ترتكب الولايات المتحدة خطأً يصل إلى حد الحماقة إن هي فكَّرت فعلياً في توجيه ضربة عسكرية لإيران في هذا الوقت بالذات حيث « الثورة الخضراء « التي يقودها مير حسين موسوي غدت واقعاً يفرض نفسه على الحياة السياسية الإيرانية وحيث التيار المضاد لهذه الثورة الذي يقوده عمليَّاً المرشد الأعلى علي خامنئي بدأ يفقد أعصابه وغدا مصاباً بالإرتباك ويتصرف بصورة عصبية ونزِقةٍ تدل على أنه يقترب من لحظة الإنهيار .
أكد الجنرال ديفيد بترايوس ، قائد القيادة الأميركية الوسطى ، المعروف بالإتزان والكفاءة والتصرف بمهنية عسكرية لا تعرف الإرتجال أن بلاده وضعت خطة لضرب المنشآت النووية الإيرانية وأن هذه الخطة باتت جاهزة ولكنه قال أنه لايزال يوجد وقت لحل المشكلة بالطرق الدبلوماسية وأنه لا يوجد تاريخ معين لنهاية هذا الحل الدبلوماسي لتنفيذ الخطط الحربية .
وهذا يدل على أن هذا التهديد هو بمثابة تلويح للقيادة الإيرانية بالعصا الغليظة حتى لا تواصل ركوب رأسها وتدفع الأمور في بلادها إلى الهاوية ولعل ما يعزز هكذا إستنتاج أن بترايوس عاد ليقول : « بعد فترة معينة وبالتأكيد سيأتي وقت التحرك « مما يعني أن أميركا لا تستبعد مثل هذه العملية الجراحية إن بقي محمود أحمدي نجاد يتصرف بطريقة تستدرج الحل العسكري إستدراجاً وكما فعل ويفعل حلفاؤه التابعون في قطاع غزة .
إنه من المؤكد أن الأميركيين يعرفون ويدركون أن القيادة الإيرانية التي باتت تشعر أن حبل « الثورة الخضراء « يقترب من عنقها تتمنى أن تقوم أميركا بعملية على غرار عملية صحراء لوط التي نفذتها القوات الأميركية في عهد الرئيس « التقي والورع « !! جيمي كارتر والتي إنتهت كما هو معروف بالفشل الذريع فهذا يسلِّحها بسلاح فتاك ضد موسوي وكروبي وخاتمي والمجموعة الإيرانية وهذا سيجعل الإيرانيين يعطون الأولوية لمواجهة الإعتداء الخارجي على بلادهم ويجعلهم يؤجلون إستحقاق الأزمة الداخلية .
وبالطبع فإن هذه القيادة الإيرانية يسعدها أن لا تكون الضربة أميركية بل إسرائيلية فهذا سيظهرها على أنها تواجه هذا الذي تواجهه على الصعيد الداخلي لأنها تعادي إسرائيل ولأنها تريد تحرير فلسطين وحقيقة أن هذه حجة مقنعة للرأي العام الذي يتعاطى مع الأمور ببساطة متناهية كان قد إستخدمتها بعض أنظمة هذه المنطقة للهروب من مشاكلها وأزماتها الداخلية .
وهكذا فإنه على الولايات المتحدة أن تفكر جيداً وأن تعد إلى الألف قبل أن تقدم على مثل هذا العمل العسكري الذي لوَّح به بترايوس وقبل أن تسمح لإسرائيل بالقيام بما تفكر به على هذا الصعيد فالمنطقة لا تحتمل حرباً جديدة والمتطرفون والإرهابيون ومعهم إيران ينتظرون مثل هذه الضربة لنقل ما يجري في اليمن والصومال وأفغانستان إلى دول شرق أوسطية جديدة ولإستدراج تعاطف شعوب هذه المنطقة معهم بحجة أنهم يتصدون لعدوان الإستكبار العالمي والدولة الصهيونية .