زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا يشعر وزير المالية الأردني الدكتور أمية طوقان بالحرج من توقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل، رغم ذلك تصر عضو البرلمان هند الفايز على أن الاعتماد على الغـــــاز الإسرائــــيلي أقرب إلى «احتـــلال»، فيما يصوّت البـــرلمان ضـــد اتفاقية لاستيراد الغاز من إسرائيل لصالح شركة الكهرباء الأردنية.
توصية مجلس النواب الأردني بالخصوص «غير ملزمة» قانونيا للحكومة لأن استيراد الغاز مثله مثل استيراد إطارات السيارات حسب أحد النواب، لا يحتاج لإذن أو موافقة البرلمان وإن كان ينطوي على موقف عام سياسيا يغازل تيارات الشارع.
الاختبار الأبرز لجس نبض البرلمان مرّ واتفاقية الغاز الذي أطلق عليه الوزير طوقان «غاز البحر المتوسط» ستوقع في أغلب الأحيان وستصدر بعض ردود الأفعال والبيانات، وسيمضي الأمر دون إعاقة المشروع وسيتهدد القرار السياسي والوطني المستقل كما يرجح رئيس مجلس الأعيان الأسبق طاهر المصري.
النشاط النسائي تحديدا بدا لافتا في الاتجاه المعاكس والوزيرة السابقة مها الخطيب شوهدت على شرفة البرلمان تحذر من الغاز الإسرائيلي، سيدة أخرى تقود الحركة النسائية ضد الغاز الإسرائيلي كناشطة مدنية أردنية. على نحو أو آخر يعتقد بأن الحالة السياسية الأردنية قبل الغاز الإسرائيلي لن تبقى بعده، فالوزير طوقان الذي نادرا ما يحجم عن الظهور إعلاميا ظهر ليدافع عن القرار في الوقت الذي تتوقع فيه جميع الأوساط مغادرته – أي طوقان – لموقعه في أقرب تعديل أو تغيير وزاري. هنا لا يزال الاستعداد حاضرا لمسيرات في الشارع ومنتديات نقابية ولجان حراكية تنشط قليلا تحت عنوان الغاز الإسرائيلي، وهو أمر يمكن المجازفة به ما دام لم يتحول إلى قضية للرأي العام. رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور تصرف كـ«رجل دولة» ودافع بحماس عن القرار باعتباره لحكومته ويخلو من التأثير العابر للحكومة وسط انطباع بعض أعضاء البرلمان بأن حكومة النسور «استنفدت» مسوغات استمرارها ولا بد من اقتراب لحظة رحيلها.
إصرار رئيس الوزراء على عدم إجراء تعديل وزاري أو عدم السماح له بالتعديل الوزاري يساهم في نمو التكهنات السياسية حول قرب ولادة آلية للتغيير الوزاري، والانطباع يتزايد بأن الحكومة المطلوب منها توقيع اتفاقية الغاز كطلقة أخيرة في جعبتها ثم المغادرة، على الأقل هذا هو الشعور حيال وزير المالية الحالي.
مراقبون خبراء شعروا بـ»مناكفة» الحكومة من أداء وملاحظات رئيس مجلس النواب عاطف طراونة.
والتقييم العام يؤشر على ان الحكومة بدأت تتحايل في اللغة والخطاب على الوقائع وتكثر من التبريرات لقرارات صعبة شعبيا وتتجه بين الحين والآخر للإيحاء بأن «جهات خارجها» تتدخل بقراراتها أو انها «مغلوبة» على أمرها، خصوصا وأن الوزير طوقان وهو يبرر اتفاقية الغاز يرفع شعار «كادت الخزينة تفلس» بسبب أزمة الطاقة. حتى في دائرة النخبة السياسية لا يرصد حماس للدفاع عن سيناريو «الغاز الإسرائيلي»، وأغلبية رجال الحكم والإدارة تميل للصمت حتى تتحمل حكومة النسور مسؤولية القرار منفردة.
ولا أحد يظهر حرصا على مساندة حكومة النسور التي تجاوزت عامين من الحكم، ويعتقد كثيرون أنها «هرمت» قليلا بعدما اتخذت سلسلة طويلة من القرارات «غير الشعبية» مما يمهد الطريق للتفكير ولو مرحليا بسيناريو وزارة جديدة أو على الأقل تعديل وزاري لم يولد بعد.
حتى وزراء النسور الكبار خلافا للوزير طوقان ولزميله المختص بشؤون السياسة والبرلمان خالد الكلالدة لم يشاهدهم الرأي العام في إطار الشاشة التي تدافع عن قرار الغاز، بالرغم من الشعور العام بأن الاتجاه نحو صفقة الغاز يعبث في شكل ومستقبل العلاقة الأردنية – الإسرائيلية، ويجعل تل أبيب أكثر طرف مؤثر في عمق معادلة القرار الأردنية.
القدس العربي