زاد الاردن الاخباري -
يقفل رئيس الوزراء الأسبق علي ابو الراغب الحديث على مرحلة الطفولة والشباب، ليفتح الباب على إطلالة على معترك العمل السياسي، بعد قراره خوض "معمعة" العمل النقابي.
محطة قيادة أبو الراغب لنقابة المقاولين نهاية الثمانينيات شكلت له أول الطريق على درب التدرج في عالم السياسة والعمل العام، بصفوفه المتقدمة، في النيابة والحكومة.
كانت تجربته تلك، هي ما مهد له الطريق، ليطرق باب النيابة، فاختار خوض غمار المعركة النيابية، في العام 1989، لكنه أخفق "بسبب عدم التحضير الجيد"، ثم ليعود وينتصر في انتخابات العام 1993، بعد أن كان قد انخرط بقوة في تجربة "التجمع الديمقراطي"، الذي شكل حالة سياسية مهمة في الحياة الأردنية مطلع التسعينيات، قبل أن تطيح بالتجربة خلافات مؤتمر مدريد.
ولعل أبو الراغب ظل يحلم مذ كان طفلا بدخول مجلس النواب نائبا، بعد أن كان دخله بـ"الخفية" طالبا العام 1964، ليشهد يومها مناقشات ومداولات ساخنة للمجلس، أطاحت بالحكومة قبل أن يطاح بالمجلس ذاته.
بعد 25 عاما عاد أبو الراغب إلى المجلس النيابي وزيرا في حكومة طاهر المصري، التي واجهت نواب الـ89، ثم جاءه نائبا في العام 1993.
وفيما كان أبو الراغب استعرض في الحلقة الأولى ذكريات الطفولة والشباب والدراسة، ينتقل اليوم في الحلقة الثانية للتطرق لتجربته النيابية الطويلة، ومشاركته في أكثر من حكومة مطلع التسعينيات.
مطلع الثمانينيات دخلت عالم العمل النقابي؟
- نعم في العام 1984 ترشحت لعضوية مجلس نقابة المقاولين وفزت، وفي العام 1986 فزت نقيبا للمقاولين. كان عدد أعضاء الهيئة العامة حينها نحو 300 عضو. في تلك الفترة بنينا النقابة، قمت بالعمل على إصدار قانون النقابة الحالي، أعده في ذلك الوقت المرحوم المحامي إبراهيم بكر، حيث كانت النقابة مسجلة قبلها وفق قانون العمل، أما القانون الجديد فحولها إلى نقابة مهنية وأصحاب عمل، كان رئيس الوزراء حينها الأخ زيد الرفاعي، ويسجل لدولته أنه دعم إصدار القانون وإنشاء النقابة بحلتها الجديدة.
كان الوضع غير منظم نهائيا قبل القانون. لم يكن هناك تصنيف للمقاولين، وكانت نقابة صورية إلى حد كبير.
قبل صدور القانون، كان قد قام وزير الأشغال عوني المصري بوضع تصنيف للمقاولين حسب الاختصاص وتنظيم المهنة، وبعد القانون كان هناك إجراءات قانونية لتصنيف المقاولين بالدرجة والتصنيف الصحيح للاختصاص، وحجم العمل في مجالات الطرق والأبنية والكهروميكانيك وغيره من الاختصاصات، وساعدنا بإصدار القانون وزير الإشغال في حينه المرحوم محمود الحوامدة.
بعد انتهاء الدورة الأولى فزت في انتخابات 1988 بالتزكية نقيبا للمقاولين مرة ثانية.
في تلك الفترة كانت النقابات المهنية فاعلة سياسيا ووطنيا، كيف تعاملتم كنقابة مع ذلك؟
- نعم، كان لنا دور سياسي في النقابات، كنا أعضاء في مجلس النقباء المهنيين. في تلك الفترة كان ليث شبيلات نقيبا للمهندسين، وممدوح العبادي نقيبا للأطباء، حسين مجلي للمحامين، المرحوم غالب أبو عرابي - كما أذكر- نقيبا للمهندسين الزراعيين، إضافة إلى إخوة آخرين من النقباء.
كانت النقابات حينها فاعلة، لها حضور لافت وقوي في الحياة السياسية والعامة، كنا في بعض الأحيان نعارض الحكومة لأسباب سياسية، وشهدنا في تلك الفترة تغيرات وقرارات سياسية مهمة، مثل قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية العام 1987، كما شهدنا أحداث نيسان (أبريل) العام 1989، التي انطلقت في معان (أحداث الجنوب) حيث استقالت حكومة زيد الرفاعي، وجاءت حكومة المرحوم أبو شاكر (الأمير زيد بن شاكر)، وأجريت الانتخابات النيابية في أواخر العام 1989.
