للأهمية القصوى ومن باب اعرف عدوك , اقدم مقالتي هذه للاخوة القراء الكرام حول موضوع (الأردن ) في فكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو, وذلك بعد أن قرأت المقالة المهمة للكاتب السعودي سعد الحامدي الثقفي والمنشورة في العديد من المواقع اللاكترونيه وهي بعنوان (قراءة في كتاب بنيامين نتنياهو - مكان تحت الشمس) ,
حيث يقول الكاتب السعودي انه قد قرأ هذا الكتاب ( الذي قام بترجمته للعربية الأستاذ محمد عودة الدويري) متأخرا بعد سنوات ست من صدوره , ويكتب عنه الآن نظراً لأهمية الكتاب, الذي يوضح شخصية نتنياهو بجلاء، وكذلك العقلية الصهيونية التي حكمت ولا تزال تحكم الأراضي الفلسطينية العربية بقوة الحديد والنار شأنها في ذلك شأن أي مستعمر يريد أن يبقي نفسه أطول مدة ممكنة في البلاد التي استعمرها.
ويورد الكاتب السعودي ما قاله نتياهو عن أسباب تأليفه لهذا الكتاب, هي (.. تفنيد الفرضيات الخاصة بالنزاع العربي الإسرائيلي، وطرق تسويته كما تعرضها الدعاية العربية، فهو يحدد عرض النظرية الصحيحة على حد زعمه، وحق الحركة الصهيونية وتعرية كذب الادعاءات العربية المضادة ، وعرض النظرية السياسية والأمنية لضمان بقاء دولة إسرائيل وتحقيق السلام مع جيرانها العرب ).... (هذا كله ورد في مقدمة الطبعة العبرية للقارئ الإسرائيلي الذي يدعوه إلى ....ثورة قومية كبرى.... تنهي القرن العشرين الذي وصفه ....قرن الكارثة.... وتخرجه إلى بوابة ....قرن استئناف الحياة اليهودية.... ويشدد على ...تنمية وعينا الوطني....في مواجهة ماذا؟ .....الذي يحدد مصير صراعنا مع العالم العربي، وهو الذي سيضمن مستقبل الآمة في عهد السلام أيضا).
ما يهمنا في هذه القراءة هو الجزء الذي يتعلق بموقف نتنياهو من ( الأردن ) فمواقفه تجاه فلسطين معروفه ......حيث يقول الأستاذ سعد الثقفي (في البدء يدخل نتنياهو للقارئ من مدخل رأس الأمر لديه وهو الحركة الصهيونية كيف نشأت؟ وما مدلولها في مغالطات متعددة؟ويورد نتنياهو في المقدمة التاريخية ما قبل مؤتمر فرساي .....التعهد لليهود بإقامة دولة في فلسطين، وشمل الوطن القومي آنذاك ضفتي نهر الأردن.....ومعروف أن مؤتمر فرساني عقد في كانون الثاني 1919م ، والصهيونية بدأت منذ مؤتمر بال بسويسرا 1897م ),(....وفي الفصل الأول من الكتاب في حديثة عن الصهيونية يبدأ من العهد القديم مستعرضاً البدايات حتى يصل إلى العهود الحديثة معتمداً على سرد تاريخي يصور اليهود وكأنهم شعب مضطهد، وقبل أن يغلق هذا الفصل يتعرض لمسألة الحلول التي عولجت بها المسألة اليهودية , مدخلاً مصطلحين هما \"الصهيونية المسيحية\" و \"الصهيونية اليهودية\" حيث يعتبر أن الدمج بينهما هو الحل الأمثل لهذه المسألة ......ويزج بالأسماء التالية: البريطاني توماس شو \"عالم آثار\" والشاعر الفرنسي \"دي لا مارتين\" والرحالة الأمريكي \"مارك توين\" حيث يوظف أقوالهم في إنكار وجود اسم (فلسطين) تماماً,ويستعرض قبل ذلك لكي يصل إلى هذه النتيجة بعض ما قام به العرب من إثبات أحقيتهم في فلسطين مثل ....الاستيطان المسلح.....