زاد الاردن الاخباري -
أطباء التخدير هم اول من يقابلهم المريض في غرفة العمليات سواء بالوجوه او بالاصوات وهم ايضا اول من يقابلهم بعد الانتهاء من العملية. وعلم التخدير والانعاش هو علم واسع وكبير له أهميته ومخاطره أيضا ، فكم من الصعب التخيل ان تجرى العمليات الجراحية بدون التخدير؟.
يقول استشاري التخدير والانعاش في مستشفى الاردن الدكتور معاوية عبابنة إن التخدير في العلم والطب يمثل عالما غريبا محاطا بجملة من الصور النمطية المبنية على افكار مغلوطة وخاطئة ، وقد اسهم بعض الأفراد غير العالمين بهذا العلم الذي شهد تطورا مطردا على مدار العقود الماضية الى ان وصل الى ارقى مستوياته وتقنياته في وقتنا الحالي حيث اسهم هؤلاء الافراد بخلق هذه الصورة المغلوطة المتعلقة بالتخدير.
واوضح عبابنة في حديث لـ"الدستور" أن التخدير أصبح اليوم علما متكاملا وفنا دقيقا لخدمة الانجاز الطبي والجراحي ولرفع المعاناة والألم عن ملايين المرضى الذين يتعرضون لعمليات جراحية تحتاج لعلم التخدير والإنعاش كأساس لنجاحها.
وبين الدكتور عبابنة ان طبيب التخدير يقوم بدور حيوي وهام منذ التقائه بالمريض قبل العملية بفترة من الزمن ، مشيرا الى ان هذا اللقاء يتيح لطبيب التخدير معرفة جوانب متعددة من شخصية المريض من خلال التعرف على عاداته وامراضه من حيث الصحة العامة والأدوية والعقاقير التي يتناولها واذا كان المريض الذي سيخضع للعملية مدخنا ام لا واذا اجريت له عمليات سابقة ام لا وفي حالة اجراء اي عملية سابقة كيف كان تأثير البنج عليه حيث ان هذه المعلومات بحسب عبابنة لها اهمية كبيرة لاجراء العملية وقد تستوجب بعض الأمور المتعلقة بصحة المريض العامة من تأخير موعد العملية وهو أمر ضروري لضمان شروط السلامة.
وعن انواع البنج المتوفرة قال إنه اضافة الى الأنواع الرئيسة من البنج المستخدم للعمليات يعطى في بعض الأحيان واثناء انتقال المريض للعملية عقار يؤدي الى الشعور بالنعاس والهدوء الأمر الذي يهيئ بشكل جيد للعملية ، ويعطى هذا العقار على شكل حبوب او حقنة بالعضل ويمكن في بعض الاحيان الا يتذكر المريض بعد ذلك ما جرى نتيجة لهذا العقار.
اما انواع البنج فيوضح عبابنة انهما نوعان رئيسان هما البنج العام والبنج الموضعي: والعام هو الاكثر شيوعا في العمليات الجراحية ومن شأن هذا النوع من البنج ان يفقد المريض الوعي تماما في غرفة العمليات بحيث لا يشعر باي نوع من الألم ويفقد الاتصال مع من حوله حتى انتهاء العملية.
اما البنج الموضعي فهو الذي ينحصر في منطقة معينة من الجسم حيث إن المريض لايشعر بألم في ذلك الجزء من الجسم اثناء العملية ، ويستخدم البنج الموضعي احيانا مع دواء مهدئ ليجعل المريض في حالة هدوء ونعاس لكن من الممكن ان يسمع المريض المحادثة او حتى ان يجيب عن الاسئلة الموجهة له.
واوضح ان هناك طرقا متعددة للبنج الموضعي حيث يقوم طبيب التخدير بشرح الكيفية المقررة للمريض في البنج.واشار الى ان الطبيب احيانا يقرر ان تجرى العملية للمريض باسلوب البنج النصفي المسمى (القثطرة الشوكية) ويحقن الدواء المخدر في هذه الحالة في الظهر حيث يتم تخدير الحبل الشوكي وهي طريقة شائعة هذه الايام كثيرا وينصح بها في حالات معينة وقد تكون اكثر سلامة من التخدير العام في بعض الحالات المرضية.وبين الدكتور عبابنة انه في هذه الحالة يعطى للمريض العديد من السوائل عن طريق الابرة الوريدية ثم يطلب من المريض ان يتخذ وضعا معينا مثل الاستلقاء على الجنب او الجلوس.
وفي هذا الاسلوب يتم تخدير المنطقة المعنية بالجراحة مع امكانية بقاء المريض بوعيه كاملا او جزئيا ولكن بدون ألم اطلاقا ويتلاشى تأثير البنج النصفي تدريجيا بعد انتهاء العملية.
واشار الدكتور عبابنة الى ان التخدير وصل الى ارقى المستويات وحقق ارفع درجات السلامة والأمان ورغم كل ما تحقق فان بعض المضاعفات يمكن ان تحصل تبعا لبعض الحالات المرضية مثل (مرضى السكري والمضاعفات التنفسية او ضغط التوتر الشرياني العالي). ومن هنا نؤكد ضرورة اخبار طبيب التخدير من قبل المريض عن تفاصيل تاريخه المرضي ومواجهته بأي تساؤلات يمكن ان تخطر في باله او اي تخوفات.
ومن اسباب السلامة ، بحسب الدكتور عبابنة ، انه لابد من ان يلتزم المريض بالامتناع عن تناول الطعام والشراب قبل اجراء العملية لأن تواجد الطعام في المعدة يمكن ان يؤدي الى الاستفراغ اثناء البنج الأمر الذي قد يؤدي الى مضاعفات كبيرة مثل الاستنشاق في الرئتين ، موضحا ان الامتناع عن الطعام والشراب لا يطلب فقط في البنج العام فيمكن ان يُطلب ايضا في البنج الموضعي وعلى المريض ضرورة الالتزام بذلك: لصحته وسلامته.
وبين الدكتور عبابنة ان مهمة طبيب التخدير كبيرة جدًا ومستمرة مع المريض ففي الوقت الذي يؤمّن طبيب التخدير التنفس بحرية للمريض أثناء العملية وأثناء غيابه عن الوعي من خلال وضع انبوب في الفم او القصبات الهوائية يتخذ كافة الاجراءات للعناية ايضا بالأسنان حيث إن بعض الأسنان غير الثابتة او الجسر يمكن ان تتعرض للتلف اثناء عملية التخدير.
وبين عبابنة أن طبيب التخدير يبقى مرافقا للمريض في غرفة العمليات ليضمن له السلامة كما سيضمن له الصحو بدون ألم عند الانتهاء من العملية ، مشيرا الى انه يوجد العديد من الأجهزة التي تستخدم اثناء العملية لمراقبة الضغط الشرياني ونبضات القلب وكمية الاوكسجين في الدم اثناء البنج كما يمكن ان توضع بعض هذه الأجهزة حتى قبل خلود المريض الى النوم وهي غير مؤلمة على الاطلاق.
ولفت الدكتور عبابنة الى ان مهمة طبيب التخدير لا تنتهي بمجرد انتهاء العملية ولكن يقوم بالعمل على افاقة المريض في الغرفة المجاورة حيث يوجد ممرضون مدربون في هذا المجال للمساعدة في جميع الأوقات والوقوف الى جانب طبيب التخدير عند الحاجة.
عمان ـ الدستور ـ كوثر صوالحة