جئت نائبا في العام 1993، لكن قبل ذلك كنت وزيرا في حكومة طاهر المصري، وكنت أيضا عضوا ناشطا في التجمع الديمقراطي، كيف تستذكر تجربة تأسيسكم للتجمع؟
- التجمع تأسس قبيل مرحلة صدور قانون الأحزاب العام 1992، وقبل تشكل الأحزاب رسميا وبصورة علنية، نعم كانت الأحزاب موجودة على الأرض وتعمل في الساحة تحت نظر الدولة.
كنا في تلك الأيام مجموعة من النقباء المهنيين والنواب والسياسيين نلتقي عند المحامي المرحوم إبراهيم بكر كل يوم خميس، نتحاور في شؤون الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والشؤون العربية. اتفقنا بعد نقاشات وحوارات على تأسيس تجمع، نلتقي فيه على ثوابت عريضة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية التعبير، وتحسين الظروف المعيشية للمواطن ومكافحة الفساد. وكانت توجهاتنا في التجمع قومية، وكان فينا من يمثل فكرة الوحدة الوطنية، الأردنية الفلسطينية، كنا نسعى إلى التعامل مع القضايا الوطنية بشكل مؤسسي وفعال.
في فترة التأسيس دهمتنا أحداث العراق نهاية العام 1990 ومطلع 1991، والحرب على العراق. حمل التجمع الديمقراطي حينها لواء دعم العراق في وجه العدوان الخارجي عليه، وتأييد الحل العربي العربي لاحتلال الكويت. وقد نظم التجمع حينها لقاء مهما مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين رحمه الله في بغداد، واستقبلنا استقبالا رسميا وبشكل جيد وباهتمام كبير، كان هذا نهاية العام 1990، وقبل تحرير الكويت بشهرين.
في تلك الأثناء حقق التجمع حضورا شعبيا وجماهيريا لافتا، ونظم حينها العديد من المظاهرات والمسيرات في مختلف مناطق المملكة، أذكر أننا نظمنا مهرجانا كبيرا وحاشدا في المدينة الرياضية، ضاقت به مدرجات الملعب. وقد نظم التجمع أكبر وأهم مسيرة شعبية هي مسيرة العودة في الأغوار العام 1990 التي شارك فيها أكثر من مائة ألف.
كما كان للتجمع حضور سياسي مهم، ومثل خطا وطنيا وقوميا رئيسيا على الساحة الداخلية، ضم شخصيات وازنة سياسيا ونقابيا ونيابيا وحزبيا.
لم يطل عمر التجمع الديمقراطي، رغم حضوره القوي تلك الفترة وشخصياته الوازنة، حدثنا عن ذلك؟
- التجمع ضم كلا من: النواب فارس النابلسي، محمد فارس الطراونة، حسني الشياب، بسام حدادين، منصور مراد، ذيب مرجي، عبدالكريم الدغمي، عيسى مدانات، وفخري قعوار. ومن النقباء المهنيين أنا وممدوح العبادي وغالب أبو عرابي، حسن خريس ووليد عبدالهادي. ومن الشخصيات السياسية: إبراهيم بكر وبهجت أبو غربية ومشهور حديثة ويعقوب زيادين وعزمي الخواجا وسالم النحاس وفائق وراد وصالح ارشيدات وعوني الساكت وهاشم خريسات وآمال نفاع ووليد الأحمد ومحمد لؤي الدباغ ونبيه معمر وجورج حدادين وصالح القلاب وطاهر العدوان ومؤنس الرزاز وتيسير الزبري وتيسير الحمصي وإبراهيم أبو عياش ومحمود المعايطة وحمدي مطر وأحمد النجداوي وصالح كنيعان الفايز. وبقي التجمع قويا، وله حضور سياسي، إلى أن شاركنا في حكومة طاهر المصري العام 1991.
المشاركة بالحكومة أحدثت انقسامات وتباينا في وجهات النظر، حيث وقع بعض أعضاء التجمع على المذكرة النيابية، التي عرفت بمذكرة الـ41 ضد حكومة المصري. وقع على المذكرة من نواب التجمع: حسني الشياب ومنصور مراد وفخري قعوار. ذلك أوقع الخلل في التجمع، وبدأت الانقسامات تتضح أكثر، بعدها التقينا عدة مرات ثم انتهى الأمر عند هذا الحد.
