أعلم جيداً حجم الجهد الذي بذله الأمريكان لتغيير ثقافة وفكر شبابنا بشكل خاص ومجتمعنا بشكل عام، وأعرف جيداً ما تقوم به هذه الإدارة وإعلامها وسسفاراتها و"إن جي أوزاتها" في محاولاتها لجعل الشعب العربي يتقبل الأمريكان وسياساتهم المنحازة للعدو الأول والأوحد للعرب (إسرائيل).
وأفهم أن نصل لمرحلة الدفاع عن موقف أمريكي هنا أو هناك ولكن ...
البعض وصل إلى مرحلة غير معقولة من التبرير للسيد الأمريكي ..
فحجم الفظاعة والإجرام والحقد والفاشية التي مارستها أمريكا في سجون غوانتانامو والتي تم الكشف عنها يوم أمس لم يفهم منها "هذا البعض" سوى أنها دليل على الديمقراطية الأمريكية التي تسمح بكشف هذه العمليات.
وكأن السماح بالإعلان عن هذا الإجرام سيوقف أمريكا عن تماديها .. وكأن هذا الإعلان صك براءة عن إجرامهم ..
عن أية ديمقراطية أمريكية يدافع "هذا البعض" ؟؟!! الديمقراطية الأمريكية التي خاضت حرباً على العراق بذريعة احتفاظ النظام العراقي بأسلحة كيماوية، فقتلت أكثر من مليون عراقي لتعترف مؤخراً بأنها كانت تعلم بعدم وجود أسلحة كيماوية لدى العراق ؟؟!! أم الديمقراطية الأمريكية التي قصفت هيروشيما ونجازاكي لتكشف فيما بعد عن علمها بانهيار اليابان وقرب استسلامها قبل القاء القنابل النووية.
الأدهى والأمر أن "هذا البعض" وفي محاولة خبيثة للتخفيف من حجم الاحتقان الشعبي العربي والإسلامي بل والدولي على ما كشفه تقرير الكونغرس حول غوانتانامو، يأتي ليقول لنا بأن السجون في الأنظمة العربية ليست بأحسن حال.
وعلى الرغم من أنني لم أسمع بطرق للتعذيب أبشع مما قرأته في تقرير الكونغرس، إلا أن "هذا البعض" لم يفهم بأن الأنظمة العربية القمعية الرجعية هي حليفة للسيد الأمريكي بل وكشفت التقارير مؤخراً عن استخدام الأمريكان لسجون بعض الدول العربية لممارسة التعذيب.
الأهم هو أن "هذا البعض" نسي بأن إحدى أهم نقاط اعتراضنا هي أن من يدعي أنه حامي حمى الديمقراطية والحرية في العالم هو نفسه من يمارس أسوأ أنواع القمع والاضطهاد والقتل والإجرام.
لا زلت أتذكر جيداً التفسير الأمريكي لمعنى الدميقراطية: "قل ما تريد .. نفعل ما نشاء". والله من وراء القصد.