زاد الاردن الاخباري -
يبدو أن نية وزير التعليم العالي د. أمين محمود، في إعادة النظر بنظام القبول الموحد، وإدماج طلاب التعليم الدولي البريطاني والأميركي الدولي (IB, IG, SAT)، الذين يدرسون في مدارس أردنية، وهم بالآلاف في الإطار التنافسي مع طلاب التعليم الوطني، بدلاً من وجود “كوتا” صغيرة لهم؛ أحيا الأمل في نفوس الطلبة وذويهم الذين أنفقوا أموالا طائلة على تعليم أبنائهم.
تلك الفكرة التي ما تزال طور الإنضاج لترى النور، زرعت الأمل في نفوس الطلبة وذويهم، بإمكانية حصول هذه الفئة من الطلبة على أقل حقوقهم، وهي التنافس على مقاعد الجامعة بدون حصرهم في كوتا قليلة فحسب.
طموح العديد من الأسر الأردنية بتأمين مستوى تعليمي ومستقبل ثقافي لأبنائهم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وما تمر به البيئة التعليمية مؤخرا من تحديات كبيرة، جعل الكثير منهم يستنكرون “الكوتا”، معتبرينها ظلما بعد ترحيب الحكومة بنظام التعليم الدولي في الأردن والاعتراف فيه.
وبين مستهجنين من حصر طلبة التعليم الدولي بهذه النسبة القليلة، وآخرين يأملون العدول عن هذه الكوتا، يحرص الأربعيني مهند الحسن أحد أولياء الأمور على البحث عن نوعية تعليم مختلف رغم التكاليف المالية المرتفعة التي تترتب عليه، راجيا من خلال ذلك أن تحصل ابنته على تعليم متميز.
“العلم عندي مقدس ولا يهمني كم سيكلفني”، مشيرا إلى أن أكثر من 70 % من دخله ينفقه على تعليم بناته الثلاث.
ويلفت الحسن إلى أن المشكلة الحقيقية بالنسبة له تكمن في أنه ورغم المبالغ المالية الطائلة التي ينفقها على تعليم ابنته التي تخضع لنظام GCE للتعليم، وتطور التعليم والمستوى الثقافي العالي الذي تتمتع به ابنته التي تتقن لغات متعددة والتطور العلمي والثقافة العالية الحاصلة عليها، إلا أنها لا تأخذ حقها في التنافس مع غيرها من الطلبة في القبول الموحد للجامعات الأردنية.
“نسبة الكوتا القليلة التي وضعها القانون ليست منصفة”، معتبرها إجحافا في حق الطالب والأهالي الذين بذلوا قصارى جهدهم للحصول على نوعية تعليم مختلف ومتميز.
ويجد الحسن أن هذه الفئة من الطلبة تستحق من دولتها الاهتمام والرعاية والتمييز والأخذ بعين الاعتبار المستوى التعليمي والثقافي الذي يحظى به هؤلاء الطلبة، متسائلا “ما الذي قدمته الدولة لهؤلاء الطلبة؟”، متابعا أن إهمال هذه النوعية من الطلبة يدفعهم للبحث عن الفرصة خارج البلاد.
“مناهج صعبة، تعليم متقدم وكلف مرتفعة”، كلها أسباب كفيلة بأن تجعل هؤلاء الطلبة تحت المجهر وتعطيهم الاهتمام الكافي ليصبحوا نموذجا لهذا البلد، يقول الحسن، مستشهدا بتأكيد جلالة الملكة رانيا العبدالله الاهتمام بنوعية التعليم.
ويردف أن على الدولة أن تستقطب هؤلاء الطلبة المتميزين وأن يحظوا بفرصة للتعليم، واثقا بأن أصحاب القرار لابد من أن ينصفوا هؤلاء الطلبة وذويهم، لافتا إلى أن مجرد التفكير في الكوتا يسبب له الإحباط الكبير، مؤكدا أن البلد بحاجة الى نوعية مميزة من الطلبة لتقودها وتنهض بها وعلى الدولة أن تمنح هؤلاء الطلبة فرصتهم لأنهم سيكونون يوما ما قادتها.
وبدورها، تلفت الأربعينية تهاني التي يتعلم أبناؤها في إحدى المدارس الدولية إلى أن الاستثمار الحقيقي لها ولزوجها هو تعليمهم تعليما متميزا يرقون به في حياتهم وإن كلفهم الأمر مبالغ كبيرة.
وتتابع “التعليم المتميز هو رأسمالنا في هذه الحياة”، فهو الثروة التي ادخرتها لأبنائها، مؤمنة أنهم ومن خلاله سيصلون إلى أعلى المراكز وسيكونون يوما ما أصحاب شأن في هذا البلد.
تقول “إعطاء طلبة التعليم الدولي نسبة كوتا صغيرة في التعليم الجامعي أمر غير منصف”، بل ومجحف في حق أولياء الأمور الذين قطعوا عن أنفسهم ليدخروا المال لتعليم أبنائهم هذا التعليم، في حين تبخل عليهم الدولة في منحهم مقاعد كافية في الجامعة.
