وقفت تنتظر, رفعت رأسها للريح وأعلنت للغروب طاعتها, اخذ الريح يلاعب شعرها المنسدل على أكتافها , عيناها البحر يبحر فيهما الماضي والحاضر , وهي تجلس على شاطئ الأمل , تمعن النظر فوق قمم الجبال لعل الماضي يعود بااحباب قد غادروا الأرض , ليناموا تحتها برغم كل الدموع , والذكريات, وانين الجياع , لكنها رسمت على الرمل صورة فارس قد ترجل يحمل سيف , وأحصنه خلفه أعلنت الحداد , ترفع الراية يعلوها خيال الفارس وبقايا قطع حربيه استهلكت ولكنها تركن هناك في زوايا الممر حيث مرقد الأحرار , كتب عليها كل شيء, قصائد تنادي , تبحث عن اثر يلملم الأشياء التي احترقت قيل أنها لن تعود……..
وقفت وهي تنظر صوب الغرب سنوات , لعل الليل يعود ومعه أحباب الله , كانت تغزل نسائم الحب عبر أثير الماضي , في بيت لا يقيها حرا ولا شتاء , يدخله الهواء والمطر ,
نادت با أعلى صوتها على سراب رجل قادما إليها عبر الطرقات , خلفه زوبعة إقدامه , وكوفيه سوداء احتزمها على خصره , ومجموعة من الطيور ترافق موكبه كلما عبر واد, تصدر أصوات , حزن وخوف , رعب وزلزله , وصدى صوت قائد نزف دمه على الثرى يعلن العودة .
كل مساء يصدع الليل موسيقاه , وتنام الطيور , ليزورها خيال الرجل في الصباح .
هناك على الضفاف يرقد كل حر , وينام كل طفل غادر حدائق النار , وقبورهم دلاله لحرمة المكان , هنا قطعوا النهر , وأشعلوا النار شربوا السراب , بكتهم الأمهات , حتى جفت الدموع من مكامنها , ومع هذا لازالت ترفع الرايات ترفرف فوق الأفق , تعانق السحاب , ترسم صور للثوار , تحفر القبور لتنام الجثث في حضرة المكان ,تفتح دفاتر الزمان وترفع الحضر عن قصة المرآة التي نادت المعتصم من خلف الجبل , وراحت تنادي وتنادي حتى غلبها النعاس , وراحت البلابل تردد اللحن لكن دونما منادي .
حزمت الحطب , وأعلنت لحن الرجوع , وأدارت ظهرها للريح والمطر , واغتسلت من عقدة الذنب أنها فكرت في القوم رجال . حتى رجعت تبحث عن ملفات الموتى والشهداء , تقلب الصفحات يفوح العطر من ثناياها, مكتوب عليها هؤلاء الإحياء الى ربهم يرزقون؟؟؟؟؟؟؟