زاد الاردن الاخباري -
لم يبدُ المشهد الذي جمع الملك ورؤساء الوزراء مساء الأحد مألوفا للأردنيين، كما لرؤساء الوزراء أنفسهم، الذين أطلع بعضهم على ان اللقاء جاء مختلفا وله طابع وطني شديد العمق بتقديراتهم الشخصية.
اللقاء الذي جمع الملك عبد الله الثاني ورؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على استلام الحقيبة الأثقل في الحكومة، وإدارة شؤونها في مراحل مختلفة، عاشت فيها المملكة العديد من التقلبات، بدا ذا رسائل عميقة، وفقا لمتابعي محاوره، الأمر الذي بدأه الملك بالحديث عن "ألف باء المشهد الاقليمي".
الملك في اللقاء، ووفقا للخبر الذي بثته وكالة الأنباء الرسمية "بترا"، تحدث لرؤساء الوزراء الذين كان من ضمنهم شخصيات معروف اختلافها مع بعضها بعضا، عن الاستراتيجية الأردنية في التعامل مع المسائل الخارجية، في "استعراض كافٍ ووافٍ" حسب ما وصفه رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، والذي كان حاضرا في اللقاء.
الملاحظ من اللقاء كان تحدث الملك عن الاستراتيجيات من أساسها، الأمر الذي رآه مراقبون "تأسيسيا لمرحلة جديد"، في الوقت الذي اعتبره رؤساء حضروا الاجتماع، تأكيدا من الملك على ان كل من في الاجتماع "على أرضية واحدة" من المعلومات، في ضوء تنوع اهتماماتهم وتفاوت اطلاعاتهم على كل ملف من الملفات التي طرحها رأس السلطة التنفيذية، الملك عبد الله الثاني.
رؤساء الحكومات الذين استطلعت آراءهم بدا لديهم ميل واضح للانضواء تحت العباءة الهاشمية، الأمر الذي اعتبر المراقبون له أن الملك وجه فيه رسالة غير مباشرة للرؤساء أنفسهم وللأردنيين والخارج، موضحين أنه أبرزهم كرجالاته المخلصين الذين يشاورهم في صورة تؤكد عدم "ركن أحد منهم على الرف السياسي" وفق وصف مراقبين.
لغة الرؤساء في حديثهم تضمنت الكثير من التثمين للخطوة المذكورة، التي اكد رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، والذي حضر اللقاء أيضا، على كونها مختلفة حتى في دلالاتها عن اللقاءات التي كانت تجمع أيا منهم مع الملك بصورة فردية سابقا.
الاتجاه لتوسيع دائرة المشورة، بدا واضحا حتى في صياغة خبر وكالة الانباء الذي تحدث عن "تبادل وجهات النظر" بين الملك ورؤساء الوزراء، الذين كان بينهم معظم الرؤساء السابقين عدا الرئيسين عبد السلام المجالي ونادر الذهبي الموجودين خارج البلاد موعد اللقاء.
الحديث عن الشأن الخارجي، بدا من المعلومات التي رشحت مكتملا بما قاله الملك للرؤساء عن الطريقة الأردنية في التعاطي مع الأزمات الخارجية، الأمر الذي أشاد معظم الرؤساء به أمام الملك، ولم يكن عليه الكثير من التعقيب.
بعض من الرؤساء الذين حضروا أيضا أكدوا أن اللقاء الذي جاء مختلفا بطابعه حمل الكثير من المفاجآت لهم عن بعض سلفهم/ خلفهم في الرئاسة، مشددين على "صراحة ومكاشفة واختلاف وجهات نظر" شملهم اللقاء.
وأكد الرؤساء أن الملك لم يترك اللقاء، وحضره كله ليطلع على المعلومات التي وصفها بعضهم بـ"الصريحة جدا" التي أدلى بها بعضهم. الحوار الذي بدأه رؤساء الوزراء والذي جاء بعد استعراضين تحدث بأولهما الملك عن الوضع الخارجي وتطرق بجزئية صغيرة للداخل، إذ قال وفقا لما نشرته "بترا" إن "تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين ومواجهة مشكلتي الفقر والبطالة يتصدران سلم الأولويات"، مؤكدا ضرورة تضافر جهود الجميع لتحسين الواقع المعيشي للمواطن وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب، الذين هم عماد مستقبل الأردن.
الاستعراض التالي، بدأه رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور للحديث عن سياسة حكومته، الأمر الذي يبدو أنه سمع في سياقه "نقدا عميقا" من رؤساء آخرين، بحضور الملك، خصوصا فيما يتعلق بالخطط الاقتصادية للحكومة.
الحديث للنسور عبر أسلافه كان تحت عنوان واحد توافق على توصيف عدد من الحاضرين بأنه كان تنبيها على أهمية "الارتقاء بالوضع الداخلي ليضاهي السياسة الخارجية".
وجهات نظر مثرية للرؤساء أنفسهم كانت ضمن الجلسة التي حضرها من الرؤساء السابقين إلى جانب المصري والرفاعي: مضر بدران، زيد الرفاعي، أحمد عبيدات، عبدالكريم الكباريتي، علي أبوالراغب، فيصل الفايز، الدكتور عدنان بدران، الدكتور معروف البخيت، وعون الخصاونة، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، ورئيس مجلس الأعيان ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبدالرؤوف الروابدة، رئيس الديوان الملكي الهاشمي ورئيس الوزراء الاسبق أيضا الدكتور فايز الطراونة، إلى جانب مدير مكتب جلالة الملك الدكتور جعفر حسان.
الجلسة المذكورة، شملت حتى في الصور التي بثها الديوان صورة درامية لغرفة عمليات خاصة تحوي النخبة متباينة الآراء خصوصا مع وجود رؤساء مخضرمين إلى جانب روح شباب في اجتماع واحد، حول طاولة مستديرة، وجه عبرها الملك رسالته واضحة بكونهم رجالات الدولة المباشرين، وفرسان مائدتها المستديرة.
المرحلة المقبلة على المملكة تبدو داخلية تماما بعد تدقيق تفاصيل اللقاء المذكور، والذي اعتبره المراقبون رسالة أيضا للحكومة الحالية توعز لها بالمشاورة خصوصا بعد التباين الكبير الذي بدا بين وجهات نظر الحاضرين أمام الملك.
العرب اليوم