أنا وصالح أرشيدات الوحيدان من وزراء التجمع اللذان استمرا في حكومة المرحوم الأمير زيد بن شاكر بعد استقالة حكومة المصري، في حين أصبح الدكتور ممدوح العبادي أميناً لعمان الكبرى أثناء حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي العام 1993.
لم تفكروا بعدها بإنشاء حزب؟
- كانت الفكرة موجودة لدينا، وبادر بها طاهر المصري بعد استقالة حكومته في نهاية 1991، حيث اجتمعنا اكثر من مرة، ووضعنا خريطة أسماء وأفكار لحزب قومي عروبي، لكن الفكرة لم تر النور. كان سبب تعثر مشروع الحزب انشغال الجميع، إما بالنيابة أو المشاركة في الحكومات.
لكن ألم يكن طاهر المصري قريبا من التجمع؟
- نعم، كان قريبا جدا بحكم فكره وقربه من أعضاء التجمع وصداقاته مع كثير منهم. وقد بدأت عملية حل التجمع منذ أن اعترض البعض على فكرة المشاركة بالحكومة، ودخلنا في أجواء من الأقاويل التي تثار حول مشاركة التجمع في حكومة المصري. دخل الحكومة من التجمع حينها خمسة وزراء.
وكما كان هناك رضا من القواعد الشعبية والقوى الديمقراطية والليبرالية والإصلاحية تجاه حكومة المصري، ومشاركة التجمع فيها، فإنه كان هناك جهات أخرى، وخاصة جهات نيابية، لم يطب لها مشاركتنا واختيارنا في حكومة المصري بهذا العدد.
استقالة النائب عبدالكريم الدغمي من حكومة المصري، هل كان لها علاقة بانقسامات التجمع؟
- لا، كانت لأسباب شخصية، وبعد خروجه مباشرة من الحكومة انضم إلى مذكرة الـ41، التي طالبت بحجب الثقة عن حكومة المصري.
كيف تقيم الاصطفافات النيابية ضد حكومة المصري، وما ثار حولها من لغط؟
- أولا، التقى طاهر المصري، في فترة تشكيله الحكومة، جميع القوى السياسية والنيابية، وتحاور معها، ليشكل على إثر ذلك حكومة نيابية، لكن، وبعد انتهائه من تشكيل الحكومة وضم نواب التجمع، تشكلت كتلة نيابية جديدة (الكتلة الدستورية)، وعدد أعضائها كان 12 نائبا، أبرز رموزها المرحوم ذوقان الهنداوي وعبدالرؤوف الروابدة ومروان الحمود وأحمد عناب وجمال الصرايرة ومحمد أبو عليم وعيسى الريموني وغيرهم. رموز هذه الكتلة اعتبروا، بعد أن شكلوا كتلتهم وبعد تشكيل الحكومة، أنهم استبعدوا منها، بالرغم من أن معظمهم منح الثقة لحكومة المصري، إلا أن اللوبيات "اشتغلت" بنشاط لجمع تواقيع 41 نائبا، تطالب باستقالة الحكومة بعد أشهر من تشكيلها. أعتقد أن الأمر كان مناكفة سياسية ليس أكثر، وكان من مطالب هذه الكتلة إدخال وزيرين منها للحكومة، لكن المصري لم يستجب لضغوطها. رفض المصري لإدخال وزيرين من الكتلة الجديدة جاء لأنه لم يكن يريد أن تكون حكومته عرضة للضغوط، واختار الاستقالة على إثر ذلك.
طبعا، كان قد سبقت ذلك بأشهر قليلة قضية مشاركة الأردن في مؤتمر مدريد للسلام العام 1991، والتي خرج من حكومة المصري على إثرها سبعة وزراء رفضا منهم للمفاوضات ومدريد، هؤلاء الوزراء منهم: محمد فارس الطراونة وسليم الزعبي وعبدالله النسور ومحمد الحموري ورائف نجم، فكان وضع حكومة المصري صعبا. طبعا، بعض من خرجوا من الحكومة كان لمواقف قومية ومعارضة مبدئيا لمدريد والمفاوضات، فيما اشترط الدكتور عبدالله النسور لبقائه في الحكومة أن يأتي الرئيس المصري بموافقة مجلس النواب على المشاركة في مؤتمر مدريد.
