عاطف الكيلاني 16/7/10 م ...
أشهد الله أن سياسيي بلادنا أذكياء ! ولكن ( أيضا ) أشهد الله أن ابناء شعبنا الفقراء والبسطاء أذكى من سياسييه ! ودليلي على ذلك بالنسبة للشق الأول ، أن السياسيين أذكياء ، هو قدرتهم المذهلة على الصمود والإستمرار لعقود متوالية يتسنّمون المواقع الأولى في السلطتين التشريعية والتنفيذية ... يلبسون لكل مرحلة عمرية لبوسها ، ويحاولون ما أسعفتهم الحيلة تأطير استمرارهم ( المرفوض شعبيا ) بتنظيرات جديدة تبرر ضرورة هذا الإستمرار وهذه الديمومة ، وإلاّ ، فكيف نفسّر استمرارهم و( كفاحهم المرير ) من أجل البقاء على رأس مؤسسات الدولة ، ومن أجل بقاءهم ( في الصورة ) ؟ سلوك إجتماعي أصبح جزءا أصيلا من حياة السياسيين المخضرمين في بلادنا ، ونقلوه الى الأجيال الجديدة من الأبناء والأحفاد ....
في بلادنا ( فقط في بلادنا ) من اليسير جدا ومن الممكن جدا أن يترأّس رئيس وزراء سابق جاهة لطلب يد عروس لعريس ثريّ ابن ثريّ ... نعم ... حتى عندما يتقاعد السياسي في بلادنا ، نراه يبحث بحثا متواصلا ، فلا يكلّ ولا يملّ ، من أجل البقاء ( في الصورة ) .... علاقات عامة ؟؟ نعم ... إنها لكذلك ... ومن يقول غير ذلك ، فإنه لا يقول الصدق ... جزء من منظومة أخلاقية طارئة وجديدة على مجتمعنا الأردنيّ ؟؟ منظومة ، من أهم ملامحها انتشار النفاق الإجتماعي على كل المستويات ؟؟ نعم ... إنها لكذلك أيضا وأيضا ...
وكجزء مهم وأساسي و( ضروري ) من هذه العملية المعقدة لتلميع صورة السياسي ( شعبيا بشكل خاص ) ، أصبحنا نجد السياسي ( المتقاعد والعامل ) يفطر مع عمال الإسفلت في إحدى قرى الطفيلة مثلا ، وقد يتناول وجبة الغداء ( هو أو غيره ) في أحد المطاعم الشعبية على سقف السيل ، أما وجبة العشاء ، فمكان تنا ولها الطبيعي يكون في نفس المطعم الشعبيّ المشهور الذي طالما قدّم الوجبات الرخيصة ( نسبيا ) لفقراء شعبنا وبسطاءه ... ويبقى التساؤل : هل يعتقد هؤلاء السياسيين أنهم بهكذا سلوك ( فعلا ) يتقربون من شعبهم ؟ يساعدون ابناء شعبهم على حل المشاكل المستعصية التي يعيشها ؟ وهل ما زالوا يعتقدون أن شعبنا ساذج إلى هذه الدرجة ، ليصدّق أنهم ( متواضعون ) بهذا الشكل وإلى هذا الحد ؟
شعبنا الأردني أيها السادة أكثر ذكاء منكم ... لا تنطلي عليه مثل هذه الأساليب التضليلية ... إنه ( الشعب ) يعلم تمام العلم أن هذا ليس هو نمط حياتكم ... يعلم أن ليس للحمص والفول والفلافل و( الطبخات الشعبية ) مكانا على موائدكم العامرة في بيوتكم ( أعني قصوركم ) ... إنه ( الشعب ) يعلم أن ما يصرفه أحدكم على مجموعة الكلاب والقطط التي يقتنيها في قصره في شهر واحد تكفي عشرة أسر لمدة عام كامل ... فرفقا بعقولنا أيها السادة ... نحن لا نحسدكم على ما أنتم فيه من نعيم ... ولكننا ( نسألكم بالله ) أن تكفوا عن ( استهبالنا واستغفالنا والتذاكي علينا ) ....عيشوا حياتكم كما هي دون محاولة لتجميلها ، فالطابق مكشوف ...ولنا رجاء آخر وأخير : كفوا عن مزاحمتنا في لقمة عيش فقراءنا ... كلوا و ( خذوا ) أنتم الكافيار وعناصر المائدة الإيطالية والفرنسية ، واتركوا لنا الفلافل والحمص والمقلوبة ( التي قد تكون على ماجي وليس على دجاج ) والمفتول والخبيزة ... كل ما قد نستفيده كفقراء من سلوككم المضلل هذا ، هو ان ننتظر من أصحاب المطاعم الشعبية التي استضافتكم زيادة في سعر حبة الفلافل وصحن الحمص ... سامحكم الله ....