتها من مفكرين وادباء وعلماء ومثقفي000 هذا البلد . وهنا المفصل والمغزى بالحديث ,فمن اين ناتي بهم!!؟ ومن الذي انشئهم وعلمهم اليس المعلمين والمعلمات .... وهناك امثلة كثيرة. هل رايت اخي واختي الى من تعود الامور, ان المعلم هو اساس كل تقدم وتطور وهو الوحيد القادر على دفع البلاد الى الرقي والازدهار, بلا ادنى شك. وبما ان الحديث عن المعلم والعملية التعليمية والتربوية دعوني هنا اقترح بعض الاقتراحات ارى انها حيوية ولا بد منها, تجعل من العملية التربوية عملية تشاركية بين الاسرة والمدرسة وتخفف قليلاً عن كاهل المعلم وبعجالة مختصرة, نترك للمسؤول قبولها وتطبيقها : الاقتراح الاول : وضع علامات يقدرها المقدرون والمختصون لحضور ولي الامر للمدرسة ومتابعة السيرة التعليمية لولده او ابنته ..... ونترك لخيال المسؤولين باقي الامور والتفصيلات الاجرائية. الاقتراح الثاني : ربط دخل الوالد في وظيفته بسلوك ولده في مدرسته وهذا لا يستخدم الا في الحالات المتكررة والعنيفة والشاذة من قبل الطلاب وعندما تنفذ العلامات للطالب في الاقتراح الاول , بحيث يرسل مدير المدرسة كتاباً الى المسؤول عن والد الطالب /الطالبة يلزمه بمعاقبة والد هذا الطالب / الطالبة لسؤ تصرف ولده والذي يتطلب اجراء من قبل الاهل اتجاه ابنهم / ابنتهم, وهذا يجعل الطالب في مواجهة اهله عند حدوث الخطأ , وهذة عملية تشخيص مبكر للانحراف الذي يمكن تداركه في بداياته وقبل الاستفحال , وقد يكون رادعا كافيا, بدلا من المواجهة مع المعلم وادارة المدرسة, نعم انا اعلم ان هناك قطاع خاص , واعمال حرة للبعض, وكيف سيتم مخاطبتهم والجواب على هذا : ان التشريعات والقوانيين وما ينتج عنها من انظمة وتعليمات...,وهناك حكام اداريين يستطيعوا الجلب بقوة القانون... والكل مواطن , عام او خاص, هو تحت القانون ,اي انه لا بد من تشريعات وقوانيين ملزمة للجميع,وايضاً هنا... نترك للمعنيين واصحاب القرار التفاصيل, ولا نعتقد ان المختصين والمشرعين والتربويين يعجزهم ايجاد الاليآت المناسبة للتطبيق الفعلي لما اوردناه اذا صدقت النية. وبتطبيق الاقتراحات اعلاه نضمن مشاركة اولياء الامور القسرية للمسيرة التعليمية لابناءهم وفي كل المراحل الدراسية,ونقلل من الضغط الملقى على اكتاف المعلمين في العملية التربوية لأبنائنا , وحتى لا يفاجئ اهل الطالب/ الطالبة, في وقت متأخر ان ابنائهم وللآسف من عبدة الشيطان مثلاً, او من رواد... ويأتوا ويصرخوا لم نعرف , ليش المدرسة او الجامعة لم تشعرنا ...الخ. لااريد ان اطيل عليكم ولكني انهي كلامي عند احساسي بأن القارئ قد وصلت اليه الرسالة , فلابد لنا من مراجعات دوريه للسياسات التعليمية والمناهج التربوية ووضع الخطط والاستراتيجيات قصيرة وطويلة المدى, وهنا دعوني اذكر لكم طرفة حدثت معي شخصيا بعدها اذكر الهدف من سردها وهي: معلماً ممن يدعون الفهم واحتكاره ويعرفون ولا غيرهم يعرف , سمعته في احدى محاضراته , يتحدث عن العملية التربوية وبما يتجه نحو تعليم البنات والمرأة 00 فشعرت ان هذا الانسان يقول شيئاً فيه تزمت واجحاف في حق بناتنا , وانه لا يجوز تعليمها خوفاً من انحرافها 00 فتركته وشأنه الى النهاية , فحضر لي خاطر التوضيح للمسألة, فأخذ الحاضرون بطرح الاسئلة كالمعتاد على هذا الجهبذ , فكان السوأل بعد ان تركته قاصدا يجيب غلى كثيرا من اسئلة غيري : هل يجوز للرجل المسلم ان يصطحب امرأته او اخته الحامل الى طبيب للكشف عليها, فقامت الدنيا , الله اكبر طبيب اجنبي يكشف عورات بناتنا وامهاتنا نهاية المطاف, ....