لو كنت مكان المصري حينها كيف كنت ستتصرف مع كتلة الروابدة والهنداوي؟
- لا أعرف، وقد يكون وقتها لدى طاهر المصري معلومات ومؤشرات جعلته يستقيل، باعتبار ذلك أفضل له ولحكومته ولمجلس النواب. في تلك الأيام، وقبل استقالته، قلت له: "انت ناوي تروح"، ونفى ذلك طبعا، لكن سلوكه كان يؤشر إلى ذلك. أعتقد انه لم يكن ليقبل فرض الشروط والتوزير عليه من بعض الجهات النيابية.
لكن وللأمانة، فإن حكومة المصري كان لها محطات إيجابية كثيرة، كما في إعداد قوانين سياسية مهمة، مثل قانون إلغاء الأحكام العرفية، وقانون الأحزاب وقانون جديد للمطبوعات والنشر، إلى جانب قوانين في الإصلاح الاقتصادي. وأذكر أنه تم في آخر جلسة لنا في حكومة المصري اتخاذ قرارات تتماشى وسياسات صندوق النقد الدولي، وكان ذلك حتى نرفع العبء عن حكومة الأمير زيد بن شاكر، ولئلا تتحمل وزرها. كانت حكومة المصري حكومة مشبعة بروح المسؤولية، وأذكر أن جلالة المرحوم الحسين قال في حق المصري كلاما جميلا عند قبول استقالته، وفي لقاء وداعه للحكومة.
هل كان هناك تفكير جدي بحل مجلس النواب حينها؟
- شخصيا، لا أعتقد ذلك، مع أنه قيل إن المصري قدم استقالته وضحّى بالحكومة من أجل البرلمان. لا أستطيع الحديث عما كان يدور في ذهن جلالة الملك الحسين رحمه الله في ذلك الوقت، لكن الحسين كان يتحمل من البرلمان الشيء الكثير، وكان رحمه الله لديه قدرة هائلة على تحمل الواقع النيابي، وحراكه وقراراته ومواقفه بإيجابياتها وسلبياتها. كمثال على ذلك أذكر أننا في مجلس النواب الثاني عشر، العام 1994، وقعنا على مذكرة ضد حكومة عبدالسلام المجالي، وذهب بها المصري، عندما كان رئيساً لمجلس النواب، إلى جلالة الملك، وكانت المذكرة تتعلق بوضع الحكومة، وحملت هجوما كبيرا عليها وعلى تشكيلتها وسياساتها، فغضب الحسين رحمه الله، ولكن وبعد حوالي تسعة أشهر استقالت الحكومة وبقي مجلس النواب، فجلالته تحمل النواب كثيرا في تلك المرحلة الحرجة.
عدت إلى حكومة زيد بن شاكر بعد استقالة المجالي، فما أبرز محطات تلك الحكومة؟
- كانت مرحلة مهمة للغاية، وقد وضعنا في الحكومة حينها قانونين مهمين، هما قانون الاستثمار وقانون ضريبة الدخل الجديدين. اتفقنا حينها، أنا كوزير صناعة وتجارة والأخ باسل جردانة وزير المالية على العمل كفريق لتمرير القانونين وإقرارهما في مجلس النواب. كان القانون القديم يفرض ضرائب تعيق حرية وقدرة المستثمر، وترك لي وزير المالية حينها مهمة الحوار مع اللجنة المالية لمجلس النواب، وفعلا استطعنا بنجاح تمرير القانونين كحزمة واحدة. لكن يسجل الفضل للمرحوم أبو شاكر في تمرير القانونين، نظرا لعلاقاته المتميزة مع النواب، وما حظي به من احترام لهيبته ووقاره. هذان القانونان أخذا بيد الأردن اقتصادياً، وحسنا موقعه الاستثماري بشكل كبير.
وماذا عن المؤتمر الاقتصادي وقتها الذي عقد العام 1995؟
- هو أيضا كان من أهم المحطات في تلك المرحلة، فقد كان المؤتمر الاقتصادي، الذي عقد بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس"، فرصة قدمني من خلالها أبو شاكر لجلالة الملك الحسين رحمه الله، حيث أوكل لي المسؤولية عن المؤتمر من حيث الإعداد له وبرامجه ومتطلباته. وشهدت تلك المرحلة أيضا توقيع الاتفاقيات الاقتصادية مع إسرائيل، وهي مرحلة كنت خلالها قريبا من الأمير زيد، وتشرفت بأن رافقت جلالة المغفور له الحسين في عدة سفرات إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك حضور اجتماعات مهمة مع الأشقاء في مصر وفلسطين، وحضور الاجتماعات مع زعماء عالميين كثيرين.
