قد يقلل البعض من شأن \" حرب المصطلحات \" التي يولي الغرب لها اهتماما كبيرا بالأخص في إعلامهم ومقالاتهم الصحفية وعناية قياداتهم السياسية والحزبية الفائقة في انتقاء الألفاظ التي هي قوالب للمعاني في محاولة لطمس معالم تاريخية وجغرافية وإحلال وقائع استعمارية خلقها الاحتلال في مختلف المناطق التي تعرضت للنهب والاستيلاء ، فأصبحت تلك المصطلحات بضائع مسمومة فاسدة مغلفة بزيف الألفاظ التي تبدو للعيان مسالمة طبيعية ومجرد كلمة ليس أكثر ، والأمثلة على ذلك عديدة لكن لنقف مع محرك البحث الالكتروني جوجل وخدمة الترجمة التي تعتبر إحدى مزاياه العديدة التي استقطبت روّاد الانترنت وبالأخص طلبة البحث والدراسات فوفرت لهم معجم بلغات عديدة مع تقنية الاستماع للفظ الكلمة المترجمة ، فمثلا لو وضعت مصطلح \" حائط البراق \" تظهر نتيجة الترجمة للإنجليزية \" wailing wall \" أي \" حائط المبكى \" ، فهل استعان جوجل بالمعاجم الصهيونية المحترفة بسرقة المكان والزمان وامتهان الإنسان لتوفير قاعدة الكترونية عالمية لمعاني الكلمات ومدلولاتها ، وهذا المدلول خطير يلغي من تاريخ المسلمين شاهد أساسي على حادثة الإسراء والمعراج وينسب للمسلمين تهمة سرقة تاريخ غيرهم وزيف المعتقدات الإسلامية ، ويثبت للصهاينة حقيقة دعواهم بأن المسجد الأقصى المبارك ليس سوى \" المعبد الثالث لليهود \" ، وهذا ما يتضارب مع تاريخ المكان فإن اسم\" البراق \" أُطلق على السور الذي رُبطت به دابة المصطفى عليه أتمّ التسليم ليلة الإسراء والمعراج ويقع بين باب المغاربة جنوبا والمدرسة التنكزية شمالا ، يبلغ طوله 156قدما وارتفاعه 56 قدما وسمكه ما يزيد عن متر ، وهو مبني من حجارة كبيرة ضخمة يبلغ طول بعضها 16قدماً ، ويثبت المؤرخون بأنه الجدار الذي كان قائما في زمن الإسراء . وفي أقصى الطرف الجنوبي من هذا الحائط يوجد الباب الذي دخل منه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى بعد أن ربط البراق ، وذاك ثابت في صحيح الحديث فقال عليه الصلاة والسلام : \" لما انتهيت إلى بيت المقدس قال جبريل بإصبعه فخرق بها الحجر وشد به البراق \"رواه الترمذي قال الألباني صحيح الإسناد .وعن أنس بن مالك أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال : \" أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس قال : فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء \"صحيح مسلم ، وسمي ذلك الباب باسم \" باب النبي \" والذي صار يسمى فيما بعد باسم باب المغاربة نسبة إلى المنطقة الواقعة هناك والتي أوقفها الفاتح صلاح الدين الأيوبي رحمه الله على من كانوا من جنوده من أهل المغرب العربي ومن كانوا يأتون من تلك البلاد لمجاورة المسجد الأقصى المبارك بغية العبادة فيه ، وبما سبق يكون جوجل قد اغتصب علانية تسمية حائط البراق متوافقا مع نزعة الاحتلال الصهيوني في عام 1967 عندما سقط حائط البراق صريع أنياب جيش الاحتلال فاقتحموه ورفعوا عليه العلم الإسرائيلي ثم نفخ حاخام الجيش الإسرائيلي \" شلومو بن جوريون \" آنذاك بالبوق وخاطب جنوده قائلا : \" أخاطبكم من أمام \" حائط المبكى \" آخر أثر لمعبدنا الذي طالما تقنا إليه كثيرا\" ، والغريب يا جوجل أنّ حتى القاموس العبري العربي الصادر عن ما يُسمّى \" وزارة الدفاع \" لم يشر إلى كلمة حائط المبكى إنما إلى \" كوتيل هدموعوت \" أي حائط الدموع ، وفي مصطلحات القانون الدولي هو حائط البراق كما ثبت في تقرير لجنة \" شو \" عام 1930 في الكتاب الأبيض لعصبة الأمم المتحدة بالنص التالي :\" للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي, ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف, التي هي من أملاك الوقف, وللمسلمين أيضا تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة لكونها حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير\". وتضمن القرار نقاطا أهمها منع اليهود من جلب المقاعد والسجاجيد والحصر والستائر والحواجز والخيام, وعدم السماح لهم بنفخ البوق قرب الحائط الشريف ، فلا أدري هل استعان جوجل بمصطلحات النكسة التي فرضها الاحتلال أم بمقترحات التسوية لعام 2010 التي عرضتها ما تُسمّى \" بالسلطة الفلسطينية \" بالموافقة على التنازل عن حائط البراق والاعتراف بملكيته للصهاينة عبر المبعوث الأمريكي جورج متشل ، يتضح أنّ تزوير المصطلحات عبر مستخرجات ترجمة جوجل ليس محض صدفة ولا خطأ بريء بل وسيلة مبتكرة لنقل الأفكار وتوجيه العقل إلى معنى يرسخ فيه لخدمة أهداف معينة ، ولو كان هذا الخطأ في المعنى الاصطلاحي لقوم غيرنا ويمس عقيدة شعوب غيرنا لضاجت الآفاق وعلت المطالبات بضرورة تغيير المعنى و التقدم باعتذار رسمي منشور من مسؤولي جوجل لمسلمي العالم ، أم علينا الانتظار حتى يترجم جوجل المدينة المنورة ب :
\" khaibar city \"