بالطبع يا اخي لا يجوز , ويجب ان تكون طبيبة مسلمة , مشهور عنها حسن الخلق 000الخ, فجاء السوأل الذي يكشف قلة الفهم, وسوء التلقي , ومن اين نأتي بالطبيبة والعالمة والمعلمة وانت وامثالك ممن يدعون حسن التلقي , ويحتكرون علوم الله وثم سنة رسوله عليه السلام ,يدعون الى عدم تدريس الفتاة , اين 36 دقيقة قضيناها في معصية استماعنا لمحاضرتك. وقد قال بعض اخواننا الادباء السودانين ما مضمونه في ضرورة تدريس وتعليم البنات : ان انت علمت بنتاً فقد اغلقت سجناً.... وانا اقول : يجب ان نضع نصب اعيننا تحسين احوال المعلمين وجميع المشاركين بالعملية التربوية , بكل السبل المتاحة والا ستدخل هذة البنت هي السجن, انتهى. فما هذا النوع من المعلمين الذي نريد , فالمعلم المقصود هو ذلك الذي يقصد وجه الله في مسؤوليته اتجاة تنشئة الاجيال على الوسطية والاعتدال, في الاخذ والعطاء المادي والمعنوي, المعلم الذي يصبر على نفسه وطلابه اينما كان في مدرسة , كلية.... , ويتحمل جزءاً من هموم بلده , ويجب ان توجه فلسفة العملية التربوية والاستراتجيات التعليمية, اليه, فهو محورها, وكيفية العناية باحواله , يجب ان نوفر له جميع الدوافع للابداع والعطاء , يجب ان نربي ابنائنا على احترام معلميهم ,يجب ان لا نقيد المعلم بمحددات تمنع ابداعه وتقلل من كفائته وعطائه, واما الهدف من سرد هذة القصة الواقعية فهو: انه يجب الاعتناء اكثر بمعليمينا الذين نريد لهذا البلد, متسلحين بالثقافة والايمان والاخلاص والصبر وانه وان ضاقت قليلا, فالفرج بهمة ابناء الوطن قادم, وحتى لا نعطي الفرصه لظهور وتكثير المعلم الذي لا نريد.... فعدم دعمك للايجابي المرغوب , هو زيادة فرصة ومساحة للسلبي المرفوض بالظهور والانتشار. وارجو ان لا يفهم ان كل ما تحدثنا به في محتوى مقالنا هذاعلى انه عذرا وتبريرا للاخوة المدرسين والاستاذة والمعلمين للتقصيرلاسمح الله , فالقناعة عند الرجال كنز, لا تفنيها قلة المال , فهذة امانة بين ايديهم لا ترقى لاهميتها امانة اخرى, امانة تنشئة الاجيال وتجذير انتمائهم لوطنهم وولائهم المطلق لقيادته , ويجب ان يعلم الكل منهم, انهم في فكر قيادتنا الهاشمية وكما هو الجميع من ابناء الوطن , فهذة الجوائز التقديرية للمعلم والمدير المتميز, كلها تصب في هذا التوجه والتي لا ارى مانعاً ان ترقى الى ان تصبح جائزة المعلم المتميز كرسيا فخرياً بكامل الاستحقاقات في مجلس النواب , والمدير المتميز كرسياً فخرياً في مجلس الاعيان, والمأمول من الحكومة الجديدة ترجمة الرؤى الملكية الى واقع , وبقليل من الصبر من جانبهم وبكثيرمن الاهتمام فيهم من جانب الحكومة واولياء الأمورللطلبة يتحقق المراد . اخي القارئ: حضر شعور واحساس لي اني بلغت وبلغة بسيطة جداً بعيدة عن المصطلاحات والتعقيد التي تذوب الحقائق احيانا , وان الرسالة قد وصلت ولذلك سأنهي بقول شهير عند العرب رحم الله صاحبه وهو: ( من علمني حرفاً كنت له عبداً ). واذا قيل بالماضي قل لي من تصاحب اقل لك من انت؟ فها انا بالحاضر اقل لك: قل لي من معلمك اقل لك من انت ...؟ حمى الله بلدنا وحفظ معلمنا وراعي مسيرتنا للأمام ناصر الاقصى والمقدسات الإسلامية وولي عهده الامين والله الموفق والى لقاء .