حين قرأتُ الخبر المنشور المتعلق بموضوع تعين دولة الرئيس لمدير مكتب والده سابقا أميناً عاما لرئاسة الوزراء خلفا لمن أقاله , مررتُ على هذا الخبر مرور الكرام , ولكن ما جعلني أرجعُ إليه وأقرائهُ في معظم المواقع مرات ومرات , هو عدد من الإتصالات الهاتفية والإيميلات التي تلقيتها , تسخر من هذا القرار , وتشير بهمز ولمز الى فحواه , ومعظهم إن لم يكن أغلبهم سألوني نفس السؤال : ماذا ستكتب في هذا الموضوع ؟؟؟؟ , ما عنوان مقالتك القادمة ومتى ستنشرها ؟؟؟, لا أعلم ما الذي جعلني أردُ بضحكة صفراوية عليهم , مكتفيا بكلمتين : خلينا إنشوف شو القصة , لذلك عدتُ الى الخبر وأجريت بعض الاتصالات , ولم أجد أي دافع أو مدخل أدخل على الرجل منه , وهل يستحق الخبر بحد ذاته مقالة أو هجوما إنتقاديا ؟؟؟؟.
بالطبع لا , لا يستحق الموضوع أي إشارة أو تلميحات , موضوع سهل وبسيط , رئيس الوزراء يعين أميناً عاماً لرئاسة الوزراء , وبغض النظر اين كان يعمل سابقا , عند ابيه , أو عند جيرانه , المهم براي الشخصي المتواضع , هو هل تنطبق عليه قوانين التعين الجديد أم لا ؟؟؟ , هل هنالك مخالفة دستورية ؟؟؟, هل هنالك من ظُلم بهذا التعين وكيف ظُلم ؟؟؟, ولانني لم أجد أياً من الدوافع التي تجعلني أُعلن الهجوم عليه مما سبق أعلاه , فالحكمُ الوحيد على قرار دولة الرئيس هو نتائج أعمال الامين العام الجديد لرئاسة الوزراء , ومُخرجاته , و السياسات التي يتبعها , هي فقط ما نحكم به على دولة الرئيس أولا , وعلى الامين العام ثانيا , فإذا نجح في عمله , وأجاد , بارك الله فيه , وصفقنا له بصمت , وغير ذلك إنتقدناه بحدود تقصيره أو إهماله , وعلى المطلق بحدود فشله وعدم نجاحه.
أما ما يتعلق بكونه كان مديرا لمكتب والد دولة الرئيس , فهذا موضوع لا عليه غبار نزيله , لان الواقع يقول أن رئيس الوزراء حين يُكلف يقوم بإختيار فريق عمله الوزراي , الذي ينسجمُ معه , ويثقُ به , ويرتاحُ له , وبالتالي هو دولة الرئيس وحدهُ من يُحاسب على هذا الفريق الوزاري الجديد المُعين من قبله , طبعا هنالك شروط وهنالك حدود , لا يُظلم أحداً بتعين أحد , ولا يُزاح أحداً ليُضاف أحد , ولا يُستحدث حيزاً ليجلس فيه أحد , شروط على الأغلب يكفلها الدستور وقانون العمل الاردني , ولنا في محكمة العدل العليا من الأمثلة ما يُشرف ويرفع الرأس, لذلك نبارك للامين العام الجديد منصبه , وننتظر في قادم الأيام نتائجه , فهي الفيصل بيننا , وهي سلاحنا ومدخلنا الوحيد عليه.
سادتي الكرام ,
لا أنافق لدولة الرئيس , ولا أجامله , ولكن أيضا يجب ان لا نُكثر من موضوع الإستهزاء والإستخفاف بالإنتقاد , حتى لا يضيع جوهر النقد البناء , فهو دولة رئيس وزرائنا , له ما له , وعليه ما عليه , أما أن نجعل من الإنتقاد لغة عامية , نُدرجها في كل ما نكتب وما نسطر , فهذا ليس بعملنا , وليس بغايتنا , ولا الهدف الذي نسعى اليه وننشده , نحن مع الزملاء الصحفين ككتاب ومفكرين وأدباء , نشكل جبهة السلطة الرابعة , صاحبة الجلالة الصحافة بكل أنواعها وطبقاتها , ولأن حب الوطن مغروس فينا حتى النخاع , لا نقبلُ أن يُمس أي ركنٌ من أركان الدولة في هيبته , نعم هنالك أمور كثيرة ننتقدهم فيها , ونهاجمهم عليها, حتى اننا نجرحهم بها , ولكن الهدف ليس الإستهزاء وإنما التصويب , وإشعارهم يقيناً أن الرقابة الوطنية في ضمائرنا حاضرة .
نعم كنا قد حاولنا وما زلنا , وسبق أن تكلمنا وإنتقدنا , قد نختلفُ على الاسلوب و الطريقة , ولا بأس إن كنا قد أخطأنا , فلسنا من ذوي العمائم المعصومين , ولا ندعي الكمال في التفكير , ولأننا بشر نتواضع لله ليرفعنا , لا ضير في الإعتراف أننا قسونا أحيانا , وعُذرنا هو حب وطننا , وغايتُنا رفعة وطننا , وطننا كله , بأصله والفروع , نعم لا نعتذر حتى نُبقي للكتابة هيبتها , ولا نستجدي خطأً وقعنا به أن يُغفر لنا , لأن الخطأ وقع منا في عشق الاردن والخوف عليه , أما هم فإن سامحوا فهو من أخلاقهم , وإن لم يفعلوا , فليس لهم علينا طريق سوى كبتُ القهر في نفوسهم , لا ننتقص من وطنية أحداً في ظاهره , ولا ننزعُ عنهم صفة الولاء حتى وإن فعلوها بنا , هي أعمالهم وأفعالهم ما تجعلنا نحاسبهم , أما درجتنا فهي فوقهم دائما , لاننا نحن من كُلفوا لخدمتنا , والسهر على تحقيق مصالحنا.
مالكم ولسمير
نعم , هو عنوان مقالتي أعلاه , ليس على المطلق , ولا باباً قد أُشرع , وإنما هو كان ردي على من حاول إستفزاز قلمي في موضوع المقالة أعلاه , نعم مالكم ولسمير إن لم يُخطئ , ولا تُضيعوا جهودنا , وتعبنا على قضايا ثانوية ليست ذات قيمة ولا أصلا من أُصول الإنتقاد البناء , فلا تأخذوها علي مأخذاً فيما سيأتي من الزمان , فلكل حادث حديث , ولكل فعل ردة فعل , ونبقى بشراً , نجتهدُ , فإما الصواب لنا فيه ما لنا , وإما الخطأ عن غير عمد , ويبقى حبك يا وطني كله , بأصله وفروعه , هو مُحركنا , هو الدافع الذي يُقحمنا بلا خوف ولا خشية على رزق أو على روح , ولا نخشى في الحق إلا من أمرُنا عنده بين الكاف والنون.
حازم عواد المجالي