من المنتظر أن تخرج لجنة التسهيلات التي شكلتها الحكومة الحالية برئاسة فارس شرف مطلع الأسبوع المقبل بتوصياتها لوضع تصور حول الكيفية العملية التي ستتم بها معالجة الوضع الاقتصادي الراهن.
وقبل الحديث عن توصيات اللجنة وأفكارها المطروحة حاليا، ثمة مسألة يجب الانتباه لها والتحذير من اللجوء إليها، وهي استخدام أموال الضمان الاجتماعي من أجل إنقاذ عدد من الشركات المتعثرة في قطاعات اقتصادية مثل العقار والصناعة.
فأموال الضمان كما قال رئيس الوحدة الاستثمارية فارس شرف في وقت سابق "خط أحمر"، ولا يجوز التعدي عليها واستخدامها إلا لمصلحة الأردنيين وليس لمصلحة شركات بعينها.
إذن التحذير واجب لأعضاء اللجنة بأن لا يعبثوا بأموال الضمان، وأن ينأوا بأنفسهم عن التفكير فيها كسبيل لحل المشكلة، بخاصة في هذه المرحلة الحرجة، وأن لا يعالجوا مشكلة تشدد البنوك في منح التسهيلات بالبحث عن حلول سهلة وفي متناول اليد، وهي دفع الوحدة الاستثمارية في الضمان الاجتماعي للدخول في بعض هذه الاستثمارات التي عانت من مشكلة نقص التمويل.
الوحدة عملت طوال العام الذي تلا الأزمة المالية العالمية بحرفية عالية، ومكنت الضمان من شراء عقارات وأراض بأسعار مغرية جدا وتحققت القيمة المضافة للضمان من ناحية الاحتفاظ بنسبة سيولة مناسبة تبقي لها حرية التحرك باتجاه الاستثمار الذي تجد فيه فرصة مناسبة من ناحية أخرى.
لا شك أن الحمل الذي تتحمله اللجنة كبير وثقيل، ولا أبالغ إن قلت إن الاقتصاد وضع برقبتها، وكل التوصيات التي ستصدر عنها ستحدد التوجهات العريضة في المستقبل، في حال تم تطبيقها والأخذ بها.
والعقل يقول إن على اللجنة وضع توصيات تناسب المرحلة بكل تجلياتها الصعبة، وأن لا تتسرع باتخاذ قرارها بسرعة نتيجة الضغوط التي تتعرض لها.
فليس بالأمر الجديد أن تخضع هذه المؤسسة للضغط من أجل الاستثمار هنا أو هناك، وحماية أموال الناس مسؤولية الحكومة تماما كما هي مسؤولية الضمان.
وعلى السلطة التنفيذية أن تمنع أي ضغط يتعرض له الضمان، وان تحول دون أي تدخل في استثمار أمواله سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وعلى الحكومة أن تكون عونا للضمان في مواجهة الضغط، بحيث تضمن استقلالية قرارها الاستثماري الذي يخضع لحسابات الربح والخسارة وليس أي حسابات أخرى.
إذن لا مشكلة في استغلال عقلية فارس شرف الاستثمارية الفذة من اجل وضع أفكار قابلة للتنفيذ، ولا ضرر من الاستفادة من خبراته في مجال الاستثمار والسياسة النقدية، ولكن الخطأ الكبير يكمن في استغلال أموال الضمان واستخدامها لإنقاذ شركات طالما اتبع أصحابها ممارسات غير شفافة وجانبوا الصواب في قراراتهم الاستثمارية.
مرة أخرى، أموال الضمان "خط احمر" ولا يجوز اللجوء إليها كيفما اتفق، ونتائج استثمارها ستحلق بمديرها عبر التاريخ، فإن نجح استحق الثناء وإن فشل لا قدر الله فستذكره الأجيال القادمة وسيحفر في الذاكرة باعتباره من فرط بأموالهم وأضاع "تحويشة" عمرهم.