على حد زعمه ، فهو يريد أن يقول علماء العالم اثبتوا عدم وجود اسم فلسطين والعرب يريدون إثبات ذلك بالاستيطان المسلح هكذا يصور المسألة التأرخية في حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي) , وفي (الفصل الثاني يتحدث نتنياهو عن اضمحلال الصهيونية المسيحية، فهو يورد ذلك بسبب جهد ....المستعربين أي الذين يخدمون العرب في الأوساط العلمية التي تصنع الفرار وتؤثر فيه.... أن بريطانيا أخذت ....شرق الأردن.... من منطقة الوطن القومي اليهودي عام 1922م, هذا الموقف من وجهة نظر نتنياهو يمثل مواقف عدائية للصهيونية المسيحية وهو مصطلح يقصد به الصهيونية التي يدعمها ويعضدها المسيحيون إبان فترة قيامها، من قبل بعض الساسة الأوربيين والأمريكان. وبريطانيا التي وعدت بإقامة وطن لليهود في فلسطين ومن ثم قيام إسرائيل عام 1948م لم تسلم من ادعاءات نتنياهو بأنها عادت الصهيونية المسيحية وخذلتها حين وافقت على قيام.... (الأردن )......على جزء من الوطن اليهودي على حد زعم بنيامين نتنياهو), (ونتنياهو يؤكد أن هذه المواقف العدائية للصهيونية ما كانت لتتم لولا جهود (المستعربين)، فهم الذين توجت جهودهم باستصدار قرار رقم (3379) من قبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذي وصم الصهيونية بالعنصرية......ويأخذ نتنياهو على الساسة البريطانيين عندما ادعى بأنهم يرون أن تفضيل الصهيونية سيلحق الظلم بالعرب).
.ويقول الكاتب سعد الثقفي أيضا , أن (إسرائيل قد وجدت الدعم الكامل من قبل أمريكا كحليف طبيعي، حين ورث الأمريكيون النفوذ الاستراتيجي للتاج البريطاني في العالم، والدور البريطاني قد حجم ولم يعد كالسابق وربما رأى الساسة الإنجليز أن المواقف المعتدلة الآن هي الأجدى، هذا لم يعجب نتنياهو الذي يقدح في المواقف البريطانية على اعتبار أن بريطانيا لم تقدم لليهود شيئاً يذكر , بعد مؤازرتها لهم في قيام إسرائيل والدفاع عنها \"اشتركت بريطانيا في العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م\" وغيرها من المواقف المساندة) ,(وهنا يبرز نتنياهو اليهودي حيث يتنكر لمن أسدى إليه معروفاً! فبعد أربعين سنة على قيام إسرائيل وزوال النفوذ البريطاني وجد أحد الساسة اليهود الفرصة سانحة للنيل من بريطانيا، ومن جهة أخرى يعتبر نتنياهو أن (الأردن )جزء من فلسطين .....شرق الوطن القومي اليهودي.... فهو يحلم باسترداد هذا الجزء من جهة، ووقع معه معاهدة سلام من جهة أخرى ! تناقض عجيب بين ما يزعمه اليهود وما يحلمون به وبين ما عقدوه من اتفاقيات مع العرب,ويقرن نتنياهو بين كل هذا من ناحية، وبين ما يطالب به العالم إسرائيل من ناحية أخرى، فهو يصور العالم وكأنه واقف ضد إسرائيل، حتى تلك الدول المعروفة بانحيازها التام ومواقفها المعلنة مع إسرائيل؟؟, وهو يصور الحكومة الإسرائيلية بالعاقلة والمتزنة والتي لن تقبل الضيم لدولة إسرائيل ولا لشعب إسرائيل، لماذا العالم يصف إسرائيل بالمعتدية وهي التي تدافع عن نفسها كما هو حق مشروع لأي دولة في العالم؟كيف يقنع نتنياهو العالم بهذه الأفكار والولايات المتحدة تدعم إسرائيل على كافة الأصعدة وتعتبرها الحليف الطبيعي لها في الشرق الأوسط؟كل هذه العوامل تكشف ادعاءات نتنياهو في هذا الفصل من كتابه تجاه الصهيونية المسيحية حيث يحتم زوالها ونهايتها، وانه ليس لها أي قيمة في الصراع العربي الإسرائيلي حالياً)...................