لنعد إلى حكومة أبو شاكر (1991 – 1993)، كنت وزيرا للطاقة والثروة المعدنية، لك قصة مع بعض الملفات في تلك الوزارة؟
- من تلك القضايا كان موضوع النحاس، حيث وردت معلومات لي كوزير عن وجود النحاس في وادي "فنان"، في وادي عربة، وكان الموقع يقع في طرف محمية ضانا، فذهبت إلى الموقع، وحصل أن أبدت شركة كورية استعدادها وبتوفر الإمكانات والمعدات لديها لاستخراج النحاس من المنطقة. تقدمت لرئيس الوزراء أبو شاكر بالمشروع، فقال لي "ضب الطابق"، فستفتح علينا "وجع راس" ومعارضة جمعية حماية الطبيعة، وحرصا على محمية ضانا.
الأهم من النحاس كان موضوع اليورانيوم، الذي وضع منذ نحو عامين فقط على رأس الأوليات في الأردن. ما هي قصة اليورانيوم في تلك الفترة؟
- في تلك الفترة، جاءتني تقارير فنية سرية من رئيس سلطة المصادر الطبيعية المهندس كمال جريسات بوجود مؤشرات ودراسات، تفيد بوجود مبشر لكميات من اليورانيوم جنوب المملكة، يمكن استخراجها، وأنها من أجود أنواع اليورانيوم. لقد تشجعت للفكرة وحملتها إلى رئيس الوزراء ، لكن المرحوم أبو شاكر، عاد وشاور حينها جلالة المغفور له الحسين، فاستقر الرأي حينها على عدم الخوض في هذا المشروع في تلك المرحلة، لأبعاد سياسية، وتحديدا لحساسية موضوع اليورانيوم، والخشية من أن تستغله إسرائيل للتأليب على الأردن، خاصة وأن البلاد كانت في مرحلة الخروج من الحصار والعزلة السياسية لما بعد حرب الخليج الثانية. تلك الظروف السياسية حالت –وللأسف- دون أن نستغل هذا المصدر المهم للطاقة، والحمد لله أن المشروع عاد وانطلق مؤخرا، ونتائجه مبشرة.
كذلك، كان لنا في تلك المرحلة جهود ومشاريع جيدة في مجال الطاقة، فقد حققنا تقدما في عدة مجالات، حيث حصلنا على نفط من العراق بأسعار تفضيلية، ورفعنا القدرة التخزينية للنفط، وتم التوسع في التغطية الكهربائية، لتصل اليوم بحمد الله الى ما يتجاوز الـ99 بالمائة من مناطق المملكة، من خلال إقرار فلس الريف.
بعد مشاركتك لأول مرة بحكومة أبو شاكر خضت الانتخابات النيابية العام 1993؟
- نعم، خضت الانتخابات النيابية، ونجحت هذه المرة نائبا عن الدائرة الثالثة في عمان، وتسلمت رئاسة اللجنة الاقتصادية والمالية. من أهم محطات تلك الفترة كانت معاهدة السلام وتوقيعها في وادي عربة، وقد أيدت كتلتنا النيابية قانون المعاهدة.
ثم عدت مع الأمير زيد بن شاكر وزيرا للصناعة والتجارة في منتصف 1995، كان رحمه الله يريدني وزيرا للطاقة والثروة المعدنية مرة أخرى، لكني طلبت منه وزارة الصناعة والتجارة، فقبل لكن بشرط، وهو أن لا نختلف أنا ووزير المالية باسل جردانة، وكان له ما أراد، حيث سادت علاقة حميمة ومتميزة بيني وبين وزير المالية في تلك الحكومة، حيث أن علاقتي مع وزير المالية في حكومة أبو شاكر الثانية
(1991 - 1993) كانت متأزمة.
أسجل هنا أن عملي في حكومتين مع الأمير زيد شكلت بالنسبة لي محطتين مهمتين في حياتي، خاصة وأن العمل مع هذه الشخصية الوطنية الصافية النقية الصادقة كانت بالنسبة لي خبرة كبيرة، فهو رحمه الله كان رجل دولة من طراز رفيع، يشكل مثالا للإخلاص والعمل الجاد في خدمة قائد الوطن والأردن والشعب الأردني الذي أحب.
ماجد توبة ومحمد الرواشدة