وتفكر تهاني جديا في ابتعاث أبنائها لإكمال دراستهم الجامعية خارج البلاد، إيمانا منها أن الطلاب الأردنيين الذين يتخرجون من الجامعات الأجنبية المعروفة يحظون بمناصب مهمة داخل البلد.
الخمسينية غدير محمد لها ثلاثة أبناء يدرسون نظام التعليم IB، تبدي هي الأخرى استياءها الشديد من نسبة التنافس التي منحتها الدولة لطلبة التعليم الدولي، معبرة عن غضبها بقولها “هل هذا هو الدعم الذي يستحقه أبناؤنا؟!”.
كما بينت مديرة إحدى المدارس التي تقدم برنامج التعليم الدولي، أن هذا النوع من التعليم يرتقي بالمستوى التعليمي من خلال تشجيع الطلبة على الالتحاق بالبرامج الأجنبية كمصدر من مصادر المعرفة التي تتيح للطلاب الاطلاع على الثقافات العالمية ومواكبتها والتنويع في مصادر التعلم من أجل مخرجات متميزة قادرة على المنافسة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن جهتها، تؤكد المديرة العامة لمدرستي الأهلية للبنات والمطران للبنين العين هيفاء نجار، أن التوجه برفع نسبة الكوتا ستكون له نتائج مهمة وإيجابية على نوعية الطلاب في الجامعات الحكومية؛ إذ إنّ حرمان طلاب هذا التعليم الدولي من التنافس في الجامعات الحكومية، يعد ظلماً كبيراً لهم ولعائلاتهم، التي دفعت أموالاً طائلة لتقديم نوعية متميزة من التعليم المتقدم المنفتح.
وتبين أنه ورغم اعتزاز الأردن بمنهاجها الوطني، إلا أنه من أوائل الدول التي تعاملت مع البرامج الدولية واعترفت بها؛ حيث وقعت اتفاقيات الاعتماد اللازمة لها (المعادلة)، معتبرة هذه الخطوة اعترافا من الأردن لضرورة الانفتاح على الآخر وقبوله، وهو يشكل حراكاً وتفاعلاً ومشاركة لما يجري من تطوير للبرامج الأكاديمية في العالم، كما أنه يؤكد قوة الأردن وثقته وإيمانه ببرنامجه الوطني وتطبيقه على أرض الواقع.
وحول البرامج الأجنبية المعتمدة في الأردن؛ فتتمثل، وفق النجار، في برنامج البكالوريا الدولية IB، وهو برنامج متكامل، يوفر قاعدة معرفية واسعة في كل من العلوم البحتة والعلوم الإنسانية، إضافة إلى أنه ينمي الروح الإبداعية لدى الطلبة، ويطوّر قدرتهم على القيام بالخدمة العامة، ويدرس في مرحلة التعليم الثانوي للصفين الحادي عشر والثاني عشر.
أما برنامج الشهادة البريطانية IG فهو نظام تعليمي بريطاني معتمد من جامعتي كامبريدج ولندن ويطبق في مدارس بريطانيا وفي مدارس عدة في الكثير من الدول في قارات العالم المختلفة، يمكن للطالبة، كما تقول النجار، أن تنتظم في دراسة المنهاج البريطاني في الفرعين العلمي أو الأدبي وتختار المواد الدراسية في الفرعين وفقاً لشروط محددة تتناسب مع معايير القبول في الجامعات.
وتنوه النجار إلى تمكين الوزارة للطلبة الأردنيين الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية الأجنبية مثل شهادة GCE البريطانية أو شهادة البكالوريا الدولية أو شهادة SAT التقدم بطلب التحاق في الجامعات الأردنية شريطة الحصول على معادلة لهذه الشهادة من وزارة التربية والتعليم الأردنية، وبعد الحصول على معادلة الشهادة وبناء على المعدل وفرع الثانوية العامة المحددين في هذه المعادلة يمكن للطالب تحديد التخصصات التي يحق له تقديم طلب الالتحاق بها.
وتلفت النجار إلى ضرورة توفير مقاعد إضافية لطلبة البرامج الدولية المختلفة بنسبة تعادل أعدادهم ودور مدارسهم التاريخي في خدمة الأردن، مؤكدة حق هؤلاء الطلبة بالحصول على فرصتهم وتقدير الدولة لهم.
وتوضح بدورها أن للبرنامج الوطني (الثانوية العامة الأردنية) تاريخاً زاخراً من الإنجاز، تخرّج منه مئات الآلاف من أبناء الأردن وبناته وشقوا طريقهم بإرادة قوية وعزم كبير، ولكن هناك “ضرورة لتطوير النظام التربوي الأردني بمدخلاته وعملياته ومخرجاته كافة وبما يتلاءم وتطورات العصر وحاجات التنمية بشموليتها في الأردن”.
الغد