(في الفصل الرابع من الكتاب ومنذ البدء يصل نتنياهو إلى حقيقة مفادها: أن معظم سكان الأردن هم من الفلسطينيين، فيجدر بهم إقامة وطن لهم هناك لا على ارض فلسطين (مطالبة العرب والفلسطينيين بتقرير المصير، مطالبة كاذبة، فسكان( الأردن) جميعهم من عرب فلسطين ويشكل الأردنيون من اصل فلسطيني \"من غرب النهر يقصد نهر الأردن\" أغلبية مطلقة من السكان الأردنيين، وحقيقة أن قسماً من عرب فلسطين قد هاجروا عام 1948م إلى جزء آخر من فلسطين لا تسمح لأي كان بالقول أن العرب الفلسطينيين ليست لهم دولة خاصة بهم وسلبوا حق تقرير المصير),ويذهب بنيامين نتنياهو في هذا الفصل إلى ابعد من ذلك حين يتحدث عن أهمية الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967م فهو يرى أهمية تلك الأراضي بالنسبة لأمن إسرائيل، ويبرر مسألة اقتطاع هذه الأراضي، حيث يورد أمثلة من مناطق في العالم تم اقتطاعها لصالح دول معينة في ظروف معينة,والمتأمل لهذا الكلام يدرك مدى تناقض أقوال نتنياهو في هذا الفصل، فالأرض اقتطعت لحماية إسرائيل، والمكان الطبيعي لبناء موطن للفلسطينيين هو الأردن لا فلسطين! ويبرر اقتطاع الأراضي العربية وتشريد مواطنيها تبريراً وقحاً للغاية فمثل هذا الاقتطاعات قد حدثت في العالم، فلماذا يستغرب البعض اقتطاع إسرائيل لأراض عربية كما حدث في نكسة 1967م وهو أمر محمود قد حدث والتاريخ يحتفظ بوقائع مماثلة؟؟ ).
هذا ما استطعت أن أستلخصه من دراسة الأستاذ سعد الثقفي في كتاب نتنياهو (مكان تحت الشمس) حول ما ورد فيه من أفكار حول (الأردن ) , فهذا هو نتنياهو الذي جاء مؤخرا يعرض( سلامه )المزعوم على الفلسطينيين والعرب وهذه هي أفكاره اليمينية الحقيقية المتطرفة التي أوصلته إلى رئاسة الوزارة الإسرائيلية بتأييد شعبي إسرائيلي كاسح ,وهذا هو نتنياهو الذي يرفض قبول مبدأ (الأرض مقابل السلام) وعلى العرب الاعتراف بإسرائيل وبالوضع القائم في المنطقة, ويقول أيضا (إن السلام بين إسرائيل وجاراتها، هو سلام ردع، وإن احتمال تحقيقه يعتمد بصورة مباشرة على قدرة إسرائيل على الردع, فكلما بدت إسرائيل أقوى، أبدى العرب موافقتهم على إبرام السلام معها )( لا أمن باستثناء الأمن الذي يعتمد على ردع المعتدي، وهذا هو السلام الوحيد الممكن تحقيقه حاليًا بين إسرائيل والعرب، سلام مسلح وحذر، يوفر لإسرائيل درجة كافية من القوة القادرة على ردع الجانب العربي عن استئناف الحرب)
فهذه إذن بعض أفكار نتنياهو في فرض الأمر الواقع على العرب باستخدام القوه وضمان التفوق العسكري وهذا هو صلب الحقيقة , التي يسير عليها المشروع الصهيوني الاستيطاني في منطقتنا والذي أنشئت بموجبه إسرائيل وأصبحت دولة صهيونية رغم أنوفنا , والآن يريدون لفلسطين كلها أن تكون دولة خالصة لليهود فقط وهذا يعني طرد جميع السكان العرب منها... فماذا نحن فاعلون ؟؟؟؟؟؟..................
طلب عبد الجليل الجالودي
talabJ@yahoo.com